لم تكن حصيلة الجلسات العشر الرئاسية مُرضية لأفرقاء المواجهة، فقد صار الواقع على الشكل التالي:
ـ كرّس معسكر الأوراق البيض واقع التشرذم بين أعضائه لناحية العجز عن التوافق على اسم مرشّح محدّد، وانتهى الأمر بخلاف غير مسبوق بين التيار الوطني الحر وحزب الله، ظاهره حكوميّ وأساسه مرتبط بالتباعد في الحسابات الرئاسية.
ـ خسارة حزبَيْ القوات والاشتراكي لمعركة مرشّحهما النائب ميشال معوّض الذي لم يتمكّن من منافسة كتلة الأوراق البيض بعدما تناقص عدد مؤيّديه، والاستعداد في الكواليس للبحث عن اسم آخر أكثر قابلية للتسويق والتفاوض عليه. لكنّ أوساطاً معنيّة تؤكّد لـ “أساس” أنّ “اسم معوّض لا يزال ثابتاً وسيطرحه داعموه في الجلسة الحادية عشرة يوم الخميس. ولن نغيّر هذه الاستراتيجية إلا ضمن مشاورات بين أطراف المعارضة تقود إلى التوافق على اسم آخر ينال موافقة ما يقارب 65 صوتاً”.
ـ انقسام فاضح لدى نواب قوى التغيير حوّلهم إلى متاريس تبارزت بالأسماء والترشيحات ووصلت إلى حدّ التخوين المتبادل.
مصدراً قريباً من باسيل ينفي لـ “أساس” كلّ حديث عن خيارات صداميّة في الملفّ الرئاسي، وتحديداً بوجه حزب الله
لغم على طريق باسيل
بناء على هذا المشهد، لن يكون سهلاً على النائب جبران باسيل “تنفيذ تهديده” بتبنّي اسم مرشّح رئاسي يخرج من مقرّ “مركزية التيار الوطني الحر” في ميرنا الشالوحي. وقبل أن يَصطدم باسيل بفيتو حزب الله والرئيس نبيه برّي يجدر به تجاوز “اللغم” داخل حزبه مع وجود شريحة نيابية واسعة، يَصدف أنّ أكثرية أعضائها من المُلتزمين حزبياً، لم توافق رئيسها منذ البداية على استراتيجيّة تعاطيه بالملف الرئاسي وصولاً إلى تأكيد أحد نواب التيار الوطني الحرّ لـ “أساس” أنّه “إذا اقتضى الأمر فلن نلتزم بالتصويت لاسم قد يقترحه باسيل من ضمن ما سمّاه “الخيار الثالث” في مواجهة سليمان فرنجية وقائد الجيش إذا لم نقتنع به، وسيكون هناك نقاش مفتوح ومن دون سقف داخل التكتّل. والأمور مش ع ذوقه”.
يضيف النائب نفسه: “لسنا في معرض مسرحيّة حرق أسماء. ما يجب أن يحصل هو العمل على توافق جدّيّ بين التيار والحزب وبرّي مع “لوبيينغ” يشمل استقطاب نواب آخرين لتأمين توافق قد ينضمّ إليه وليد جنبلاط ونواب من المعارضة. لكنّ طرح اسم بشكل أحاديّ من جانب التيار خيار لا يوافق عليه عدد من نواب التكتّل، خصوصاً أنّ باسيل تعاطى بكثير من الفوقية مع احتمال طرح اسم لرئاسة الجمهورية من داخل التكتّل من دون أن يسألنا رأينا”.
وأمس لم يتوصّل اجتماع الهيئة السياسية في التيار الذي عقد في منزل باسيل في البياضة، واستمرّ لأكثر من أربع ساعات إلى حسم إسم مرشح التكتل للانتخابات الرئاسية في ظل رفض باسيل القاطع لأي ترشيح حزبي من داخل التيار، ووسط تعارض كبير في التوجّهات بين بعض النواب ورئيس التيّار الوطني الحر. ومن المتوقع توزيع الأدوار في جلسة يوم الخميس بين الورقة البيضاء وشعارات محدّدة واسم مرشح معين من باب تسجيل موقف لا أكثر.
