تحذير: ما يجب ألّا يقوله “بايدن” للزعماء العرب؟

مدة القراءة 7 د

يخطئ تماماً مَن يعتقد جازماً أنّ رحلة الرئيس جو بايدن إلى السعودية محسومة النتائج الإيجابية سلفاً!

مقياس نجاح أو فشل هذه الزيارة هي اللقاءات الجانبية التي سيُجريها بايدن مع زعماء ستّ دول خليجية، بالإضافة إلى زعماء مصر والأردن والعراق.

هناك أسئلة وطلبات من الجانبين العربي والأميركي، وبناءً على نوعيّة الأسئلة وشكل إجابات كلّ طرف سوف يتحدّد مسار العلاقات العربية-الأميركية في زمن الانسحاب الاستراتيجي لواشنطن من الشرق الأوسط وإعطاء الأولويّة للمصالح الأميركية في منطقة جنوب بحر الصين والمحيط الهادئ.

 

استراتيجيّاً احتمالات الخطأ لدى بايدن واردة بشكل قويّ، ولا سيّما أنّه رجل بلغ من العمر 83 عاماً، وحالته العقليّة الصحيّة لا تتمتّع بالتركيز الأمثل، وسياسة حزبه وتشوّهها الأيديولوجي، شديدا التأثير عليه.

يقول خبير في العلاقات الخليجية-الأميركية مثّل بلاده لسنوات في واشنطن وواكب عدّة إدارات تنتمي إلى الحزب الديمقراطي: “هنالك احتمالات خطأ كبرى يمكن أن تحدث في هذه القمّة، ليس في مجال البيانات المكتوبة أو البيان الختامي المُعدّ سلفاً من لجنة صياغة مشتركة، بل إنّ الخطأ وارد في الحوارات المغلقة الجانبية التي يمكن أن تتمّ بين بايدن وزعماء المنطقة”.

أضاف المصدر: “ولأنّ الهواجس والشكاوى العربية كثيرة، ولأنّ إدارة بايدن في صراع بين لغة المصالح والتزامها الأيديولوجي الصارم، فإنّ احتمالات الخطأ أو الصدام أو خيبة الأمل واردة بقوة”.

من هنا علينا أن نرصد ما يمكن تسميته “الأخطاء” الممكن أن يرتكبها بايدن في حواراته مع زعماء المنطقة، في حال ارتكب الحماقة السياسية وأقدم عليها معهم.

هناك “كاتالوغ” يجب شرحه لبايدن قبل الرحلة يتضمّن ما يجب قوله وما يجب عدم قوله في هذه اللقاءات.

استراتيجيّاً احتمالات الخطأ لدى بايدن واردة بشكل قويّ، ولا سيّما أنّه رجل بلغ من العمر 83 عاماً، وحالته العقليّة الصحيّة لا تتمتّع بالتركيز الأمثل، وسياسة حزبه وتشوّهها الأيديولوجي، شديدا التأثير عليه

يمكن رصد ما يجب ألّا يقوله بايدن لزعماء المنطقة على شكل نصائح يمكن تحديدها على النحو التالي:

أوّلاً: في البداية عند زيارة السعودية يجب أن تعطي الملك سلمان احترامه وتقديره الكاملين.

ثانياً: لا تتعامل مع وليّ العهد السعودي على أنّه فقط وزير الدفاع، لكن يجب أن تعامله على أنّه الرجل التنفيذي الفعليّ الأوّل في البلاد والممسِك بكلّ مفاصل الدولة ومفاتيحها. وهو، بعد عمر طويل، الرجل الأوّل في سلطة الحكم السعودي، ولسنوات طويلة.

ثالثاً: في اللقاء مع الأمير محمد بن سلمان يجب على بايدن ألّا يفتح ملف خاشقجي مرّة أخرى.

رابعاً: في لقاء بايدن مع الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات، يُعتبر من الحماقة السياسية أن يقدّم بايدن تبريراً أميركياً لأسباب الارتباك الأميركي في تنفيذ التعهّد المكتوب ببيع طائرات “إف 35” للإمارات، خاصة بعد الدرس القويّ الذي لقّنه الشيخ محمد لجايك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي عند زيارته لأبو ظبي.

خامساً: يجب ألّا يضغط بايدن علناً أو سرّاً على زعماء الخليج لتغيير سياساتهم في “أوبك بلاس” من ناحية حجم الإنتاج أو سعر البيع.

سادساً: يخطئ بايدن خطأ عظيماً إذا حاول الضغط على كلّ زعماء المنطقة لاتّخاذ موقف جماعي معادٍ لموسكو وتهديد مصالحهم المتعدّدة مع روسيا.

سابعاً: يخطئ بايدن إذا حاول، محاولة وحسب، أن يلقي محاضرة على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في حقوق الإنسان في مصر، أو في محاولة واشنطن إعادة التأهيل السياسي لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين في مصر مرّة أخرى.

ثامناً: يخطئ بايدن إذا حاول إقناع الشيخ محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان والملك حمد آل خليفة بأنّ الاتفاق النووي مع إيران ممكن ومفيد للمنطقة على الرغم من عدم وجود نصّ ملزم وعهد من طهران باحترام سيادة الآخرين وسلامة جيرانها.

