لا شيء يوحي بأنّ الجلسة الرئاسية الثالثة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي الخميس المقبل في 20 تشرين الأول ستكون مغايرة في نتيجتها لجلستَيْ 29 أيلول و13 تشرين الأول، إن اكتمل النصاب أو في حال تطييره.
حتى اللحظة اسم رئيس الجمهورية الذي سيخلف ميشال عون لا يزال أسير تفاهمات لم تنضج بعد، مع اعتراف علنيّ للمرّة الأولى من جانب حزب الله، على لسان النائب حسن فضل الله، بأنّ ترشيح النائب ميشال معوّض “يمثّل تحدّياً لا يؤدّي إلى إنتاج رئيس”، وذلك بعدما اكتفى الحزب في الأسابيع الماضية برفض معادلة “مرشّح التحدّي” من دون الخوض في الأسماء مع دعوة متكرّرة إلى التوافق على مرشّح.
عون: فرنجية غدّار
حتّى الآن سلّف حزب الله جبران باسيل ورقتين:
الأولى عدم تبنّيه ترشيح سليمان فرنجية مع العلم أنّه الأقرب إلى المواصفات الرئاسية لمرشّح حزب الله.
والثانية مساهمته في إفقاد جلسة 13 تشرين الأول نصابها و”نعي” ترشيح معوّض رسميّاً بالقول إنّه “لا يمكنه الوصول إلى سدّة الرئاسة”.
تعكس آخر الأخبار المسرّبة من القصر الجمهوري المزيد من “التطرّف” الرئاسي في رفض انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية
تعكس آخر الأخبار المسرّبة من القصر الجمهوري المزيد من “التطرّف” الرئاسي في رفض انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية. فخلال إحدى الجلسات التي جمعت الرئيس عون مع بعض الناشطين العونيين (دأب منذ أشهر على استقبال ناشطين وقياديّين في التيار قبل مغادرته القصر الجمهوري) سُئل عن احتمال موافقة التيار على السير بترشيح فرنجية فردّ قائلاً: “لقد مددنا اليد لفرنجيّة و”شلناه” من العتمة السياسية، لكنّه اشتغل ضدّنا وغدر بنا. هكذا رئيس لا يؤتمن على بلد“.
طبخة تطيير النصاب
في الوقائع، بدا سيناريو تطيير النصاب كـ”طبخة” معدّة سلفاً شارك أكثر من طاهٍ فيها عن قصد أو غير قصد، مع العلم أنّ تغيّب نواب التكتّل العوني (21 نائباً) وحزب الله (13 نائباً) كان وحده كفيلاً بتطيير النصاب وفق خريطة الحضور أمس.
في كواليس الحزب روّجت جهات قبل ساعات من انعقاد الجلسة بأنّ التيار الوطني الحر لا يقف وحيداً في مقلب المقاطعة. وهذا ما حصل بالفعل من خلال حضور نواب حزب الله الذين أكملوا “نصاب الجلسة” خارج القاعة العامّة، لكنّهم تمترسوا في مكاتبهم رافضين “نداء” الرئيس برّي: “يللي برّا يفوتوا ع القاعة”، باستثناء النائب محمد رعد الذي دخل القاعة وحده. وعمد النائب فضل الله إلى التأكيد على وجود تنسيق مسبق مع التيار في ما يتعلّق بحضور الجلسة.
في مقلب الحلفاء المفترضين كان لافتاً تغيّب كلّ من فريد الخازن (خارج لبنان) وطوني فرنجية، لكن طبعاً ليس في سياق مؤازرة جبران باسيل، إضافة إلى سلّة متفرّقة من المتغيّبين بعذر مثل النواب الياس جرادي وسينتيا زرازير ونديم الجميّل. وكان لافتاً تأكيد النائب جميل السيّد أنّ “قسماً من نواب كتلة التنمية والتحرير انضمّوا إلى كتلة نواب حزب الله في مقاطعة الجلسة تضامناً مع التيار الوطني الحر في ذكرى 13 تشرين”.
