قبل أيام قليلة من إقفال باب تسجيل اللوائح الانتخابية، تمكّنت القوى المعارضة أو تلك التي تصنّف نفسها تغييرية من توحيد صفوفها في دائرة بيروت الثانية والاتفاق على لائحة مشتركة تخوض عبرها الاستحقاق النيابي بعد جلسات ومشاورات ماراتونية كادت في لحظات معيّنة أن تطيح بكلّ هذه الجهود. إذ تفيد معلومات “أساس” عن تفاهم حصل في ساعات الليل المتأخّرة وأفضى إلى اتفاق حول لائحة مشتركة في الدائرة الثانية تضمّ:
إبراهيم منيمنة (سنّيّ) – “بيروت تقاوم”.
حسن سنّو (سنّيّ) – “لَنا”.
وضاح الصادق (سنّيّ) – “أنا خط أحمر”.
سارة ياسين (سنّيّة) – “مدينتي”.
إيمان طبارة (سنّيّة) – “الكتلة الوطنية”.
رشدي قباني (سنّيّ) – “ثوار بيروت”.
علي عباس (شيعي) – “المرصد الشعبي لمحاربة الفساد”
محمود فقيه (شيعي) – “تحالف وطني”.
ملحم خلف (أرثوذكسي) – “مستقلّ”.
ريما أبو شقرا (درزية) – “مدينتي”.
نهاد يزبك ضومط (إنجيلية) – “بيروت تقاوم”.
وفق المتابعين، هدد ملحم خلف بالعزوف عن الترشّح والانسحاب كليّاً من الانتخابات، الأمر الذي كان من الممكن ان يؤدّي إلى تعطّل محاولات التفاهم، وانتقال العدوى إلى الدائرة الأولى التي تتخبّط بدورها في الخلافات
وقد انتظر كثيرون أن تقدّم بيروت، وتحديداً في دائرتها الأولى، نموذجاً لأداء قوى “التغيير” أو “المعارضة” في خوض الاستحقاق النيابي، لتكون القلب المحرّك والمؤثّر في بقيّة الدوائر، إلا أنّ مجريات المفاوضات على أرض العاصمة بدائرتَيْها الأولى والثانية كادت تضرب محاولات هذه القوى إحداث أيّ تغيير على الخارطة النيابية.
قبل أيام معدودة من إقفال باب تسجيل اللوائح الانتخابية، لم تتوقّف الاجتماعات بين هذه المجموعات في محاولات أخيرة لرأب الصدع الواقع، ولملمة الصفوف وجمع القوائم الانتخابية. وبدت فرصة التوحّد ضئيلة نظراً إلى الخلافات العديدة التي كان ممكناً أن تحول دون اجتماع قوى المعارضة في لوائح مشتركة. أمّا المفارقة فهي أنّ هذه الخلافات ليست بسبب التوجّهات السياسية أو شعارات المعركة أو معايير التفاهم، وإنّما تقاسم المقاعد.
وقد تصرّف بعض هذه المجموعات بكثير من الأنانيّة التي صعّبت المفاوضات بشكل كان سيمنعها من استقطاب تأييد الناخبين المفترض أن يصوّتوا لها، خصوصاً إذا ما توزّعت هذه المجموعات على لوائح متنافسة، وهذا ما سيساعد حكماً خصومها على تحسين وضعهم الانتخابي.
يتردّد على سبيل المثال أنّ اللائحة المدعومة من أنطون الصحناوي استحوذت على الكتلة السنّيّة التي سبق أن صوّتت لبولا يعقوبيان. وبسبب حرب الفيتوات الشرسة التي حصلت خلال الأيام الأخيرة بين هذه المجموعات، يتردّد أنّ منصة “نحو الوطن”، التي كانت ستتولّى تمويل الحملات الإعلامية لهذه المجموعات، ألغت العقود التي كانت موقّعة مع شركات اللوحات الإعلانية، لأنّها كانت تشترط حصول التفاهمات لتمويل المعركة.
