تواصل إسرائيل محاولاتها للتأثير على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتعطيل إمكانية إحياء الاتفاق النووي الموقّع مع إيران عام 2015، على الرغم من القناعة السائدة لدى المسؤولين في تل أبيب عن أنّ تغييراً حقيقياً ومفاجئاً طرأ على التوجّه الإيراني.
وفي تقدير هؤلاء المسؤولين فإنّ الردّ الإيراني على المسوّدة النهائية للاتفاق، التي أرسلها الاتحاد الأوروبي، يشير إلى “تغيير الأسطوانة” وفقا لتعبير الكاتب الإسرائيلي يهونتان ليس، بسبب إفلاس طهران تحت عبء العقوبات الاقتصادية، كما يؤكّد استعداد النظام في طهران حاليّاً لفتح مسار جديد يمكن أن يؤدّي إلى اتفاق نوويّ جديد.
في إطار حملة الضغط الإسرائيلية، توجّه مستشار الأمن القومي إيال حولاتا إلى واشنطن على رأس وفد إسرائيلي لإجراء محادثات مع نظيره الأميركي جايك سوليفان تتعلّق بالشروط التي ترى تل أبيب وجوب إدراجها في أيّ اتفاق مع طهران
وفي الوقت نفسه، تشير التقديرات الإسرائيلية، بحسب “القناة 12 ” العبرية إلى “امتلاك إيران كمّيات من اليورانيوم يمكنها غداً صباحاً، إذا أرادت، أن تخصّبها حتى مستوى عسكري”، معتبرةً أنّ “هذا وضع خطير لإسرائيل، وليس لديها إجابة عنه”.
وترى المراكز الأمنيّة الإسرائيلية أنّ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي وُقّع في عام 2015 دفع إلى الأمام المشروع النووي الإيراني، وزاد كميّة اليورانيوم التي خصّبتها إيران ونوعيّتها، وجمّد الرقابة الدولية على المواقع النووية الإيرانية، وقصَّر كثيراً الفترة الزمنيّة لِما يُسمّى “الاقتحام النووي”، بمعنى الفترة اللازمة لإيران كي تنتج قنبلة نووية.
تخشى تل أبيب من أجواء التفاؤل التي تهبّ من واشنطن بشأن قرب التوصّل إلى اتفاق نووي جديد، بعد أن أبدى المتحدّث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس تفاؤله بشأن احتمال العودة إلى الاتفاق النوويّ الموقّع مع إيران عام 2015،، لافتاً إلى أنّ الاتفاق “أقرب الآن ممّا كان عليه قبل أسبوعين”، ومشدّداً على أنّ الردّ على طهران سيكون جاهزاً بعد استكمال الولايات المتحدة لـ”مشاورات داخلية وخارجية”.
لا تقلّ خشية تل أبيب هذه عن خشيتها من توجّه الاتحاد الأوروبي الذي أعلنه الممثّل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بقوله إنّ إيران أرسلت ردّاً “معقولاً” على أحدث مقترح أوروبي لإعادة إحياء الاتفاق النووي.
غير أنّ رادارات تل أبيب ترصد حقيقة أنّ الولايات المتحدة لم تعلن أنّ المسوّدة الأخيرة هي صيغة نهائية غير قابلة للنقض، وهذا يكشف حقيقة وجود استعداد لدى الولايات المتحدة وأوروبا لاستئناف المفاوضات ما يزيد من فرص التوصّل إلى اتفاق في نهاية الأمر.
تشير التقديرات الإسرائيلية، بحسب “القناة 12 ” العبرية إلى “امتلاك إيران كمّيات من اليورانيوم يمكنها غداً صباحاً، إذا أرادت، أن تخصّبها حتى مستوى عسكري”، معتبرةً أنّ “هذا وضع خطير لإسرائيل، وليس لديها إجابة عنه”
يفتح هذا الأمر بالذات على رئيس الوزراء الإسرائيلي جبهة جديدة لن يتأخّر بنيامين نتانياهو في استغلالها ضدّه خلال المعركة الانتخابية القريبة جدّاً. وسيعمل نتانياهو على تصوير يائير لابيد بأنّه يفتقر إلى الحدّ الأدنى من “الصلابة” اللازمة لمواجهة الولايات المتحدة، فيما “تزداد تهديدات إبادة إسرائيل وإلحاق هولوكوست جديد باليهود من قبل إيران”، وبينما واجه هو الرئيس الأميركي باراك أوباما في مجلسَيْ النواب والشيوخ الأميركيّين، عشيّة إبرام الاتفاق النووي مع إيران.
يميل لابيد إلى تبنّي الرؤية الأمنيّة الإسرائيلية، التي تعتبر أنّ اتّفاقاً مع إيران، مهما كانت شروطه، يبقى أفضل من عدم التوصّل إلى هذا الاتفاق. وهذا ما يجعله على الطرف المقابل لنتانياهو الذي حرّض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي، غير أنّ الحسابات الانتخابية فرضت على لابيد أن يظهر متشدّداً إعلاميّاً، ويقول إنّ “الاتفاق النووي، الذي يتبلور مع إيران، هو أسوأ من الاتفاق السابق”.
لإكمال حملة الضغط الإسرائيلية، توجّه مستشار الأمن القومي إيال حولاتا إلى واشنطن على رأس وفد إسرائيلي لإجراء محادثات مع نظيره الأميركي جايك سوليفان تتعلّق بالشروط التي ترى تل أبيب وجوب إدراجها في أيّ اتفاق مع طهران. وكثّفت إسرائيل من ضغوطها على إدارة الرئيس جو بايدن لمراعاة طلباتها في أيّ اتفاق يتمّ التوصّل إليه مع إيران، مثل أن يسمح الاتفاق الجديد بإطالة أمد التفتيش في مؤسّسات طهران النووية، وعدم السماح برفع الحرس الثوري الإيراني عن قائمة المنظّمات الإرهابية، والإبقاء على ملفّات التحقيق المفتوحة ضدّ إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ذلك أنّ أحد المخاوف المركزية في إسرائيل يعود إلى التقدير بأنّ الاتحاد الأوروبي يبدي مرونة في إغلاق ملفات التحقيق، وهو مطلب أساسي من مطالب إيران.
إقرأ أيضاً: إلى متى تبقى غزّة تتعاقد مع الدم والدمار؟
ولفتت “القناة الـ12” إلى أنّه “ليس من خيار عسكري فعّال ضدّ (المشروع) النووي الإيراني”، مشدّدةً على “ضرورة أن تبدأ إسرائيل التفكير في العيش بظلّ إيران نووية”. وأضافت أنّ “إسرائيل لا تستطيع التأثير حالياً في الاتفاق، فالولايات المتحدة تريد العودة إليه”، وإيران حقّقت عدّة إنجازات، وخصوصاً أنّه بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق والعودة إليه، ثمّة ثمن يُدفع إلى إيران. وقالت إنّ “اللعبة انتهت، وإسرائيل في كلّ محاولاتها ما تزال تركض في مكانها”.
*كاتبة فلسطينية