ماذا يفعل 5 آلاف مقاتل سوري في أوكرانيا؟

مدة القراءة 6 د

لم تكد تمضي بضعة أيام على الغزو الروسي لأوكرانيا حتى بدأت روسيا عبر سماسرة محليّين ووكلاء بتجنيد شبّان سوريين للقتال وخوض حرب المدن إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا.

ينتشر هؤلاء السماسرة وسط العاصمة السورية دمشق أمام الجامعات والمشافي الحكومية والحدائق العامّة والأسواق، يوزّعون قصاصات ورقيّة، ويشكّلون مجموعات مغلقة تدعو فئات الشباب إلى الانضمام للجيش الروسي مع أرقام للاتصال لمعرفة باقي التفاصيل.

بحسب مطلعين في دمشق تواصلت معهم “أساس” فإنّ هؤلاء السماسرة يعملون واجهات لشركات أمنيّة تابعة للمخابرات السورية، من بينها “شركة القلعة للحماية والحراسة والخدمات الأمنية”، أو مجموعات المصالحة التابعة لمركز المصالحة الروسي، وهو أكبر مركز تديره وزارة الدفاع الروسية، ويقع في قاعدة حميميم الجويّة في سوريا.

بدأت هذه التحرّكات بعد 24 شباط الماضي إثر غزو روسيا أوكرانيا، الذي أدّى إلى إدانات دولية، ثمّ إلى فرض عقوبات على بنوك ومصارف ومسؤولين روس، بمن فيهم الرئيس الروسي.

حديث الصورة: شنّت روسيا هجومها في الساعات الأولى من يوم 24 شباط من ثلاث جهات رئيسية: الشمال والجنوب والشرق.

مقاتلون أجانب ومرتزقة سوريّون

تشير المعلومات التي حصل عليها “أساس” إلى أنّ السماسرة انتهوا من تسجيل قوائم بخمسة آلاف مقاتل بناء على طلب الجانب الروسي.

في محادثة إلكترونية، تواصل “أساس” تحت اسم مستعار مع أحد السماسرة المنتشرة أرقامهم على الإعلانات، للاستفسار عن طريقة التسجيل والشروط المطلوبة، فأكّد السمسار أنّ الأسماء سيتمّ عرضها على مركز المصالحة الروسي والقوات الروسية في قاعدة حميميم، للموافقة عليها، وبعد ثلاثة أيام من الموافقة سوف يتمّ تدريب المقبولين على يد ضبّاط روس لفترة قصيرة في قاعدة حميميم، ثمّ يتمّ إرسالهم إلى أوكرانيا، مؤكّداً أنّ من لديه خبرة سابقة في القتال ستكون له الأولويّة.

تتقاطع المعلومات التي حصل عليها “أساس” مع تأكيد مسؤولين أميركيين أنّ موسكو تجنّد مرتزقة سوريين ماهرين للقتال في المدن استعداداً لتوسيع الغزو والتعمّق أكثر في المدن الأوكرانية.

سبق تجنيدَ المرتزقة السوريين لخوض حرب المدن في أوكرانيا تأكيدُ رجل الشيشان رمضان قديروف، المتمرّد السابق الذي تحوّل حليفاً للكرملين، مشاركة مقاتلين شيشان في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية، وقال إنّ بعضهم قُتِلوا في المعارك هناك.

حديث الصورة: حقّقت القوات الروسية في البداية مكاسب سريعة عند تقدّمها من بيلاروسيا أسفل الجانب الغربي من نهر دنيبر عبر تشيرنوبيل، إلا أنّها واجهت مقاومة أوكرانية جعلت تقدُّمها في المدن صعباً.

 

السماسرة الذين يعملون على تجنيد مرتزقة بدأوا ينتشرون بشكل كبير في الأيام الماضية سعياً إلى استقطاب الشباب الذين لديهم خبرة في القتال في المدن والشوارع.

وتمكّن “أساس” من الوصول إلى عائلة شابّ سوري يقيم في العاصمة السورية دمشق، تقدّم بطلب للقتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا عبر أحد السماسرة المحليين.

قالت والدة الشابّ في اتصال رقمي: “لقد وجدت قصاصة ورقية في جيبه تتضمّن دعوة إلى التجنُّد للقتال في أوكرانيا، ورقم هاتف للتواصل ومعرفة المستحقّات الماليّة. نكر ابني الأمر إلا أنّني تأكّدت أنّه بالفعل سجّل اسمه لدى مسؤول المصالحة في حيّنا، الذي يعمل ضابطاً في فرع المخابرات 235”.

