تُرسل إسرائيل مسؤوليها إلى واشنطن لمواجهة الاتفاق النووي الإيراني، فبعد زيارة وزير دفاعها بيني غانتس، يتوجّه رئيس الموساد ديفيد بارنياع للقاء الأميركيين الأسبوع المقبل، إذ تعتبر تل أبيب أنّ الآتي سيكون “أخطر من عام 2015″، ويبدو إعلاميّاً أنّ المساعي الإسرائيلية تهدف إلى “وقف التوقيع على الاتفاق النووي”، لكنّ ما يجري في الغرف المغلقة بين أميركا وإسرائيل تخطّى الاتفاق النووي، وفق مصادر أميركية، ويبحث مرحلة ما بعد عودة واشنطن للاتفاق.
ممّا لا شكّ فيه أنّ إسرائيل ترفض الاتفاق تماماً، وتراه خطراً داهماً، وتؤكّد “عدم التزامها به” متى تمّ توقيعه، وأنّها “مستعدّة عسكريّاً لكلّ السيناريوهات”. ولكن يبدو أنّ الأميركيين يتوجّهون لتوقيعه على الرغم من ذلك. فكيف ينعكس ذلك على التعاون بين واشنطن وتل أبيب؟ وهل الحراك في إطار Centcom (بعدما نقل البنتاغون إسرائيل من قيادة قوّاته بأوروبا إلى قيادته بالمنطقة الوسطى) يُعدّ بديلاً من التعامل مع إيران؟
أمّا ما بات شبه مؤكّد اليوم هو أنّ تل أبيب مقتنعة بأنّ واشنطن لن تتراجع، والأخيرة تبحث كيفيّة إرضاء الإسرائيليين، أو على أقلّ تقدير “تطمينهم”.
تعتبر تل أبيب أنّ الآتي سيكون “أخطر من عام 2015″، ويبدو إعلاميّاً أنّ المساعي الإسرائيلية تهدف إلى “وقف التوقيع على الاتفاق النووي”
مطالب إسرائيل الفعلية من الاتفاق النووي
في 29 آب 2022، كانت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي واضحة وحددت نقطة مهمّة، إذ لم يستبعد إمكانية التوصّل إلى “اتفاق جيّد” مع إيران، لكن “شرط وضع تهديد عسكري ذي مصداقيّة على الطاولة”. فماذا يعني أوّلاً بـ”تهديد عسكري ذي مصداقيّة”.
تؤكّد مصادر مواكبة من واشنطن أنّ ما قد تبحث عنه إسرائيل هو بند جزائي واضح ينصّ على “التزام إيران بالاتفاق أو ضربة مباشرة”. ويتعلّق هذا البند بإيران في حال إخلالها بالاتفاق النووي واستمرارها بنشاطها السرّي وإخفائها برامجها عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو في حال امتناعها عن تسهيل رقابة المفتّشين الدوليين، من ناحية، ويرتبط بالولايات المتحدة في حال صمتها عن مخالفات إيران وسكوتها عن تطوير برامجها، من ناحية ثانية.
إنّ البند الجزائي ذو حدّين: أحدهما تجاه إيران، وأمّا ثانيهما فيؤطّر الخطّة البديلة المسمّاة بـ”الخطة باء” التي أظهرت طوال عدّة سنوات، وطوال 16 شهراً من مفاوضات فيينا، أنّ البنتاغون ممنوع عليه أو لم يطلب منه أو ليست لديه خطّة بديلة ضاغطة ترغم طهران على التعاطي بإيجابية في موضوع امتلاك أسلحة نووية .
إقرأ أيضاً: إيران.. والإرهاب التكفيري
هذا ينقلنا إلى السؤال التالي: ما هي طبيعة الاتفاق؟ إنّه وفق رئيس الوزراء الإسرائيلي “اتفاق نووي يشدّد الرقابة على إيران ويتعامل مع برنامجها للصواريخ الباليستية وممارستها للإرهاب”.
وما دامت إسرائيل تعرف ما تريد، وواشنطن مصرّة على “اتفاق سيّئ”، فما هي “الخطة باء”؟
يعيدنا ذلك إلى ما حصل قبل أيام قليلة في سوريا من غارّات أميركية – إسرائيلية متزامنة تبدو للعيان تصعيداً أميركياً غير مسبوق، لكن هل كانت كذلك فعلاً؟
*الجزء الثاني والأخير: سبب الغارات الأميركية على سوريا
*كاتب لبناني مقيم في دبي