إسرائيل تستنفر.. وتعرض “تقاسم” الأرباح حول الخطّ 23

مدة القراءة 5 د

يبدو جليّاً أنّ خطر التصعيد بين إسرائيل ولبنان بشأن آبار الغاز في البحر المتوسط قد ارتفع بصورة كبيرة مع دخول الطائرات المسيّرة مجال حقل كاريش وتحوّلها إلى صندوق بريد لحزب الله، ومع تزايد التهديدات في خطابات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وهو ما دفع “الكابينيت” الإسرائيلي إلى أن الدعوة لاجتماع طارئ غداً لمناقشة تهديدات الحزب لحقول الغاز الطبيعي ومنصّة كاريش. في لحظة هي الأصعب منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 14 آب 2006، وتنذر بخطر انزلاق حقيقي إلى مواجهة عسكرية مكلفة.

بحسب موقع “والا” العبري، فإنّ تل أبيب نقلت الأربعاء الماضي اقتراحاً جديداً للإدارة الأميركية بشأن الخلاف مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية. مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال خولتا نقل إلى البيت الأبيض الاقتراح قبيل زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى بيروت غداً، ويقضي بتوزيع الأرباح من احتياطيات الغاز المحتملة في المنطقة المتنازَع عليها بين لبنان وإسرائيل أي الخطّ 23. ونقل خولتا أنّ إسرائيل لن توافق على أيّ تنازل آخر خارج منطقة النزاع.

تدرك تل أبيب ضرورة أن تبدي المرونة الكافية في ملفّ الترسيم البحري مع لبنان، وإلّا فستصل الأمور إلى طريق مسدود

معادلة نصر الله الجديدة

لكنّ نصر الله قد وجد في هذا النزاع فرصةً “فأساً جديدة للحفر”، و”لا ينوي التوقّف في وقت قريب، إذ بدأ يتسلّق سلّم التصعيد، ويطرح الموضوع بمصطلحات مصيرية”، بحسب الإعلام الإسرائيلي. خصوصاً أنّه بات يرى في أزمة الطاقة العالمية فرصة ذهبية وتاريخية للبنان، وفهم أنّه في حال بدأت تل أبيب استخراج الغاز في أيلول، سيبقى لبنان من دون قدرة على المساومة: “تخبزوا بالأفراح بعد أيلول”، قال في خطابه الأخير.

لهذا نفّذ الأمين العام للحزب انقلاباً كامل الأركان على مواقفه التي سبق أن أطلقها حينما رست منصّة الغاز في حقل كاريش، وقال يومها: “نحن وراء الدولة ومع ما تقرّره في ملفّ الترسيم”. فقد اعتبر نصر الله في خطابه عشيّة زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، في محاولة منه لتحذير واشنطن وتل أبيب من تجاهل حقوق لبنان في مجال النفط والغاز الطبيعي في سواحله، أنّ “رسالة المسيّرات هي بداية متواضعة لِما يمكن أن نذهب إليه إذا وصلت الأمور إلى الخواتيم السلبية”، مضيفاً:”سجّلوا المعادلة الجديدة: كاريش وما بعد كاريش وما بعد بعد كاريش”. وشدّد على أنّه “إذا توصّلتم إلى معادلة أنّ لبنان ممنوع من أن ينقذ نفسه بحقّه الطبيعي من الغاز والنفط، لن يستطيع أحد أن يستخرج غازاً ونفطاً، ولن يستطيع أحد أن يبيع غازاً ونفطاً وأيّاً تكن العواقب”.

 

ضرورة مرونة إسرائيل

نصر الله يستند إلى حالة إحباط حقيقية تسود في لبنان، في ضوء تمتُّع إسرائيل بحرّيّة استخراج الغاز والنفط من سواحلها، بل دنوّها من مضاعفة أرباحها من مبيعات الغاز إلى أوروبا العطشة إلى النفط بفعل الصراع الروسي الأوكراني… فيما ينهار لبنان، ويضاعف خسائره، ولا يستطيع استخراج نفطه وغازه من سواحله، وهما اللذان يمكن أن يشكّلا خشبة إنقاذ حيوية لدورة اقتصاده.

لذا تدرك تل أبيب ضرورة أن تبدي المرونة الكافية في ملفّ الترسيم البحري مع لبنان، وإلّا فستصل الأمور إلى طريق مسدود. وبحسب المحلّل العسكري لصحيفة “هآرتس” آموس هرئيل فإنّ “سوق الغاز الإسرائيلية بدأت البحث عن بدائل من بدء أعمال التنقيب عن الغاز في حقل “كاريش”، التي كان من المخطّط أن تبدأ في شهر أيلول المقبل، تخوّفاً من عدم حدوثها جرّاء التصعيد مع حزب الله”. وينقل هرئيل أنّه “وفق تقديرات الاستخبارات ما يزال احتمال اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله منخفضاً”، إلا أنّ ضابطاً إسرائيلياً رفيع المستوى يستعيد تجربة العام 2006، ويقول: “قبل يوم واحد من الحرب، لم تكن لدينا أيّ فكرة عن تخطيط حزب الله لأسر جنديين إسرائيليين، وبنظرة إلى الوراء، كنت سأبذل الكثير كي أعلم بذلك من أجل أن يكون لدينا ولو يوم واحد كي نستعدّ”.

نصر الله “يكسب نقاط”؟

بحسب المراقبين، يتوقّع في نهاية الأمر التوصّل إلى ترسيم للحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، لأنّه لا أحد يرغب في انفلات الأمور، ولا أحد يستطيع تحمّل تكلفة ذلك. وبالنسبة إلى تل أبيب فإنّها ترى أنّ تصريحات السيد نصر الله المتتالية “لعبة مدروسة”، إذ يعتبر أنّ احتكاكاً مدروساً حول منصّات الغاز يمكن أن ينتهي بتراجع إسرائيلي وترسيم الحدود البحرية بشكل يضع في أيدي لبنان حقول غاز أكبر.

إقرأ أيضاً: كاريش: خاصرة إسرائيل “الرخوة”

وبحسب الكاتبة الإسرائيلية ليلاخ شوفال، يشير جهاز الأمن الإسرائيلي إلى أنّه في ضوء توقّع إنهاء المفاوضات قريباً، يحاول نصر الله خلق استفزازات وكسب النقاط ضمن أمور أخرى كي يأخذ صورة “درع لبنان” ويدّعي لاحقاً أنّ إسرائيل “تراجعت” تحت تهديداته. وتعتقد تل أبيب أنّ هذا هو السبب الذي جعل “حزب الله” يطلق في الأسابيع الأخيرة المسيّرات نحو الطوّافة. ولا تستبعد تل أبيب إمكانية محاولات أخرى لـ”حزب الله” لإطلاق مسيّرات “منضبطة” نحو الطوّافات في الفترة القريبة المقبلة، لكنّ الخشية من أن تردّ بشكل حادّ وتنفلت الأمور.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…