وفق معلومات “أساس” لن يمرّ في الجلسة التشريعية غداً اقتراح القانون المُعجّل المُكرّر بالتمديد سنتين لكبار الضبّاط الذين صدرت قرارات تعيينهم بمراسيم، والذين اقترب موعد إحالتهم إلى التقاعد.
تُرجِم المُؤشّر “الشَكليّ” من خلال عدم إدراج القانون على جدول أعمال “البنود الخمسة”، فيما سقط احتمال طرحه من خارجه لكثير من العوائق السياسية والتقنيّة.
الأهمّ، بتأكيد مصدر مطّلع، الصياغة غير المتينة و”المفركشة” وغير المُقنِعة لاقتراح القانون الذي بدا كـ “بازل” يحاول إرضاء الطوائف بهدف تحسين شروط إقراره في مجلس النواب.
هكذا سينحصر النقاش يوم غد بجدول أعمال البنود الخمسة فقط في آخر جلسة تشريعية قبل دخول مجلس النواب مدار العشرة الأيام الأخيرة الفاصلة عن نهاية الولاية الرئاسية في 20 تشرين الأول، تاريخ الجلسة الثالثة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية.
لذلك قد تتجدّد محاولة التصدّي للشغور في المواقع القيادية العسكرية بعد 31 تشرين الأوّل، في ظلّ استفحال الأزمة وعدم وجود حكومة، إذ لا شيء يمنع مجلس النواب من الالتئام والتشريع.
وفق معلومات “أساس” لن يمرّ في الجلسة التشريعية غداً اقتراح القانون المُعجّل المُكرّر بالتمديد سنتين لكبار الضبّاط الذين صدرت قرارات تعيينهم بمراسيم، والذين اقترب موعد إحالتهم إلى التقاعد
حزب الله-جنبلاط: مصلحة مشتركة
القانون المُقدّم من نائبَيْ “اللقاء الديمقراطي” بلال عبدالله (الموجود في ألمانيا حيث يشارك في مؤتمر لمنظمة الصحّة العالمية) وهادي أبو الحسن، واكبته نقاشات صامتة خلف الكواليس في محاولة لإقراره بعدما اصطدمت مشاريع سابقة لإمرار قانون مُشابه بفيتوات متبادلة أبرزها من الرئيس نبيه برّي والنائب جبران باسيل.
ضَغَطَ حزب الله حتى اللحظة الأخيرة باتجاه خيار التمديد، فيما تُرِك “الإخراج” النيابي للمختارة، في تقاطع للمصالح بين الحزب والنائب وليد جنبلاط صاحب المصلحة الأولى في التمديد لرئيس الأركان في الجيش اللواء أمين العرم، إضافة إلى سلّة ملاحظات من النائب جبران باسيل.
تفيد المعلومات أنّ جنبلاط لن يقبل بواقع عدم التمديد للعرم في ظلّ عدم وجود ضابط مؤهّل، برأي المختارة، للتعيين في هذا الموقع، حيث هناك ضابط إدارة عامّة برتبة عميد (لا يتسلّم موقعاً قيادياً) فيما بقيّة الضبّاط الدروز هم برتبة عقيد.
خليفة عبّاس إبراهيم
“مشروع التمديد” الذي لم يكتمل، والذي يشمل الضبّاط في الجيش والأسلاك الأمنيّة المعيّنين بموجب مراسيم، كان يمكن أن يضع حدّاً للصراع الدائر حول من سيخلف اللواء عباس إبراهيم الذي يُحال إلى التقاعد في آذار المقبل. “طوشة راس” تتطاير خلالها أسماء ضبّاط محسوبين على برّي وحزب الله وعلى اللواء إبراهيم يتكفّل التمديد، غير المتوافَق عليه، بتأجيل حسم الاختيار بينها إلى مرحلة سياسية لاحقة.
يقول مصدر مقرّب من حزب الله لـ”أساس”: “نحن في مرحلة سياسية بالغة التعقيد لا مؤشّرات حلحلة فيها على المستويين الرئاسي والحكومي. يعالج القانون واقع الشغور الزاحف إلى مواقع قيادية عسكرية وأمنيّة، كما أنّ استمرار وجود اللواء إبراهيم في موقعه حاجة أساسيّة مرتبطة بملفّات مهمّة وحسّاسة يتولّاها، وعلى رأسها ملفّ النازحين، إضافة إلى علاقاته المتينة خارجياً”.
تُرجِم المُؤشّر “الشَكليّ” من خلال عدم إدراج القانون على جدول أعمال “البنود الخمسة”، فيما سقط احتمال طرحه من خارجه لكثير من العوائق السياسية والتقنيّة
في المقابل، المعارضون لاقتراح القانون، وعلى رأسهم حركة أمل، يسردون عدّة أسباب تحول دون إقرار القانون، ومنها:
– اعتراض صندوق النقد الدولي على إجراء يتعارض مع المسار الإصلاحي ويكرّس واقع ضرب الهرميّة في الأسلاك الأمنية والعسكرية التي تحوّلت من شكل هرمي إلى مربّع بسبب تجاوز عدد العمداء، خصوصاً في الجيش، عدد الجنرالات في أهمّ جيوش العالم. وقد نُقِل عن مسؤول في صندوق النقد قوله لمسؤولين في الحكومة: “لا يمكن أن تستمرّوا بعقليّة الـ Business as usual!”.