ورقة الأولويّات الباسيليّة
في ظلّ الغموض الرئاسي الكامل الذي يزيده حدّةً غياب أيّة مبادرة خارجية جدّيّة وشاملة، باتت كلّ السيناريوهات موضوعة على الطاولة، ومن بينها احتمال أن يخوض باسيل معركة رئاسة الجمهورية منفرداً، عبر طرح نفسه مرشّحاً رئاسياً، في معرض فرض ذاته على حليفه الأول حزب الله، وخصوصاً مع إصراره على رفض خيار فرنجية أو جوزف عون أو أيّ مرشح آخر من خارج الأسماء التي قد يقبل بها ويراها مطابقة لمواصفات “ورقة الأولويّات الباسيلية”.
في هذا السياق يؤكّد نائب من التيار الوطني الحر أن “ليس من السهل حسم مسألة المرشّح الثالث لعدّة أسباب، أوّلها اختلاف التوجّهات داخل التكتّل، مع العلم أنّ سير باسيل بهذا الخيار سيكون حكماً من دون التنسيق مع حزب الله. وهذه مشكلة بحدّ ذاتها”.
يؤكّد نائب من التيار الوطني الحر أن “ليس من السهل حسم مسألة المرشّح الثالث لعدّة أسباب، أوّلها اختلاف التوجّهات داخل التكتّل
هل يرشّح التيّار فريد البستاني؟
بدا لافتاً تلميح نائب الشوف فريد البستاني قبل أيام، وهو المعروف بقربه من باسيل، إلى إمكانية طرح ترشيحه لرئاسة الجمهورية. وفيما كان باسيل قد حسم سلفاً عدم تبنّيه ترشيح نائب من داخل التيار الوطني الحر، فإنّ عارفي رئيس التيار يرصدون تفريقه بين ترشيح نائب من التيار الوطني، وهو أمر مستحيل بالنسبة إليه، وبين ترشيح اسم حليف من داخل التكتّل، وهو أمر لا ينفيه بالكامل.
المفارقة أنّ من داخل المحور اللصيق بحزب الله مَن يدلّ بالإصبع على “وجود حالة توتّر كبيرة داخل صفوف التكتّل الذي يرأسه باسيل، وعلى وجود نواب وصلوا إلى البرلمان بسواعد الحزب. وكانت الحصيلة اهتزاز البيت الباسيليّ الذي قد لا يصمد طويلاً في حال تبنّى رئيس التيار خياراً صدامياً بوجه حزب الله وغير مرضي لبعض نواب التكتّل”.
لكنّ مصدراً قريباً من باسيل ينفي لـ “أساس” كلّ حديث عن خيارات صداميّة في الملفّ الرئاسي، وتحديداً بوجه حزب الله.
إقرأ أيضاً: الرئاسة.. الداخل غير موجود والخارج غير مستعجل
وجهة جديدة للتيّار.. لا ورقة بيضاء
يوضح المصدر: “باسيل ناشط سياسياً على أكثر من محور ويُجري اتصالات بعيدة عن الأضواء قد تفاجئ البعض بنتائجها لجهة توسّع مروحة الحوار والتنسيق”، نافياً وجود خلافات داخل التكتّل، “بل تباين في وجهات النظر، وهو أمر أكثر من طبيعي. وآخِرة ترجمات التنسيق بدأت بالتخلّي التدريجي عن خيار الورقة البيضاء والذهاب باتجاه تسميات أخرى، منها الميثاق، وحتى انفراد النائب الياس بو صعب بتسمية الوزير السابق زياد بارود لم يكن أمراً خارج إرادة رئيس التيار”.