درس المونديال السياسيّ: “الفوز أهمّ من الاستحواذ”

مدة القراءة 4 د

ما هي الدروس السياسية التي يمكن استخلاصها من مسار مباريات كأس العالم في كرة القدم الجارية الآن في قطر؟

للوهلة الأولى قد يسأل البعض: ما هي العلاقة بين مبادئ مباريات كرة القدم وصراعات العالم السياسيّة؟

تعالوا نتأمّل بعمق مجموعة من النتائج التي استوقفتنا في هذه اللعبة الرياضية ونحاول إسقاطها على لعبة السياسة الدولية المعاصرة.

المبدأ الأوّل: لم يعد في كرة القدم قانون ينصّ على أنّ من يستحوذ على الكرة معظم الوقت هو المنتصر. ليست العبرة في “الاستحواذ”، لكن بإحراز الأهداف. ببساطة لو استحوذت على مفاصل الدولة لفترة طويلة من دون أن تحرز نتائج، فهذا لن يؤدّي بالضرورة إلى الفوز، إذ يكون النجاح في إحراز الهدف.

نهاية زمن “الكبار”

– المبدأ الثاني: الانضباط التكتيكي الصارم هو السبيل الأساسيّ للانتصار.

– المبدأ الثالث: القراءة الواعية والدقيقة من دون تهوين أو تهويل لقدرات الخصم تجعلك تُحسن إدارة المباراة.

– المبدأ الرابع: أن تعرف قدراتك الحقيقية وتستخدمها الاستخدام الأفعل في حدود إمكانيّاتك هي “الحكمة الكبرى”.

– المبدأ الخامس: فكر القائد في السياسة وفكر المدير الفنّي في الكرة مسألة جوهرية.

– المبدأ السادس: لا تلعب بدون خطّة واضحة يلتزم بها لاعبوك بشكل انضباطي صارم.

– المبدأ السابع: المرونة في تغيير أسلوب اللعب يجب أن تُطبَّق في حال حدوث مفاجآت غير متوقّعة.

– المبدأ الثامن: الروح المعنوية للفريق مسألة تصنع المعجزات.

– المبدأ التاسع: اللعب بروح الفريق بدون فرديّة وأنانيّة. تغليب مصلحة الفريق ككلّ من أهمّ عناصر الفوز.

– المبدأ العاشر: يجب ألّا تعرف اليأس حتى لو اهتزّت شباكك مبكراً، فالمباراة تنتهي فقط حينما يطلق الحَكَم صافرة النهاية.

– المبدأ الحادي عشر: التدريب الشاقّ والمستمرّ يؤهّلك لمواجهة الأزمات والظروف الصعبة.

– المبدأ الثاني عشر: اختيار أفضل اللاعبين على أساس تغليب المصلحة العامة من دون انحياز. فالفوز لا يعرف حبّاً أو كراهيةً أو أيّ شخصانيّة.

– المبدأ الثالث عشر: بغضّ النظر عن السبب، إذا أخفق أيّ لاعب، حتى لو كان نجم نجوم اللعبة، في تنفيذ الخطّة، فإنّ السعي إلى الفوز يستدعي استبداله بمن هو أفضل منه، من دون محاباة أو مراعاة لشعبيّة أيّ لاعب.

– المبدأ الرابع عشر: لا يوجد “كبير” في اللعبة، فالكبير فقط هو الذي يعرف طريقه إلى الفوز.

– المبدأ الخامس عشر: في مرحلة ما، يأتي وقت يخرج فيه المهزوم بلا عودة.

– ويأتي المبدأ الأخير، وهو الأهمّ على الإطلاق، “تأييد الجمهور لا غنى عنه”.

في هذه البطولة ثبُت أنّ العبرة ليست بالاستحواذ السلبي، بل في إحراز النتائج وتحقيق الفوز.

لم يعد هناك فريق عملاق، ولم يعد هناك تاريخ الأفضل أو الأقوى أو الأغلى، بل الأقدر على تحقيق الفوز.

 

تأمّلوا النتائج:

هزيمة الكبار من الصغار:

– فوز المغرب على بلجيكا، المصنّفة ثانية في البطولة.

– فوز تونس على فرنسا.

– فوز السعودية على الأرجنتين.

– فوز كوريا الجنوبية على البرتغال.

في هذا المونديال خرجت ألمانيا وإسبانيا وبلجيكا وصعدت المغرب وكرواتيا وبرزت إيران واليابان وكوستاريكا والسنغال وغانا.

إذن لا أهمية لعمالقة ولا للاعبين يساوون مليارات، بل الأهميّة كلّها لذلك اللاعب القادر على إحراز الهدف.

إقرأ أيضاً: المونديال السياسي: جاء دور العرب

عالم الكرة مثل عالم السياسة اليوم بلا عمالقة وبلا قوى منفردة تمتلك وحدها الحقّ الحصريّ للفوز.

وكما قال الاستراتيجي الأوّل في التاريخ “صن تسو” في كتاب “فنّ الحرب” قبل مئات العقود: “النصر حليف من يقرأ المعركة ويفهم بدقّة عناصر القوّة والضعف في نفسه قبل عدوّه”.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: Adeeb_Emad@

 

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…