ثلاثة عناوين سياسية ذات صلة محلية شديدة تغطي أجواء المقر الصيفي للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشار بطرس الراعي وهي: الإستحقاق الرئاسي الذي يحتل موقعاً لافتاً بمعايير وشروط جديدة، واللقاء الأخير لرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مع حزب الله ومكانها من “الثوابت الكنسية” ، ثم قضية المطران موسى الحاج التي وضعت على طريق الحل الذي سيتكرس بزيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى الديمان.
البطريرك “لم يعطِ أيّ اسم للرئاسة لأحد، ولا لأيّ من السفراء كما سبق أن نقل البعض، وتحديداً ما نُقل عن أنّ السفيرة الفرنسية قد استمزجت رأي الراعي بأكثر من اسم، وهو ما ليس صحيحاً
1ـ في الإستحقاق الرئاسي:
في المعلومات التي تحصل عليها “أساس”، فإن البطريرك “لم يعطِ أيّ اسم للرئاسة لأحد، ولا لأيّ من السفراء كما سبق أن نقل البعض، وتحديداً ما نُقل عن أنّ السفيرة الفرنسية قد استمزجت رأي الراعي بأكثر من اسم، وهو ما ليس صحيحاً. أمّا الصحيح فهو أنّ البطريرك سمع بالتواتر أنّ فرنسا تحاول تسويق المصرفي سمير عساف المهاجر إلى أوروبا مرشّحاً للرئاسة، إضافة إلى أنّ بعض القريبين من مرجعيات سياسية ودبلوماسية كانت تطرح أسماء على الراعي الذي اكتفى بالاستماع من دون إعطاء أيّ رأي فيها”.
وقد اختار الراعي في عظة (أمس) أن يردّ على كلّ ما نُقل عنه وكلّ ما يرتبط بالعلاقة به. فقال عن الرئاسة إنّه يسمع بأسماء من هنا وهناك، لكن لا برامج لأحد منها حتى اللحظة. ومع الحرص على عدم التصادم مع أحد من القوى، أعاد التأكيد على الخيارات الثابتة للرئاسة والبلاد.
في هذا السياق، فإن اللقاء الأخير بين الراعي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل “لم يحقق تقاطعات” بين الإثنين، وقد تبدا ذلك ، بحسب مصادر الصرح البطريركي، في تصريح باسيل الذي أعاد طروحاته السابقة، لجهة التأكيد على ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية “قويّاً” بالمعنى السياسي والتمثيلي للوصف “وهذا ما يعارض توجّه بكركي التي أسقطت هذه النظرية في أكثر من مناسبة، بل طرحت مواصفات أكثر وضوحاً لجهة الالتزام بعناوين المرحلة المقبلة في السياسة والمال والاقتصاد وليس على مستوى الأحجام التمثيلي”.
لم يسقط كلام باسيل في الديمان برداً وسلاماً على سيّدها لأنّه أعاد الحديث عن انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب تستوجب أوّلاً تعديلاً دستورياً ليس توقيته مناسباً الآن، وليس الحديث فيه عن استقواء أيّ مرشح بشعبية طوائف معيّنة محبّذاً لدى المرجعية المارونية.
هكذا تبدو الديمان محجّة “مشاريع الرؤساء،” من جعجع إلى فرنجية وباسيل الذين التقوا البطريرك الراعي، وخرج كلّ منهم يعبّر على طريقته عن موقفه. غير أنّ موقف الصرح لم يتغيّر. والغموض المحيط بهذا الاستحقاق يعطي مرجعيّة بكركي دوراً إضافياً “في وضع الاستحقاق على خطّ وطني خارج إطار الاصطفافات” .
