خلال الأيام القليلة المقبلة، سيعود إلى لبنان الوسيط الأميركي في ملفّ ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، آموس هوكشتاين، ليتسلّم الردّ اللبناني الرسمي، الذي اتفق عليه الرؤساء الثلاثة خلال اجتماعهم قبل أيّام في بعبدا، حيث ناقشوا عرض اللجنة الفنية.
اللجنة الفنية شرحت اقتراحَي الموفد الأميركي، الذي انطلق من الخطّ 23، وقدّم احتمالين لرسم هذا الخطّ والتعاطي معه خلال عملية الترسيم. والجديد أنّ حضور الرئيس نبيه برّي العرض، واقتناعه بما سمعه، يعدّ تطوّراً إيجابياً، بعدما رفض “الثنائي الشيعي” أن يشارك أي ممثّل شيعي في “اللجنة” التي تولّت إعداد الردّ على هوكشتاين.
تبدي المصادر ارتياحها لخطوة حضور بري واطّلاعه على ملاحظات اللجنة الفنية والتي تضمّ في عدادها خبيراً في شؤون الترسيم من الجيش، بعدما رفض “الثنائي الشيعي” المشاركة فيها
فما هو الجواب اللبناني؟
في البداية هناك 3 استنتاجات بمكن الخروج بها من اجتماع بعبدا:
أوّلاً: مجرّد اجتماع الرؤساء الثلاثة بعد اجتماعات اللجنة الفنية المتلاحقة قبل أسبوع، التي عرضت الخيارات المتاحة بناءً على مقترحات هاموس، هو دليل على أنّ التفاوض وصل إلى مرحلة تستدعي اجتماعاً على هذا المستوى، يجمع لبنان الرسمي كلّه. أي أنّ المفاوضات باتت في لحظة حسّاسة، وتحتاج إلى إجماع وطنيّ بهذا الحجم حول القرار المنوي اتّخاذه وإبلاغه إلى هوكشتاين.
ثانيا: الطريقة التي يدير من خلالها رئيس الجمهورية ميشال عون المفاوضات مع الموفد الأميركي لا يعترض عليها الرئيس نبيه برّي، بدليل حضوره إلى بعبدا. ما يعني أنّ لبنان يتعاطى بمسؤولية، وأنّ عون متمسّك بتوافر إجماع لبناني للردّ على المقترحات التي حملها هوكشتاين.
ثالثا: الاجتماع كان ضرورياً لاتّخاذ قرار وطني، خاصّة أنّ الاقتراح الذي حمله هوكشتين كان عبارة عن اقتراحين وليس اقتراحاً واحداً. لكن وفق ما هو ظاهر مبدئياً، لا يمكن للبنان القبول بأيّ منهما. لكنّه لن يبادر لإعلان الرفض. بل فضّل ترك الأبواب مفتوحة على المفاوضات. وهو ما جرى التعبير عنه بدعوة الولايات المتحدة الأميركية إلى “الاستمرار في جهودها لاستكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية، وفقاً لاتفاق الإطار بما يحفظ مصلحة لبنان العليا والاستقرار في المنطقة”.
الجواب ليس نهائياً
معلومات “أساس” تقول إنّ الاجتماع الأخير لم يكن حاسماً لجهة الخطوات التي يجب أن يسلكها لبنان، بدليل البيان المقتضب الذي لم يفهم منه صدور قرار واضح، ولم يحدّد الاتجاه الذي سيسلكه لبنان والخطوة التالية المنتظرة بعد تلقّي عرض الموفد الأميركي: فهل تمت مناقشة الموقف والاتفاق على الآلية؟ وهل حسم لبنان أمره وقراره وكيف سيرد على مقترحات هوكشتاين؟
بعدما عرضت اللجنة التقرير الذي أعدّته حول مقترحات هوكشتاين، إيجابياته وسلبياته، وكيف سيكون الوضع في حال قبل لبنان بهذه الصيغة المطروحة أو تلك، حول خطوط الترسيم المقترحة، استمع الرؤساء الى العرض دون أن يخرجوا بقرار حاسم يمكن إبلاغه إلى الموفد الأميركي، فبقيت الأمور معلقة، كما القرار اللبناني.
لكن تمّ الاتفاق على أنّ العرض الذي تقدم به الوسيط “لا يزال ناقصاً ونريد تعديله”. وسيسمع هوكشتاين التالي: “نطلب من أميركا ومن خلالكَ العمل على تحسين ظروف المقترح الذي حملته”. أي أنّ هذا المقترح، وفق الردّ اللبناني، “قابل للتفاوض، مع التأكيد على أهمية استمرارالولايات المتحدة الأميركية في جهودها لاستكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية، وأنّ لبنان لن يفرّط بحقّه بأيّ شكل من الأشكال”.
وتبدي المصادر ارتياحها لخطوة حضور بري واطّلاعه على ملاحظات اللجنة الفنية والتي تضمّ في عدادها خبيراً في شؤون الترسيم من الجيش، بعدما رفض “الثنائي الشيعي” المشاركة فيها. فبرّي أبدى اقتناعه بطريقة الدفاع عن حقوق لبنان، وهو ما يعد تعويضاً عن غياب التمثيل الشيعي عن اللجنة.
إقرأ أيضاً: الرّؤساء الثّلاثة والتّرسيم: عودة إلى خريطة برّي
على أنّ اجتماع بعبدا سيستكمل ابتداءً من اليوم باتصالات وزيارات يتولاها المعنيون بالملفّ، استباقاً لعودة هوكشتاين، المصرّ على أن يأخذ من لبنان جواباً إلى الجانب الإسرائيلي في أقرب وقت ممكن.
فهل الاجتماع الثلاثي يعني أنّ لبنان صار على عجلة من أمره؟
أم أنّ هناك انقساماً بين فريق يستعجل الإنجاز، وآخر يرهنه بتطوّرات ما وراء البحار؟