غزّة: لابيد يعلن الحرب… ليربح الانتخابات؟

مدة القراءة 5 د

رفضت “حركة الجهاد الإسلامي” أن تستجيب لمساعي التهدئة، وأعلنت عملية “وحدة الساحات” ردّاً على العدوان الإسرائيلي عليها، الذي بدأته إسرائيل بعد ظهر يوم الجمعة باغتيال أحد أبرز قادتها، تيسير الجعبري، في تصعيد عسكري كبير. في حين أطلق الناطق باسم جيش الاحتلال اسم “الفجر الصادق” على العملية العسكرية.

الاعتداء الإسرائيلي جاء بعد يوم واحد من اعتقال إسرائيل القيادي في الحركة الشيخ بسام السعدي، بالضفة الغربية المحتلة. وفي حين توقّع مراقبون أن تردّ “حركة الجهاد” في غزّة، باغتتها قوات الإحتلال بعملية اغتيال الجعبري التي بدت بمثابة إعلان واضح للحرب.

في مسعى إسرائيلي واضح إلى الاستفراد بحركة الجهاد وفكّ المسارات، أبلغ وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس حركة حماس عبر الوسيط المصري بأنّها غير مستهدفة في العملية، التي تقتصر على أهداف “الجهاد”، وأنّ نطاق المعركة والعمليات سيعتمد على ردّ “الجهاد الإسلامي”. وأعلن إنّ اسرائيل “لن تسمح بتهديد أو إيذاء الإسرائيليين، وأيّ طرف يحاول ذلك سيتعرّض للأذى”.

قتلت إسرائيل سلامة عباد ومحمد البيوك، وهم عضوان بارزان في الحركة. وقد رصدتهم سويّاً في شقّة غير معروفة في غزّة

الأمين العام زياد النخالة دعا “العدو إلى أن يتوقّع قتالاً، ولا مهادنة”، ودعا “المقاومين إلى أن يقفوا وقفة رجل واحد”، قائلاً لهم: “ليس هناك خطوط حمر ولا توقّف ولا وساطات، وستكون تل أبيب تحت ضربات صواريخ المقاومة”.

رفض “الجهاد” التهدئة برّره الناطق باسمها بأنّه “قبل ساعتين من الاغتيال كانت الوساطة المصرية تتقدّم، وكان هناك ردود إيجابية من قبلنا، قبل أن يسلك العدوّ طريق الغدر”.

فردّ الناطق باسم الجيش الإسرائيلي ران كوخاف بأنّ إسرائيل تستعدّ لعملية في قطاع غزة “قد تستغرق أسبوعاً على الأقلّ”، وأنّه “لا تجري مفاوضات للتهدئة في هذه المرحلة”، وأعلن “شنّ عشرات الغارات على أهداف تابعة لحركة الجهاد”.

 

لكن ما أهمية الجعبري؟

هو القيادي العسكري الثاني في “سرايا القدس”، يتولّى منصب قائد المنطقة الشمالية في غزّة منذ 2019، خلفاً لبهاء أبو العطا الذي اغتالته إسرائيل في 2019، وكان يعمل مساعداً له. وتشير مصادر فلسطينية إلى أنّ الجعبري، الشهير بـ”أبي محمود”،  نجا من محاولتَيْ اغتيال في 2012 و2014. وكان بمنزلة اليد اليمنى لرئيس الحركة، ويعدّ رئيس قسم العمليات في القطاع.

إلى جانب الجعبري قتلت إسرائيل سلامة عباد ومحمد البيوك، وهم عضوان بارزان في الحركة. وقد رصدتهم سويّاً في شقّة غير معروفة في غزّة، دائرة العمليات الخاصة في الشاباك، بحسب موقع “سروجيم” العبري.

