يُعرّف الرئيس نجيب ميقاتي أصل اسم عائلته على صفحته الرسمية قائلاً: “اسم الأسرة عربيّ بمعنى العالم بالميقات والتقويم، وهي وظيفة مهمّة في المؤسسات الدينية كان يتولّاها مؤذّن عارف بالفلك و”علم الهيئة”، يسمّونه “الميقاتي”، معتمداً في تحديد الزمن على الساعة الرملية وغيرها من الآلات”.
أخطأ نجيب ميقاتي حيث لم يخطئ أجداده الكبار، ملحقاً بتعريف اسم عائلته خطأ غير مسبوق، سامحاً للتاريخ أن يكتب أنّ ميقاتيّاً من الميقاتيّين بالتكافل والتضامن مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي أخطأ في تحديد الميقاتِ للناس، فقرّر ثمّ عاد عن قراره ما جعل عقارب الساعة ترتبك، فترتبك معها حياة اللبنانيين حتى كاد الخطأ يتحوّل إلى فتنة طائفية تأتي على البلاد والعباد.
الشاطر ميقاتي
يمتلك الرئيس ميقاتي مواصفات “الشاطر” في الوصول إلى رئاسة الحكومة، إلا أنّه يفتقر إلى الكفاية في تحمّل مسؤولية الحكم وإدارة الحكومة.
أخطأ نجيب ميقاتي حيث لم يخطئ أجداده الكبار، ملحقاً بتعريف اسم عائلته خطأ غير مسبوق، سامحاً للتاريخ أن يكتب أنّ ميقاتيّاً من الميقاتيّين بالتكافل والتضامن مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي أخطأ في تحديد الميقاتِ للناس
لقد فعلها ثلاث مرّات بفطنة وحنكة ودهاء. إذ دخل السراي الحكومي الكبير في 2005 تحت عنوان ربط النزاع بين المتخاصمين إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري. في المرّة الثانية فعلها عام 2011 عندما انقلب على تعهّده في منزل الراحل فريد مكاري مستعيناً بالقمصان السود ومحورها. في الثالثة عام 2021 فعلها مستعيناً بالصبر والانتظار، فكان بدلاً عن ضائع في زمن الاعتكاف والهجرة السياسية لزعيم بُدّدت زعامته ولرئيسَيْ حكومة سابقين تعاملا مع الأمر على قاعدة أن “ليس في الميدان غير حديدان”.
ما زرعه ميقاتي في حكومته الأولى عام 2005 لجهة الحيادية والوسطية من دون الخروج عن الإجماع في بيئته وطائفته، بدّده عام 2011 متسلّحاً بجملة يحفظها من كتب الفقه وعلوم الدين. تقول القاعدة: “الضرورات تبيح المحظورات”. انتظر ما يزيد على 10 سنوات ليصلح ما أفسده في ثلاثة أيام، فوُلدت حكومته عام 2021 والبلاد تكاد تكون في خبر كان. جاءت فرصته الذهبية في أن يحقّق أيّ أمر، لا سيّما أنّ ضيق الناس يجعل ما يتحقّق، سواء كان صغيراً أم كبيراً، واضحاً للعيان.
صفر إنجاز
لم تحقّق حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة أيّ شيء في السياسة والنقد والاقتصاد والدستور وصولاً إلى القضاء. على الرغم من تحدّثها ووعودها عند تشكيلها بكلّ شيء.
استسلم ميقاتي لنائبه سعادة الشامي في معالجة الأزمة النقدية، فما اقتنع ميقاتي بنصائح الناس ولا أقنع الشامي الناس والقطاعات المختصّة بكلّ ما طرحه من خزعبلات إصلاحية رفضها صندوق النقد الدولي قبل أن يستنكرها أبناء الوطن في الحكومة وخارجها.
سعى الرئيس ميقاتي إلى حلّ كلّ شيء فما استطاع أن يحلّ أيّ شيء. غابت الخطة والرؤيا والعزيمة، كأنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غنّى له كي يستأنس، فاسترخى ميقاتي حتى نام. كان يكفيه أن يتصدّى لملفّ واحد من الملفّات الساخنة اسمه ملفّ الكهرباء، فلو حقّق بعضاً من ساعات التغذية بعد طول انقطاع لكرّس زعامة ليس في مدينته طرابلس فحسب، بل في كلّ أصقاع البلاد. لكن على العكس غابت الكهرباء كلّياً عن مدينته وسائر المدن، وبات طموح اللبنانيين أن تأتي حتى لو ساعة واحدة في النهار.
إقرأ أيضاً: عن شريط الأستاذ والنجيب
أزمة الرئيس ميقاتي أنّه يفعل المستحيل، يجنّد كلّ عناصر القوّة والتفاصيل من أجل الوصول إلى السراي الحكومي، وحين يصل يكرّس كلّ مواهبه من أجل البقاء في السراي معتقداً أنّ أسباب الوصول تمكّنه من البقاء، فيما القاعدة تقول إنّه ليس كلّ زواج من شأنه أن ينتج أطفالاً. عقد القران شيء والإنجاب شيء آخر، وتربية الأطفال بعد ذلك حنكة وحكمة وتضحية وقيَم وأخلاق.
صدق الرئيس ميقاتي حين قال أمس الأول إنّ قدرته على التحمّل شارفت على النفاد. لكنّه نسي أنّه قبل أشهر خاطب اللبنانين قائلاً: “علينا أن نتحمّل بعضنا في هذه الأيام العجاف”. يتحدّث الرئيس نجيب ميقاتي منذ فترة في مجالسه عن أنّه ملّ السلطة وأنّه يتّجه للاعتزال. هذا كلام يشبه أنشودة المطر عند بداية موسم الشتاء.
لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@