رئيس الجمهورية ميشال عون “مسكّر راسو” من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بحسب فريق القصر الجمهوري. وهو بصدد القيام بخطوة تصعيدية. يدرك الفريق أنّه لا يستطيع نزع ورقة التكليف، لكنّ ذلك لم يمنع عون من مصارحة اللبنانيين ورفع الصوت مقابل ما يعتبره “استغلال ميقاتي لصلاحيّاته الدستورية وعدم تشكيل حكومة قبل نهاية العهد”. وينقل مطّلعون لـ”أساس” أنّه “لن يلتزم الصمت في نهاية عهده”.
تأتي هذه الأجواء على الرغم من توقّف صدور البيانات والبيانات المضادّة على جبهة التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، غير أنّ النفوس لم تهدأ بعد، لا بل إنّ الأجواء مرشّحة للتصعيد في الأيام الأخيرة للعهد، وسط معلومات عن غضب كبير في القصر الجمهوري لأنّ الرئيس ميشال عون “مسكّر راسه” ولن يلتزم الصمت في نهاية عهده.
بعد اجتماعه الأسبوعي أصدر التيار الوطني الحر بياناً هاجم ميقاتي ردّا على عدم رغبته بتشكيل حكومة وتمسّكه بورقة التكليف إلى ما بعد عهد ميشال عون. سرعان ما استدعى ذلك ردّاً من ميقاتي، وتوالت البيانات إلى أن بلغت بياناً لميقاتي استذكر فيه العقوبات الأميركية المفروضة على باسيل بتهم الفساد، فردّ الأخير بمعايرة ميقاتي بملفّات الفساد المتّهم فيها، قائلاً له إنّه لا يستطيع أن يكون رجل دولة. وانفجر الخلاف بين الفريقين.
بحسب أوساط حكومية فإنّ ميقاتي لم يكن يريد هذا السجال لأنّ وضع البلاد في مكان آخر وهموم الناس أيضاً. انتظر المكتب الإعلامي لميقاتي 12 ساعة قبل الردّ، إلا أنّه ردّ بعد تصعيد التيار
أصل الخلاف يعود إلى ما قبل تكليف ميقاتي، يوم أدرك جبران باسيل أنّه مطوّق في نهاية عهد ميشال عون. وكان مخيّباً له أنّ حلفاءه اختاروا خصمه ميقاتي، وكذلك خصومه، وتحديداً القوات اللبنانية، امتنعت عن تسمية أي خصم لميقاتي، فقطعت الطريق على باسيل ومنعته من أن يفرض شروطه على ميقاتي مقابل أن يسمّيه.
خلاف الصلاحيات والطائف
بعد التكليف أمسك ميقاتي بورقة دستورية لا يمكن لأحد أن ينتزعها منه. فتح ذلك سجالاً حول الصلاحيات. وكان سبق ذلك سجالٌ حول صلاحيّات رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة يوم طرح باسيل تعديلات دستورية تُلزم رئاستَيْ الجمهورية والحكومة بمهلة زمنية، الأولى في الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، والثانية في تشكيل الحكومة. اعتبر الفريق السنّيّ مطلب باسيل هذا مسّاً بالصلاحيات وضرباً لاتفاق الطائف لأنّه سيعطي رئاسة الجمهورية صلاحيّة الضغط بشروطها على رئاسة الحكومة التي ستخضع تحت ضغط الوقت المحدّد لها لشروط بعبدا في معركة التأليف، خلافاً لما ينصّ عليه اتفاق الطائف وهو أنّ رئيس الحكومة المكلّف يستمدّ شرعية تكليفه من تكليف النواب المنتخبين من الشعب، في الاستشارات النيابية، وليس من رئيس الجمهورية المنتخب من النواب كما كان الحال قبل الحرب وقبل الطائف.
استمرّت معركة الصلاحيّات إلى ما بعد التكليف، ولا سيّما بعد زيارة ميقاتي بعبدا حاملاً تشكيلة اعتبر فريق القصر أنّه لم يشارك في وضعها.
عاد وانفجر الخلاف بينهما اليوم، قبل شهرين من خروج عون من بعبدا، وهي الفترة التي يُفترض بفريق رئيس الجمهورية أن يحصّن نفسه فيها لِما بعد العهد. ويبدو أنّ ميقاتي مصمّم على قطع الطريق على باسيل لمنعه من تحصين نفسه.
ماذا تريد بعبدا؟
بحسب أوساط حكومية فإنّ ميقاتي لم يكن يريد هذا السجال لأنّ وضع البلاد في مكان آخر وهموم الناس أيضاً. انتظر المكتب الإعلامي لميقاتي 12 ساعة قبل الردّ، إلا أنّه ردّ بعد تصعيد التيار.
لا تستبعد بعض المصادر المطّلعة في حديث لـ”أساس”، أن يكون تصعيد التيار مرتبطاً بمرسوم التجنيس الذي انكشف أمره في الساعات الأخيرة، أو أن يكون هذا التصعيد وسيلة ضغط على ميقاتي لتوقيع مراسيم يريدها فريق الرئيس قبل نهاية العهد. غير أنّ ذلك لن يحصل، كما تشير بعض المصادر المطّلعة على أجواء هذا الخلاف. أمّا تضمين بيانات التيار “غزلاً” لحزب الله فاعتبرته المصادر “محاولة من باسيل لتعزيز أوراقه الرئاسية لدى الحزب ولو كان ذلك ليثبّت نفسه ناخباً رئاسياً أوّل وليس مرشّحاً”.
إقرأ أيضاً: باسيل وجعجع يدشّنان ماراتون الرئاسة: هل يُنتخب “أبو ملحم”؟!
كما ترى مصادر التيار الوطني الحر في تذكير ميقاتي لباسيل بالعقوبات أنّ ذلك “عير أخلاقي”، لأنّ العقوبات على رئيس التيار سياسية بامتياز. وتحدثّت هذه المصادر عن أنّ ميقاتي يعمد عن سابق إصرار وتصميم إلى تشويه سمعة كلّ ما هو مرتبط بالتيار الوطني الحر، ابتداءً من معارضته لوصول الفيول الإيراني وصولاً إلى عدم عقد أيّ جلسة لمجلس الوزراء لإقرار ما يهمّ اللبنانيين في الظروف الصعبة. كما ينفي التيار أن يكون باسيل سبق أن أوعز إلى بعض الوزراء بعدم حضور أيّ جلسة، لا بل يحثّ ميقاتي على الدعوة إلى اجتماع الحكومة، لكن ترى المصادر أنّ ميقاتي لن يدعو لأنّ رئيس الجلسة سيكون رئيس الجمهورية بطبيعة الحال.