سيحدّد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان خلال الأيام المقبلة موعداً لرئيس جمعية المقاصد فيصل سنّو ووفد من مجلس الأمناء بعد اطّلاعه على الضمانات التي ستُرسل إليه وتأكّده من تنفيذ ما تمّ التعهد به.
وكان سنّو قد طلب موعداً من بداية الأزمة المقاصديّة، إلا أنّ دار الفتوى لم تستجِب له، بانتظار تنفيذ ما طلبته عبر الموفد الذي أرسلته إلى اجتماع مجلس الأمناء، والذي لم يتمّ التجاوب معه في حينه. لكنّ المجلس عاد في اجتماعه الأخير إلى التعهّد بتنفيذ كلّ هذه المطالب المتمثّلة في:
1- إعادة أسماء أمّهات المؤمنين إلى مدارس المقاصد كما كانت.
2- اعتماد الشعار القديم للجمعية المتمثّل بقرآن مفتوح كُتب في وسطه الآية القرآنية: “وقُلْ ربِّ زدني علماً”.
صدمة إفطار الأشرفيّة
لماذا رفض فيصل سنّو ومجلس أمنائه مطالب المفتي، التي حملها إليهم المسؤول الإعلامي في دار الفتوى، الذي هو في الوقت نفسه المسؤول الإعلامي في جمعية المقاصد، الزميل خلدون قواص؟ ولماذا اليوم عاد سنّو ومجلسه إلى الموافقة على هذه المطالب؟
تمكّنت بيروت بنبضها المجتمعي وبالأنا الجماعية أن تخوض معركة “المقاصد” بنجاح، رافضة الهيمنة مهما كان اسمها وشكلها ومواصفاتها، وملتزمة الاستقلالية والشفافية والاعتدال
شكّل الإفطار الذي دعا إليه سنّو في أحد مطاعم منطقة الأشرفية رسالة قاسية لثلاثة أسباب:
1- المقاطعة البيروتية الكبيرة للإفطار وغياب المرجعيّات الإسلامية الثلاث شخصياً أو من يمثّلها، فاضطرّ سنّو إلى استحضار مفتي طرابلس السابق الشيخ مالك الشعّار بمعيّة عضو مجلس الأمناء بسام برغوت. ويعود هذا التوافق بين الرجلين إلى أنّهما يجتمعان على تباينات مشتركة مع دار الفتوى ومرجعيتها. واستدعى سنّو عدداً من الموظفين في الجمعية لملء الكراسي والطاولات.
2- كلمة وزير الصحة فراس الأبيض، الذي مثّل رئاسة الحكومة في الإفطار، جاءت بمنزلة رسالة سياسية واضحة لسنّو ومجلسه بأنّ ما فعلوه ليس خطأ بل خطيئة، وأنّ عليهم مصالحة المرجعية الدينية، وهي نصيحة توازي التهديد بالعزل السياسي بعد العزل الديني.
3- وصول معلومات لسنّو ومجلسه عبر أكثر من مصدر تفيد أنّ عدداً كبيراً من الجمعيات البيروتية الإسلامية والاجتماعية تُحضّر لعقد لقاء موسّع خلال هذا الأسبوع لإصدار بيان شديد اللهجة، وإقرار سلسلة خطوات ميدانية لدفع سنّو ومجلسه إلى الاستقالة، وتعيين مجلس مؤقّت لإدارة الجمعية استناداً إلى الدعوى القضائية المرفوعة ضدّ سنّو ومجلسه أمام القضاء اللبناني والتي تطالب بتعليق نتيجة الانتخابات الأخيرة التي تشوبها مخالفات قانونية واضحة.
وساطات بالجملة
على خلفيّة كلّ ما سبق، لجأ فيصل سنّو إلى طلب الوساطات الموجودة لتفادي الأسوأ، معتبراً أنّ النجاة من الاستقالة أو الإقالة هي المكسب الكبير وسط هذه الظروف. وأبرز تلك الوساطات كانت وساطة قادها الوزير فراس الأبيض انطلاقاً من كلمته في إفطار الأشرفية. وتلقى دعم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتيار المستقبل والرئيس فؤاد السنيورة.
فتحت جدّيّة الوساطة ومأزق فيصل سنّو كوّة في جدار دار الفتوى. إذ كان المفتي دريان يتابع كلّ ما يحصل بدقّة وعناية، فكانت توجيهاته إلى خطباء يوم الجمعة الفائت أن يلتزموا التهدئة والتريّث لإنجاح مساعي الخير وتجنيب المقاصد مزيداً من الخسائر، وأكّد لكلّ من التقاه أنّ مطالب دار الفتوى ليست للمساومة، بل للتنفيذ بالتزام واضح ومضمون لأنّ المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرّتين.
بانتظار ما سيلتزم به فيصل سنّو ومجلسه سيتحدّد مصير اللقاء مع المفتي دريان وكوكبة من المشايخ والعلماء، وذلك لتأكيد المؤكَّد المتمثّل في أنّ دار الفتوى مرجعية كلّ المؤسّسات والجمعيات الأهلية الإسلامية في لبنان.
إقرأ أيضاً: لماذا أخفى فيصل سنّو خطاب الإفطار؟
هامش:
تمكّنت بيروت بنبضها المجتمعي وبالأنا الجماعية أن تخوض معركة “المقاصد” بنجاح، رافضة الهيمنة مهما كان اسمها وشكلها ومواصفاتها، وملتزمة الاستقلالية والشفافية والاعتدال. نجاح بيروتيّ آخر يؤكّد أنّ دار الفتوى هي المرجعية كما حصل خلال الانتخابات النيابية الأخيرة التي أهمل فيها الناس كلّ النداءات ملتزمين نداء المفتي دريان بالتصويت في صناديق الاقتراع. هي بيروت التي لا تموت.
أمّا حصة موقع “أساس” من انتصارات الإفتاء فتتنازل عنها لصاحب السماحة.
لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@