تاسعاً: يخطئ بايدن إذا حاول تبرير عدم وضع الحوثيين وجماعة الإخوان على قوائم الإرهاب والعقوبات في الكونغرس الأميركي.

عاشراً: الخطأ العظيم الذي تقع فيه كلّ الإدارات الأميركية، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، يتألّف من أربعة مكوّنات رئيسية:

1- عدم فهم طبيعة قرار الفعل وردّ الفعل للعقل السياسي العربي.

2- محاولة تطبيق المعايير الأميركية على العالم العربي مع اختلاف الثقافة الوطنية وفوارق الظروف الاقتصادية والتباينات الاجتماعية بين العرب والأميركيين.

3- التعامل الأميركي مع الزعماء العرب وفق منطق يسوده التعالي والفوقية الإنسانية والسياسية.

4- عدم فهم أنّ زعماء المنطقة يسعون بكلّ صدق إلى أن يكونوا حلفاء أقوياء للسياسة الأميركية، لكنّهم في الوقت نفسه يرفضون تماماً أن يُعاملوا معاملة التابعين الفاقدين السيادة.

الخوف أن يقع بايدن في محظور فريقه الأيديولوجي ويطلب في زيارته المقبلة للسعودية من زعماء الدول التسع اتّخاذ موقف متشدّد وعدائي ضدّ موسكو، واعتباره شرطاً أساسياً لاستمرار علاقته بهم

التبرير الإسرائيلي

تاريخ بايدن في إطلاق تصريحات غير مدروسة حول دول وزعامات الشرق الأوسط كثيرة ومتعدّدة وسلبيّة، وآخرها تبرير زيارته المقبلة للمنطقة بأنّها للاطمئنان وتدعيم أمن إسرائيل!

حاول الرجل في مثل هذا التصريح تبرير زيارته لدول في المنطقة كان تعهّد بجعلها دولاً منبوذة دفاعاً عن رؤية تيار يسار الوسط الديمقراطي الذي يقيِّم علاقات واشنطن الثنائية مع دول المنطقة بناءً على سجلّها في حقوق الإنسان. إنّها أكذوبة كبرى تدفعنا إلى التساؤل: كيف يمكن لبلاده أن تسعى بكلّ قوة إلى إعادة تأهيل إيران صاحبة أسوأ سجلّ في هذا المجال؟!

إن لم يدرس بايدن هذه المحاذير المتعدّدة، فإنّ الرجل الذي شاع عنه أخيراً أنّه قليل التركيز ويقع في أخطاء غير مقصودة بسبب تقدّم العمر، قد يواجه لحظات صعبة أو مواقف شديدة الإحراج في زيارته المقبلة للسعودية يومَيْ 15 و16 تموز المقبل.

يصعب ارتكاب الأغلاط في الكلمات العلنيّة لأنّها مكتوبة سلفاً، لكنّه وارد في لقاءات

الغرف المغلقة حيث من الممكن أن يؤدّي الارتجال إلى الخطأ.

فريق أوباما

يُنقل عن الزعماء الثلاثة: السيسي، بن زايد وبن سلمان، أنّهم جميعاً، على الرغم من إيمانهم بضرورة الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية بين بلادهم وواشنطن، إلا أنّهم لا يشعرون باطمئنان إلى طبيعة هذه العلاقة منذ وصول إدارة بايدن للحكم، وأنّهم إنسانياً وسياسياً يرفضون التعامل مع هذه الإدارة من منطلق المنفِّذين لإرادة الفريق الأيديولوجي الديمقراطي الذي يدير ملفّات فريق بايدن، والذي يُعتبر نسخة طبق الأصل من فريق باراك أوباما.

القاهرة التي ترتبط بعلاقات تاريخية مع موسكو، والرئيس السيسي الذي حاز إعجاب بوتين في أوّل لقاء بينهما، حينما كان وزيراً للدفاع، يريدان الحفاظ المتوازن على علاقات مصر مع واشنطن وموسكو في آن واحد، ولا يسعيان إلى مرحلة يقول فيها أحدهما لهما: “إمّا معي أو أنت ضدّي”.

إقرأ أيضاً: بايدن في السّعوديّة: انتصر بن سلمان.. على “فيينا”؟

الخوف أن يقع بايدن في محظور فريقه الأيديولوجي ويطلب في زيارته المقبلة للسعودية من زعماء الدول التسع اتّخاذ موقف متشدّد وعدائي ضدّ موسكو، واعتباره شرطاً أساسياً لاستمرار علاقته بهم.

هذا التصوّر الأيديولوجي غير السياسي نبّه إليه المفكّر الفرنسي ألكسيس دي توكفيل (1805-1859) الذي كتب كثيراً عن الديمقراطية الأميركية، ونبّه إلى أنّ “أخطر ما يمكن أن تتعرّض له الديمقراطية الأميركية هو صراعها الدائم بين المبادئ والمصالح، خاصة إذا تمّ ذلك بتشدّد وجمود”.

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…