أثبتت دار المُختارة أنّ زعامتها الدّرزيّة غير قابلة للكسر. لن يتسنّى في المستقبل القريب، لأيّ درزيٍّ من خارج المُختارة، ما تيسّر لوئام وهّاب، من دعمٍ سوريٍّ وإيرانيّ، وآخر على هيئة سرايا المقاومة، ومن إعلام وأبواب خدمات، من مازوت وبنزين ورواتب شهريّة، ومن دعم عربي لم يعد سرّاً.
أثبت وليد جنبلاط أنّه هو زعيم الدروز في لبنان، ينتقي نوابهم، وإن خرج منهم نائب بالتوافق مع عين التينة في حاصبيا، وينتقي النائب المعارض أيضاً، بأن يترك مقعداً فارغاً لطلال أرسلان في عاليه، يتناتش عليه هو ومارك ضوّ، الذي كان خلال ساعات الليل “يسحب” بالأصوات ويطارد “المير طلال”، للمرة الأولى: “على المنخار”.
كُلّ الترتيبات خلال 4 سنوات لكسر باب المُختارة، تحطّمت أمام الدرع الجنبلاطي الفولاذيّ، فبقيَ تيمور جنبلاط وبقيَ مروان حمادة، وبلال عبد الله، وسقط وئام وهاب على أدراج القصر الذي يزيد عمره السياسي عن 400 عام.
تصدّى جنبلاط للهجمة وقالَها في الصّناديق: أنا من أفتح الباب أو أغلقه وأنا من أنتقي المُنافسين والحلفاء.
مرّ اليوم الانتخابيّ بهدوءٍ “غير متوقّع” بناءً على شكل حماسة ودقة المعركة في دائرة الشّوف – عاليه، العرين الجنبلاطيّ الذي كان يصدّ محاولة خرقه درزياً في معقل زعامته، الشّوف. ومن يعرف كواليس الماكينة الجنبلاطية يعرف أنّ وليد بيك عمّم على الجميع: “لا أريد نقطة دم واحدة في المنطقة”.
تصدّى جنبلاط للهجمة وقالَها في الصّناديق: أنا من أفتح الباب أو أغلقه وأنا من أنتقي المُنافسين والحلفاء
أجواء الماكينات
كُلّ الماكينات الانتخابيّة التي تواصل معها “أساس” خلال اليوم الانتخابيّ الطويل اجتمعت على عبارة واحدة: “مرتاحين”، إلّا أجواء الحزب التّقدّمي كانت تصفها بـ”الممتازة”.
حتّى ساعة كتابة هذا التّقرير بعد منتصف الليل، كان الاشتراكيّون يؤكّدون أنّ لا خوف على المقعدين الدّرزيين اللذين يشغلهما النّائبان تيمور جنبلاط ومروان حمادة في الشّوف، ولا خوف على المقعد الماروني القواتي لجورج عدوان.
بدورها، ماكينة التّيّار الوطنيّ الحرّ مرتاحة بالنّسبة لنيلها مقعدين، واحدًا مارونيّاً تنحصر المنافسة عليه في قلب اللائحة بين النائب فريد البستاني والمحامي ناجي البستاني، وآخر كاثوليكيّ لغسّان عطالله. إلّا أنّ هذه المقاعد قد تتغيّر في حال نالت لائحة وهّاب – التّيّار العوني 3 حواصل، فعندها تتبدّل الأرقام.
الارتياح عينه كان عندَ الماكينة الانتخابيّة للائحة المُجتمع المدنيّ “توحّدنا للتغيير” إذ تُعوّل اللائحة على نيلها حاصلين في الشّوف: واحدٌ للمقعد المارونيّ وآخر سنّيّ.
عاليه “التغيير”
في عاليه تشير مصادر لائحة “توحّدنا للتغيير” إلى تقدّم المُرشّح مارك ضو نحو الفوز بالمقعد الدّرزيّ الثّاني المتروك لأرسلان. وفي حال حسمَ ضو مقعده، يكون وجّه ضربةً قاصمة للنّائب طلال أرسلان، وعليه يصير للمُختارة نِدّاً جديداً من خارج البيوت التقليديّة، هو “قوى التغيير”.
أما بالنّسبة للمقاعد المسيحيّة، فكانت الأرقام تشير إلى نيل القوّات اللبنانيّة مقعداً لمرشّحها نزيه متّى، بينما حسَمت المُختارة المقعد المارونيّ لمرشّحها راجي السّعد، وكان التّيّار مرتاحاً لجهة حماية مقعد سيزار أبي خليل من أيّ خرق.
مشهدٌ جديد يُرسَمُ في الجبل. قوى التغيير دخلت على الخطّ ليسَ من باب التّحدّي فحسب، إذ باتت شريكاً أساسيّاً للقوى التقليديّة في الجبل. وهذا ليسَ تفصيلاً عابراً على الإطلاق.
إقرأ أيضاً: صيدا-جزّين: هزيمة أسود.. ومفاجأة البزري
تعكس أرقام الشّوف – عاليه تبدّلاً غير مسبوق بمزاج النّاخبين. وهُنا يكمن التّحدّي أمام تيمور جنبلاط للحفاظ على دار المُختارة، ليسَ من وئام وهّاب أو طلال أرسلان أو سرايا المُقاومة، بل من التبدّل الشّعبيّ الذي عكسته أرقام الصّناديق في الجبل.