وبصوت خائف ومتقطّع ختمت السيدة كلامها بالقول إنّ ابنها ينتظر الحصول على الموافقة للمشاركة في القتال.

ومع المساعي الروسية لتجنيد مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب القوات الروسية الغازية، يتدفّق المقاتلون الأجانب على أوكرانيا للقتال إلى جانب الحكومة التي تتّخذ من كييف مقرّاً لها، وهو ما يحذّر منه خبراء.

انتشر شريط مصوّر يُظهر وصول المجموعة الأولى من متطوّعين بريطانيين إلى أوكرانيا للمشاركة في قتال القوات الروسية. وقال أحد المتطوّعين إنّ معظمهم سبق أن خدموا في الجيش البريطاني.

أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فقال الأسبوع الماضي إنّ 16 ألف أجنبي تطوّعوا للقتال من أجل أوكرانيا، وهم جزء ممّا وصفه بـ”الفيلق الدولي”. وكان أوقف الرئيس الأوكراني اشتراط الحصول على تأشيرة لدخول الأراضي الأوكرانية للمقاتلين الأجانب الذين يرغبون في القتال إلى جانب أوكرانيا.

بحسب مطلعين في دمشق تواصلت معهم “أساس” فإنّ هؤلاء السماسرة يعملون واجهات لشركات أمنيّة تابعة للمخابرات السورية

وعن فائدة المجنّدين من سوريا في أوكرانيا تقول الخبيرة في الشأن السوري هلا الناصر: “جميع المعطيات تشير إلى أنّ الشبّان السوريين الذين استخدمتهم موسكو سابقاً للقتال في ليبيا واليوم في أوكرانيا، هم مرتزقة يقاتلون مقابل المال، ومن الواضح أنّ بشار الأسد وروسيا حوَّلا سوريا إلى مكان جديد لرفد مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية بالمسلّحين”.

 

مخاوف من تدويل الحرب

أعلنت الخارجية الأوكرانية أنّ خسائر الجيش الروسي ارتفعت إلى 10 آلاف قتيل، وأوضحت أنّه تمّ استهداف 39 طائرة روسية، و40 هيليكوبتر، فضلاً عن 269 دبّابة عسكرية، و409 مركبات وغيرها.

بدورها أعلنت موسكو سقوط 2,870 قتيلاً في الجانب الأوكراني و498 في الجانب الروسي، وسط صعوبات للتحقّق من الأرقام بشكل مستقلّ.

تقول جينيفر كافاريلا، وهي زميلة لشؤون الأمن القومي في “معهد دراسة الحرب” في واشنطن العاصمة، في تصريحات صحافية، إنّه “مع تدفّق المتطوّعين من دول أخرى إلى أوكرانيا، يمكن أن يصبح الصراع مركز ثقل جديد للمقاتلين الأجانب”.

وتضيف كافاريلا: “سيؤدّي نشر روسيا مقاتلين أجانب من سوريا في أوكرانيا إلى تدويل حرب أوكرانيا، ويمكن أن يربط الحرب في أوكرانيا بوضع إقليمي أوسع، ولا سيّما في الشرق الأوسط”.

ولم تفضِ جولتان سابقتان من المحادثات على الحدود الأوكرانية البيلاروسية، ثمّ على الحدود البولندية البيلاروسية، ثم في تركيا، إلى وقف القتال، لكنّ الطرفين اتّفقا على إقامة “ممرّات إنسانية” لإجلاء المدنيين.

إقرأ أيضاً: إيران إلى جانب أوروبا في وجه الروس!!

وشهد الهجوم الروسي، الذي دخل اسبوعه الثاني، فرار أكثر من 1.5 مليون شخص من البلاد، فيما وصفت الأمم المتحدة الصراع في أوكرانيا بأنّه “الأسرع نموّاً منذ الحرب العالمية الثانية”.

يأتي ذلك في وقت حذّر برنامج الأغذية العالمي من أزمة غذائية تلوح في الأفق في المناطق المتضرّرة من الحرب في أوكرانيا ومن مخاطر تفاقم المجاعة في جميع أنحاء العالم بسبب توقّف إنتاج وتصدير منتجات مثل الحبوب.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…