غانتس أبلغ أطرافاً إقليمية ودولية بأنّ هدف العملية هو ضرب “منظومة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة بالتوازي مع الضربات التي توجّهها الأجهزة الأمنيّة الإسرائيلية للحركة وذراعها العسكري في الضفّة الغربية”، بحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي. وأضاف غانتس أنّ إسرائيل “لن تسمح بأن يربط الجهاد الإسلامي الأحداث في الضفّة بغزّة، التي بدأت تشهد انفراجاً خلال الأشهر الماضية وحالة غير مسبوقة من الهدوء”.

وفي ما يشبه الاستعداد لشنّ عملية عسكرية، ترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، جلسة حكومية صباح الجمعة، لتقييم الوضع الأمني، وصرّح بعدها: “سلامة سكّان منطقة غلاف غزة وجودة حياتهم على رأس أولويّاتنا. ونحن نعمل على إعادتهم إلى روتينهم اليومي في أسرع وقت ممكن، هذه مسؤوليتنا”.

الاعتداء الإسرائيلي جاء بعد يوم واحد من اعتقال إسرائيل القيادي في الحركة الشيخ بسام السعدي، بالضفة الغربية المحتلة

ماذا يريد لابيد؟

لابيد والقيادة السياسية لا يريدان الدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة عشيّة الانتخابات الإسرائيلية، لكنّهما وقعا تحت ضغوط الرأي العام الإسرائيلي، خصوصاً في منطقة غلاف غزّة، حيث وجد الإسرائيليون أنفسهم مسجونين كأنّهم فئران تجارب خشية من صواريخ الجهاد، فيما الحكومة الإسرائيلية غير قادرة على حمايتهم.

السبب أنّه لليوم الرابع على التوالي منذ اعتقال السعدي في جنين، فرض الجيش الإسرائيلي قيوداً مشدّدة على حركة سكان بلدات “غلاف غزّة” الإسرائيليين وتنقّلاتهم. وعلّلها بـ”منع مقاتلي الجهاد الإسلامي من استهداف مركبات أو أفراد في “الغلاف” بقذائف مضادّة للمدرّعات أو نيران قنّاصة”.

وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن “ضائقة” و”شعور بالحصار” لدى سكان “الغلاف”، وأنّ الأولاد والفتية هناك لا يستمتعون ولا يخرجون من بيوتهم إلى المتنزّهات وبرك السباحة في أوج العطلة الصيفية، بينما يعجّ ساحل غزّة بالمصطافين.

واحتجّ محلّلون إسرائيليون على كون “الجهاد الإسلامي” نجحت في إدخال “غلاف غزة” في حصار ذاتيّ، ووضعت القوات الإسرائيلية في حالة استنفار قصوى وتوتّر شديد، من دون إطلاق قذيفة واحدة. واعتبروا أنّ هذا الوضع يعزّز رصيد “الجهاد” ويدفعها إلى رفع شارة النصر.

لابيد وغانتس أصدرا بياناً مشتركاً أعلن أنّ الجيش “يهاجم أهدافاً للجهاد في غزة ليزيل تهديدات هذا التنظيم الإرهابي عن المواطنين، ويستهدف الإرهابيين ومن يرسلهم، بمشاركة كلّ الجهات الاستخباراتية وجهاز الأمن العامّ”. وصادق وزير الجيش غانتس على استدعاء خمسة وعشرين ألفاً من جنود الاحتياط، تحسّباً لاستمرار العملية العسكرية بضعة أيّام.

إقرأ أيضاً: غزّة تدخل سباق الانتخابات الإسرائيلية

تحاول إسرائيل من خلال عدوانها أن تردعَ “الجهاد” وتمنعها من ربط ذراعها في غزّة بذراعها في الضفّة، بحيث لا تردّ في غزّة على عمليات إسرائيل ضدّ كوادرها في الضفة، وتحاول فصل الجبهات، بين “حماس” و”الجهاد”.

والأيام المقبلة ستبيّن إذا كان حجم ردّ “الجهاد” وعمقه واتّساعه سيدخل “حماس” المعركة؟ أم أنّها لن تشعور بالحرج الشديد نتيجة خذلانها حركة الجهاد…

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…