على كلّ لبناني أن يخاف بجدّيّة مطلقة، بعدما قتل “أهالي” الجنوب اللبناني جنديّاً إيرلندياً من قوات حفظ السلام في الجنوب. فالذي “يفلت من العقاب” بعد قتل مواطن أوروبي، يتحدّث الإنكليزية، لن يكون صعباً عليه أن يفلت من العقاب إذا قتل “لقمانَ” آخر. والحال هذه، بات القتل “عادة”. ودم اللبناني لن يكون أغلى من دم الرجل الأوروبي الأبيض الذي يتحدّث بلغة “روما العصر”.
قبل أسابيع، كان الغرب قد “تأكّد” من أنّ مسيّرات إيرانية شاركت في قصف عاصمة أوروبية، وقتلت مدنيين أوروبيين، أوكرانيين تحديداً، ودمّرت “بنية تحتية” أوروبية. المسيّرات الإيرانية التي اعترفت طهران بأنّها أرسلتها، لكن “قبل غزو أوكرانيا”، بالتأكيد شاركت في قتل مدنيين أوروبيين.
لم يسبق لجيش “مشرقيّ” أن قصف أوروبا منذ 100 سنة، حين خرج الجيش العثماني من القارّة البيضاء، قبيل سقوط الإمبراطورية الإسلامية نهائياً في الحرب العالمية الأولى.
الجريمة، في جنوب لبنان، ستُقيَّد “ضدّ مجهول”، مثل كلّ الجرائم التي يعرف الغرب والعرب وأهل الجنوب وبيروت وكلّ لبنان مَن نفّذها. لكنّ خطورتها أنّها تعلن بوضوح: القاتل بات حرّاً في القتل
بات معروفاً أنّ أوروبا، و”الغرب” كلّه، سكتا عن احتلال روسيا وإيران بلاد الشام، من العراق الإيرانيّ، إلى سوريا المتعدّدة الاحتلالات والميليشيات، إلى لبنان الواقع تحت الاحتلال الإيراني السياسي والأمنيّ. ولأنّ “الكارما عاهرة”، بحسب المثل الأميركي، فقد “دارت الأيام” وأُكِلت أوروبا يوم أُكِل أهل سوريا والعراق ولبنان، تحت صمت أوروبي و”دوليّ” مدوٍّ.
اليوم “يتمادى” السلاح. “الأهالي” في جنوب لبنان تشبه قصّتهم قصّة “الذراع العسكرية” لهذه العائلة أو تلك. هو تقسيم “يرتاح” له الغرب، خصوصاً الدول التي تغضّ النظر عن التفريق بين “جناح سياسي” و”جناح عسكري” لحزب الله. اليوم بات هناك رسمياً “جناح الأهالي”، الذي يقتل جنوداً من “اليونيفيل”، ولا يحاسبه أحد.
إقرأ أيضاً: براءة الحزب.. من “الأهالي”
هذه الجريمة، في جنوب لبنان، ستُقيَّد “ضدّ مجهول”، مثل كلّ الجرائم التي يعرف الغرب والعرب وأهل الجنوب وبيروت وكلّ لبنان مَن نفّذها. لكنّ خطورتها أنّها تعلن بوضوح: القاتل بات حرّاً في القتل. ولسوء الحظّ، وحسن الفطن، أنّها تعلن للأوروبيين بشكل أكثر وضوحاً: لبنان جزء من الأمن القومي الأوروبي. حين يسكت “العالم” عن قتل لبنانيين، لن يطول الوقت قبل أن تسيل دماءُ هذا الساكت عن الحقّ، من لبنان… إلى كييف.