ويتبيّن من المفاوضات، التي لا تزال جارية على قدم وساق، أنّ مسار المعركة في دائرة بيروت الأولى مرتبط بشكل ما بمصير المفاوضات في دائرة بيروت الثانية، على اعتبار أنّ بعض المجموعات تخوض الاستحقاق في كلتا الدائرتين، وتربط المعركتين إحداهما بالأخرى. مع العلم أنّ الاجتماع المطوّل، الذي عُقد مساء الأربعاء بين المجموعات المعنيّة، كان عاصفاً جدّاً، في ضوء تبادل الاعتراضات بين المرشّحين المجتمعين.
حرب ملحم خلف
من تلك الخلافات المعركة الشرسة التي دارت مثلاً حول المقعد الأرثوذكسي في دائرة بيروت الثانية، وأبرز المرشّحين عن هذا المقعد من هذا الفريق هو نقيب المحامين السابق ملحم خلف. وفق المعنيّين، فإنّ التقديرات الأوّليّة تشير إلى أنّ هذا المقعد قد يكون من المقاعد “الفلتانة”، بمعنى أنّه سيكون “هديّة الكسور” التي ستُقدّم لإحدى اللوائح التي ستتجاوز العتبة الانتخابية. وقد فاز النائب نزيه نجم في الدورة الماضية على لائحة “المستقبل” بالمقعد بحصوله على 2,315 صوتاً تفضيلياً. لكنّ مجموعة “مدينتي” كانت تتصدّى لترشيح نقيب المحامين السابق من خلال الإصرار على ترشيح باولا ربيز عن المقعد ذاته، لاعتقادها أنّها قادرة على الفوز به.
تفيد معلومات “أساس” عن تفاهم حصل في ساعات الليل المتأخرة وأفضى إلى اتفاق حول لائحة مشتركة في الدائرة الثانية
ووفق المتابعين، فقد هدّد ملحم خلف بالعزوف عن الترشّح والانسحاب كليّاً من الانتخابات، الأمر الذي كان من الممكن ان يؤدّي إلى تعطّل محاولات التفاهم، وانتقال العدوى إلى الدائرة الأولى التي تتخبّط بدورها في الخلافات بين أكثر من محور، ولا سيّما أنّ خلف، وفق المعنيين، سبق له أن توصّل إلى تفاهم مع “مدينتي”، إلا أنّه فوجىء قبل أيام بالانقلاب على الاتفاق وبالعودة عنه، فما كان منه إلا أن هدّد بالعزوف عن الترشّح والخروج نهائياً من السباق.
أكثر من ذلك، يقول المعنيون إنّ مجموعة “مدينتي” تصرّفت وكأنّها قادرة على “قشّ” دزينة من المقاعد النيابية، وهي حاولت فرض سبعة مرشّحين (4 ترشيحات في دائرة بيروت الأولى، و3 في دائرة بيروت الثانية)، الأمر الذي صبّ الزيت على نار الخلافات، قبل رضوخ الجميع لمبدأ التفاهم وتقديم بعض التنازلات للاتفاق، خصوصاً أنّهم مقتنعون أنّه في حال عدم توصّل هذه المجموعات إلى اتفاق، فستواجه حائطاً مسدوداً وستسدي خدمة ذهبية للخصوم، لأنّها ستضطرّ إلى خوض الاستحقاق في ثلاث لوائح انتخابية في الدائرة الأولى، وفي لائحتين في الدائرة الثانية، الأمر الذي سيحول دون تحقيقها انتصارات مهمّة.
إقرأ أيضاً: الانتخابات: إسلاميون مستقلّون.. من رحم الثورة
يُذكر أنّ لائحة “كلّنا وطني”، التي فازت من خلالها النائبة بولا يعقوبيان في الانتخابات الماضية، حصلت على حوالي 6,800 صوت، بينها 2,500 صوت ليعقوبيان. فيما حصلت لائحة “كلّنا بيروت”، التي ضمّت إبراهيم منيمنة، على حوالي 6,100 صوت، بينها 1,676 صوتاً تفضيلياً لمنيمنة.