واشنطن للأسد: افتح سجونك.. لنوقف العقوبات

مدة القراءة 5 د

تصدّر الانفتاح العربي على نظام الرئيس السوري بشار الأسد اهتمامات وفد المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان، الذي ضمّ فارس سعيْد ولينا التنّير وتوفيق كسبار، في أثناء زيارته باريس في النصف الثاني من شباط الماضي. وكان من البديهيّ أن يكون هذا العنوان في دائرة اهتمام الوفد، لكن لم يكن متاحاً الوصول إلى معطيات رسمية تشرح ما يجري في العاصمة الفرنسية، ولا سيّما ما يتّصل بعمل اللجنة الخماسية التي جمعت ممثّلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر.

لكن كان متاحاً الاطّلاع على جولة الأفق التي أجراها فارس سعيد مع دوائر إعلامية فرنسية قادرة على الوصول إلى مصادر المعلومات.

فماذا عن موضوع بشار الأسد في هذا الإطار؟

 

عُمان تتوسّط للأسد؟

على المستوى الفرنسي لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تتعامل بحذر مع الخطوات العربية الأخيرة في اتجاه دمشق، والتي توّجها وزير الخارجية المصري سامح شكري بزيارته العاصمة السورية ولقائه الأسد.

وفق معطيات في بيروت وباريس، هو يستكشف آفاق أن يفتح العُمانيون نوافذ الحوار المغلقة بين دمشق وواشنطن

في نظر الراغبين بإعادة اللحمة إلى الصف العربي قبيل القمّة العربية المرتقبة في الرياض، قد يبدو الحذر الأميركي “تدخّلاً” من خارج العالم العربي. لكن هذا لا يفسّر قيام الأسد بزيارة وحيدة خارج سوريا في الآونة الأخيرة، وتحديداً إلى سلطنة عمان. فهو لم يزُر دولاً أقدمت على مبادرات سخيّة نحو سوريا لمواجهة نتائج الزلزال المدمّر. ومن هذه الدول، على سبيل المثال لا الحصر، دولة الإمارات العربية المتحدة التي حضر وزير خارجيّتها الشيخ عبد الله بن زايد بنفسه إلى دمشق ليواكب وصول المساعدات والإعراب عن التضامن.

حسب معلومات صحافية في العاصمة الفرنسية، لم تكن مسقط في يوم من الأيام دولة على خصام مع النظام السوري منذ بدء الربيع العربي واندلاع الثورة ضدّ الأسد عام 2011. ولذا تأتي زيارة الأسد لمسقط في إطار علاقات طبيعية لم تنقطع أبداً بين الجانبين. لكنّ الزيارة تندرج في سياق دور سلطنة عمان في هندسة العلاقات الغربية عموماً، والأميركية خصوصاً، مع دول ما يسمّى “محور الممانعة” بقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. مع التذكير بالدور العماني الذي كان مهمّاً لإنجاز الاتفاق النووي بين إيران والغرب عام 2016.

يبدو أنّ نظام الأسد ليس جاهزاً للسير في المطالب الأميركية، ولهذا ستطول عزلته على المستوى الغربي وجزئياً على المستوى العربي

المطالب الأميركيّة

إلامَ يسعى الأسد في مسقط؟

وفق معطيات في بيروت وباريس، هو يستكشف آفاق أن يفتح العُمانيون نوافذ الحوار المغلقة بين دمشق وواشنطن. وتفيد المعطيات في مسقط أنّ الوقت لم يحِن بعد لكي يُعاد فتح هذه النوافذ. وإذا حصل تطوّر إيجابي في هذا الاتجاه، فعلى قاعدة مطالب أميركية في مقدَّمها السير قدماً في تنفيذ موجبات قرار مجلس الأمن 2254، المتّخذ بالإجماع في 18 كانون الأول 2015، والمتعلّق بوقف إطلاق النار والتوصّل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا.

لا يرى الأميركيون أنّ مثل هذا القرار يسقط بمرور الزمن، ويعتبرون أنّ “شهادة حسن سلوك” التي يسعى إليها الأسد ترتبط بجملة خطوات منها: فتح السجون السورية لتصبح تحت إشراف دولي وبرعاية الصليب الأحمر الدولي، للاطّلاع على أحوال مئات ألوف المعتقلين الذين يموتون تباعاً تحت التعذيب، ونتيجة غياب معايير العدالة المتعارف عليها عالمياً.

حتى الآن يبدو أنّ نظام الأسد ليس جاهزاً للسير في المطالب الأميركية، ولهذا ستطول عزلته على المستوى الغربي وجزئياً على المستوى العربي.

 

رفض التطبيع مستمرّ

أمّا زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري دمشق، فقد جاءت بعد زيارة الأسد مسقط وأشارت إلى أنّ زيارة الأسد العُمانية لم تكن مثمرة. فالوزير المصري أعلن صراحة أنّ زيارته دمشق “أهدافها إنسانية” فقط. وهذا موقف مماثل للّذي أكّدته وزارة الخارجية الأميركية بإعلانها أنّ “الأهداف الإنسانية” لا تلغي “رفض التطبيع الطويل الأمد مع النظام السوري”. وكانت قد دعت “جميع البلدان إلى التركيز على الاحتياجات الإنسانية للشعب السوري عقب الزلزال المدمّر الذي ضربها”، وقال المتحدّث باسمها نيد برايس إنّ “الوقت ليس مناسباً لتطبيع العلاقات أو تحسينها مع نظام الأسد”.

في موازاة الثقل المصري على المستوى العربي، هناك الثقل السعودي الذي كان في دائرة الضوء من خلال مواقف أدلى بها وزير خارجية المملكة فيصل بن فرحان خلال مشاركته الأخيرة في منتدى ميونخ للأمن. ورافقت هذه المواقف تكهّنات باحتمال أن يقوم الوزير بن فرحان بزيارة دمشق ورعاية عودة فتح السفارة السعودية فيها إيذاناً باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين المقطوعة بقرار عربي منذ أحداث عام 2011.

إقرأ أيضاً: لن تنقذوا بشّار الأسد

لكن ما هي النتائج التي يمكن أن يسفر عنها الانفتاح السعودي مجدّداً على النظام السوري؟

يعتقد دبلوماسيون، حسب مجلة “إيكونوميست” البريطانية في عددها الأخير، أنّ “المملكة العربية السعودية يمكن أن تعلن تقارباً مع سوريا في القمّة العربية المقبلة، التي تُعقد عادة في آذار (وتستضيفها السعودية هذا العام). وقال مسؤول بوزارة الخارجية السعودية إنّ للتقارب شروطاً أهمّها أن ينأى الأسد بنفسه عن رعاته الإيرانيين. وهذا أمر قد يوافق عليه مبدئياً من دون خطوات عمليّة”.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…