هكذا انخفض عدد الحاضرين في جلسة أمس إلى 71 نائباً بعدما بلغ في جلسة الانتخاب الأولى التي طار نصابها في الدورة الثانية 122 نائباً. والمتغيّبون هم: نواب تكتّل لبنان القوي وكتلة الأرمن وحزب الله وبعض نوّاب حركة أمل وعدد من نواب الأحزاب والمستقلّين وقوى التغيير.
في كواليس الحزب روّجت جهات قبل ساعات من انعقاد الجلسة بأنّ التيار الوطني الحر لا يقف وحيداً في مقلب المقاطعة
وضع معوض
هي الجلسة التي كان يمكن أن ترفع رصيد أصوات ميشال معوّض من 36 إلى أكثر من 40 نائباً مع حضور نواب مؤيّدين لترشيحه كانوا غابوا عن الجلسة السابقة، وهم ستريدا جعجع وفؤاد مخزومي وسليم الصايغ، إضافة إلى نواب كانوا صوّتوا بورقة بيضاء أو أوراق ملغاة.
بالتأكيد كان رصيد الأوراق البيضاء سينخفض كثيراً مع مقاطعة نواب التيار وبعض نواب الحزب للجلسة، في مقابل حشر نواب قوى التغيير في زاوية عدم اتفاقهم بعد على مرشّح يقنعون أنفسهم أوّلاً به قبل إقناع الآخرين. وكان نواب التغيير يتحدّثون حتى يوم أمس عن سلّة أسماء وليس اسم مرشّح محدّد من قبلهم.
في هذا الإطار برزت مصلحة مشتركة في عدم تكرار “مسرحيّة” الاقتراع لدى أكثر من طرف حتى في مقلب المسوّقين لترشيح ميشال معوّض (الكتائب، القوات، اللقاء الديمقراطي) الذين لا يزالون بعيدين عن “سكور” إيصاله إلى قصر بعبدا عدديّاً وبالسياسة. مع ذلك، ثمّة من كان يكرّر أمس مقولة إنّ “بعض داعمي معوّض المُعلنين “يشتغلون” لتثبيت استحالة انتخابه رئيساً وليس العكس”.
هكذا لم يتعدَّ “مشروع الجلسة” الصوريّة أمس إطار ملء فراغ التفتيش عن توافق لا يزال “خارج الخدمة” مع شرط وضعه برّي لأيّ جلسة تُعقد بنصاب الثلثين بعد الجلسة الأولى في 29 أيلول.
هل يأتي الترسيم بالرئيس؟
في الآونة الأخيرة كانت مرجعية رئاسية تردّد في مجالسها الخاصة بأنّ “الترسيم سيأتي بالرئيس”.
لكن في ظاهر الأحداث يأتي توقيع اتفاق الترسيم البحري الوشيك مع العدوّ الإسرائيلي، المفترض أن ينقل لبنان إلى مصافّ الدول النفطية، فوق “جثّتَيْ” الحكومة والرئاسة في ظلّ انسداد على مستوى الحلول المقترحة التي لا تزال “شغّالة” على خطّ واحد هو “الروتشة” الحكومية لتأمين ولادة طاقم وزاري قبل مغادرة ميشال عون قصر بعبدا نهاية الشهر مع ضغوط قصوى من جانب الحزب لتلافي الاصطدام بعد 31 تشرين الأول.
إقرأ أيضاً: الترسيم على باب الكنيست.. والنازحون “انجاز” اللحظة الأخيرة
أمّا الاختراق الشكليّ الوحيد الذي لا ترجمات عمليّة له حتى الآن فتمثّل في مزاركة جبران باسيل نوّاب قوى التغيير في التسويق لمبادرة رئاسية لم تتطرّق إلى أسماء مرشّحين بقدر ما وضعت ضوابط لـ”مشروع” التفتيش عن رئيس الجمهورية من دون التنسيق مع أيّ من الأحزاب السياسية، بما في ذلك الحليف حزب الله، مع تأكيد أحد نواب التيار أمس أنّ “الورقة تشكّل قاعدة أساسية للتوافق على رئيس الجمهورية”.