وما يجدر الإشارة إليه، هو أنه في كلّ مرّة يتمّ تجاوزها في هذا الاستحقاق، لا يهنأ سيّد بعبدا بالحكم، فيما يتجمّع معظم المسيحيين خلف بكركي التي تطرح الإشكالية الأهمّ لهذه المرحلة: هل ينتخب لبنان رئيساً يخرجه من أزمته أو يختار البقاء على ما هو عليه؟
تقول مصادر الصرح لـ “أساس” إنّ هناك “مفاوضات مع الديمان بصمت وبخطى بطيئة. لكن المعروض لجهة إعادة جواز سفر المطران وهاتفه ليس حلّاً نهائياً لأنّ الأهمّ هو استمرار الحجز على الأموال والمساعدات العينية التي كانت بحوزته”
2 ـ الراعي يرد على جنبلاط
في اتجاه آخر لكنه متصل بموقف الكنيسة، بدا لافتاً تأكيد البطريرك في العظة على ما يعتبره ثوابت لبنان معتبراً أنها “ليست خيارات ظرفية يمكن أن تتغيّر مع تغيّر الظروف، بل هي ثابتة. وهو بذلك يعلّق على ما رشح عن لقاء وليد جنبلاط مع وفد حزب الله.
وكان الراعي رحّب بزيارة رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط يرافقه النائبان وائل أبو فاعور وأكرم شهيب، والتي جرى فيها “نقاش خيار جنبلاط الأخير”، فشرح الوفد ظروف لقاء جنبلاط مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل ، وشدد على أنّ ذلك يأتي “في إطار التنسيق وليس تبديل خيارات المختارة في السياسة”.
واللافت في لقاء الديمان أنّ أبو فاعور وشهيب حضرا وهما أصحاب مواقف مؤيّدة للحياد بخلاف مواقف صدرت عن جنبلاط يوم وصف طرح بكركي للحياد الناشط بالهرطقة. غير أنّ “إيجابية اللقاء” لم تمنع الراعي من إرسال إشارات باتّجاه المختارة في عظته، بقوله إنّ الحياد الناشط ليس ظرفيّاً إنّما يتعلّق بمصير الوجود الآمن منذ زمن إمارة جبل لبنان وصولاً إلى لبنان الكبير.
3 ـ اللواء إبراهيم في الديمان؟
أما عن قضية المطران موسى الحاج وعبوره من الأراضي المحتلة عبر الناقورة عائداً إلى لبنان مع مساعدات كلفه بنقلها لبنانيون فارون إلى إسرائيل ، فإن مصادر الصرح البطريركي أكدت إلى أن القضية عادت إلى واجهة “الحل” من خلال زيارة سيقوم بها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم للقاء الراعي ولهذا اللقاء بحث لاحق..
وتقول مصادر الصرح لـ “أساس” إنّ هناك “مفاوضات مع الديمان بصمت وبخطى بطيئة. لكن المعروض لجهة إعادة جواز سفر المطران وهاتفه ليس حلّاً نهائياً لأنّ الأهمّ هو استمرار الحجز على الأموال والمساعدات العينية التي كانت بحوزته”.
ويضيف هؤلاء “أنّ اتصالات جارية بين بعبدا والديمان سبق أن حصلت يوم صدور مذكّرة التوقيف بحقّه وتستمرّ حتى اليوم، بهدف تهدئة النفوس وإبعاد السجال الإعلامي عن القضيّة لحلّها “على الهدى”.
إقرأ أيضاً: توافق المعارضة وإلّا.. فرنجيّة رئيساً
يبدو الصرح البطريركي في الأيام الأخيرة وكأنّه محجّة لقضيّتين هما: قضية المطران موسى الحاج التي تأخذ طريقها إلى الحلّ النسبي ببطء، وقضيّة رئاسة الجمهورية وسط الكلام عن اصطفاف يمكن أن يؤدّي بالبلد إلى الفراغ.
في المقابل، شكّلت عظة البطريرك بشارة الراعي (أمس الأحد) يوم الأحد ردّاً مباشراً وغير مباشر على الزيارات التي توالت إلى الديمان، وعلى تصريحات أُطلقت في الصرح وغيره، من قبل سمير جعجع وسليمان فرنجية إلى تيمور جنبلاط وجبران باسيل.