– تكريس حالة من التمييز بين ضبّاط يستفيدون من هذا القانون وضبّاط “بتفرق معهم” على يوم أو بضعة أشهر للاستفادة من التمديد. والشعور بالتمييز قد امتدّ أصلاً، وقبل إقرار القانون، إلى السلك الدبلوماسي وبعض المديرين العامّين في القطاع العامّ، حيث بدأت الاعتراضات على عدم شمولهم ضمن بنود القانون، وهذا ما يفسح المجال للطعن بالقانون أمام مجلس شورى الدولة.
– قوانين من هذا النوع قد تبدأ بعدد ضباط قليل، لكن سرعان ما تتوسّع الرقعة وتكثر طلبات الاستفادة من الـ”offre”، إذ ستدخل كلّ القوى السياسية، مع الموظّفين المحسوبين عليها، في لعبة المزايدات.
– الأكلاف المالية الباهظة لتوفير مستلزمات التمديد لضبّاط في مواقعهم في وقت تمرّ المؤسسات الأمنيّة والعسكرية في أصعب محنة منذ التسعينيّات.
لكنّ هذه الموانع لا تحجب تأكيد مطّلعين أنّ “فيتو الرئيس برّي هو سياسي بالدرجة الأولى، ومرتبط مباشرة بـ “حالة” اللواء عباس إبراهيم، لأنّ برّي معروف بأنّه الحائك الأول للتسويات حتى إنّه حوّل انتخاب رئيس جمهورية (ميشال سليمان) من حالة غير دستورية إلى دستورية”.
مع ذلك، يؤكّد هؤلاء أنّ “القانون بحدّ ذاته يتضمّن ثغرات ويحتاج إلى “شدشدة” ولو توافر هذا المعطى لكان “قَطَع” اقتراح القانون”.
بتأكيد مصدر مطّلع، الصياغة غير المتينة و”المفركشة” وغير المُقنِعة لاقتراح القانون الذي بدا كـ “بازل” يحاول إرضاء الطوائف بهدف تحسين شروط إقراره في مجلس النواب
ماذا في التفاصيل؟
قبل أيام تقدّم نائبا “اللقاء الديمقراطي” بلال عبدالله وهادي أبو الحسن باقتراح قانون معجّل مكرّر بمادة وحيدة تنصّ على الآتي: “خلافاً لأيّ نصّ آخر، وبصورة استثنائية ولمرّة واحدة فقط يُؤخَّر تسريح الضبّاط العاملين في الجيش الذين تمّ تعيينهم بموجب مراسيم صادرة عن مجلس الوزراء وفي باقي القوى الأمنية للمعيّنين بموجب مراسيم بالأصالة أو الوكالة في المراكز التي يشغلونها، وذلك لمدّة سنتين من تاريخ صدور هذا القانون، مع حفظ جميع حقوقهم المالية والمعنوية”.
يشكّل هذا القانون الذي يشمل عسكريين ومدنيين “مزجاً” لاقتراحَيْ قانون كان تقدّم بهما نواب من “اللقاء الديمقراطي” في حزيران الماضي: الأول اقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل المادّتين 56 و57 من المرسوم الاشتراعي رقم 102 (قانون الدفاع الوطني) المتعلّقتين بالتسريح الحكميّ للعسكريين بحيث يُمدِّد لهم سنتين في كلّ مواقعهم ويُسرّحون حكماً بعد انتهاء المدّة، على أن تكون مدّة تطبيق القانون ثلاث سنوات فقط. والثاني اقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل المادة 68 من المرسوم الاشتراعي 112 (نظام الموظفين) لتمديد سنّ التقاعد أو الصرف من الخدمة لكلّ الموظفين إلى الثامنة والستين من العمر، أي بزيادة أربع سنوات. لكنّ القانونين أُحيلا إلى اللجان النيابية ليخرجا لاحقاً بصيغة موحّدة.
عمليّاً، تكمن أهميّة اقتراح القانون في شقَّيْه العسكري والمَدني:
– في الشقّ العسكري يتصدّى لحالة الشغور التي ستتمدّد إلى العديد من المواقع الأمنيّة والعسكرية لتطال ضبّاطاً كباراً منهم: رئيس أركان الجيش اللواء أمين العرم صديق وجار وليد جنبلاط الذي يُحال إلى التقاعد في 24 كانون الأول المقبل، عضوا المجلس العسكري اللواء ميلاد إسحق الذي يُحال إلى التقاعد في كانون الأول، واللواء مالك شمص الذي يُحال إلى التقاعد في شباط 2023، رئيس الغرفة العسكرية في وزارة الدفاع العميد منصور نبهان، نائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير، نائب المدير العام للأمن العام العميد الياس البيسري، قائد الشرطة القضائية العميد ماهر الحلبي الذي يُحال إلى التقاعد في 19 تشرين الثاني، قائد الدرك العميد مروان سليلاتي الذي يُحال إلى التقاعد في أيلول 2023، إضافة إلى من يرغب من الضبّاط الكبار في كلّ الأسلاك، وتحديداً أولئك الذين هم من مواليد 63 و64 و65…
إقرأ أيضاً: “لائحة الشكر” الرئاسية: أين قائد الجيش واللواء ابراهيم؟
– في الشقّ “المَدني” يسمح القانون بالتمديد سنتين للّواء إبراهيم الذي يُحال إلى التقاعد في آذار المقبل. فبعد قبول استقالة إبراهيم من وظيفته وإحالته إلى التقاعد في 14 آذار 2017 وتعيينه بصفة مدنية وفقاً لنظام الموظفين (64 عاماً) يسمح إقرار القانون بالتمديد له حتى آذار 2024.
المؤكّد أنّ قائد الجيش العماد جوزف عون كان من المستفيدين من تأجيل التسريح لو أُقرّ التمديد لأنّه يُحال إلى التقاعد في كانون الثاني 2024، أي ضمن مهلة السنتين.