هل يطيح الخلاف حول الـ”ميغاسنتر” بالانتخابات النيابية؟
سؤال يتردّد في الكواليس السياسية. لكنّ تجربة 2018 والمناخات التي تظلّل انتخابات أيار 2022 تدلّل على أنّ هذا الأمر غير وارد حتى لو هدّد النائب جبران باسيل بـ”أنّنا لن نقبل بعدم إنشاء ميغاسنتر”.
المؤازرة العمليّة لباسيل تُرجمت في جلسة 15 شباط الماضي حين طلب الرئيس ميشال عون رسميّاً العمل على إقامة مراكز اقتراع في المناطق لتسهيل اقتراع اللبنانيين في أماكن سكنهم. فجيّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الطلب إلى وزير الداخلية بسام مولوي لإعداد دراسة تُطرح في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء.
لكن جلسة أمس لم تشهد نقاشاً على طاولة الحكومة حول الـ”ميغاسنتر” ولم يثر المسألة أي من الوزراء، فيما سلّم وزير الداخلية التقرير الذي أعدّه إلى رئيس الحكومة الذي وعد الأخير بطرح المسألة على النقاش في الجلسة المقبلة.
رَفَع باسيل مستوى المواجهة عبر التهديد “بعدم قبول تجاوز مطلب إنشاء سبعة مراكز ميغاسنتر في لبنان
تحدّث مصدر وزاري لـ”أساس” عن “صعوبة إنشاء ميغاسنتر في المناطق لأسباب ماليّة وتقنية ولوجستية، وبسبب عدم وجود البطاقة الممغنطة، ولا تسمح المدّة الفاصلة عن انتخابات 15 أيار إطلاقاً بإنشاء المراكز المطلوبة وتجهيزها”، مستبعداً اعتماد هذا الإجراء في الانتخابات المقبلة.
تبدو الصورة شبيهة جدّاً بالمرحلة التي سبقت الانتخابات الماضية. يومذاك ترافق الخلاف بين المعسكر العوني ومعسكر الثنائي الشيعي حول إنشاء ميغاسنتر مع الكباش بين بعبدا وعين التينة حول قرار رئيس الجمهورية بمنح أقدميّة سنتين لضباط دورة 1994.
النتيجة: لا مشروع ميغاسنتر “قَطَع” ولا حُلّت أزمة الأقدميّة التي انسحبت تعطيلاً لترقية مئات الضبّاط من رتبة عقيد إلى عميد. والأهمّ اتّساع فجوة الخلاف بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، ورهان كثيرين على أنّ المدّة الفاصلة عن نهاية ولاية عون الرئاسية ستسجّل المزيد من جولات القتال داخل مجلس الوزراء ومجلس النواب وخارجهما.
ليس سهلاً على جبران باسيل خسارة معركتين دفعة واحدة: الدائرة 16 التي تسمح باقتراع المغتربين لنوّابهم في القارات الستّ، البطاقة الممغنطة، والميغاسنتر.
معركة باسيل الأخيرة؟
اليوم رَفَع باسيل مستوى المواجهة عبر التهديد “بعدم قبول تجاوز مطلب إنشاء سبعة مراكز ميغاسنتر في لبنان، فيما أنشأت الدولة اللبنانية 219 مركزاً في 59 دولة”.
يرى باسيل أنّ اعتماد الميغاسنتر ضروريّ لضمان العدالة بين المقترعين، ويخفّف من تأثير المال السياسي بفعل توفير تكلفة الانتقال، ويعزّز حريّة الناخب، ويرفع نسبة المشاركة في الانتخابات.
تحدّث مصدر وزاري لـ”أساس” عن “صعوبة إنشاء ميغاسنتر في المناطق لأسباب ماليّة وتقنية ولوجستية
هذا صحيح. لكنّ تسجيلاً “عن طريق الخطأ” لحديث أمام الكاميرات بين باسيل والنائب طلال أرسلان عام 2019 كشف المصلحة المباشرة لباسيل من هذا المطلب.
قال أرسلان لباسيل في ذلك التسجيل: “شفت إذا بينعمل ميغاسنتر الانتخابات الجايي؟ بتاخد نصف نواب الشوف وعاليه”. ويردّ باسيل: “كيف لَكن؟” (بمعنى طبعاً)، غامزاً في الوقت نفسه من قناة حزب الله: “شفت شو عملو فينا”؟!
على بعد أقلّ من ثلاثة أشهر على انتخابات أيّار يُذكّر الانقسام الحالي بذاك الذي “شَطَرَ” حكومة الرئيس سعد الحريري في كانون الثاني 2018 إلى نصفين: وزير الخارجية آنذاك جبران باسيل ومعه سعد الحريري (العائد عن قرار استقالته) والقوات اللبنانية وطلال أرسلان مع إنشاء ميغاسنتر، فيما تذرّع وزراء الثنائي الشيعي بـ”ضيق الوقت وصعوبة تنفيذ الخطوة في الأشهر المقبلة”، مع اتّهام باسيل بأنّه يسعى إلى تطيير الانتخابات.
يومها سُجّل تأييد باسيل لخطوة التسجيل المسبق للناخبين الراغبين بالاقتراع في أماكن سكنهم، بعدما رفض التيار الوطني الحرّ مراراً هذا الشرط، الأمر الذي أدّى إلى أزمة بين باسيل والثنائي، وداخل اللجنة الوزارية المكلّفة تطبيق قانون الانتخاب.
وكان لوزير الداخلية نهاد المشنوق آنذاك موقف واضح: “إذا أردتم أن نقيم الميغاسنتر الآن، لا مشكلة. أنا مستعدّ. لكنّ الوقت ضيّق ولا نملك أكثر من منتصف شباط لتحقيقه، وإن أصررتم فإنّ هذا الأمر هو بمنزلة عمليّة انتحارية، لكنّها ستكون عملية انتحارية ناجحة”.
هيئة الإشراف على الانتخابات
على خطّ آخر، تصدّى مجلس الوزراء أمس لاحتمال خروج هيئة الإشراف على الانتخابات من “الخدمة” في حال استقالة أيّ عضو إضافي فيها، فأصدر قراراً بالتمديد للهيئة الحالية وملء الشغور فيها عبر تعيين الأعضاء الثلاثة: القاضي في ديوان المحاسبة أحمد حمدان (شيعي) وخليل خوري ونسيم الخوري (مسيحيان).
كَسَر التعيين مرّة جديدة “جدول الأعمال” الذي فرضه ثنائي أمل وحزب الله شرطاً للعودة إلى اجتماعات الحكومة، ومن ضمنه عدم حصول تعيينات.
فبعد تعيين أعضاء هيئة مكافحة الفساد ومفوّض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار زياد نصر (درزي) وعضويْ المجلس العسكري الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع (سنّيّ) وضابط متفرّغ (كاثوليكي)، أقرّ مجلس الوزراء تعيين ثلاثة أعضاء في هيئة الإشراف على الانتخابات من دون حصول اعتراض شيعي، خصوصاً أنّ اسم أحمد حمدان كان “جاهزاً” ومتّفقاً عليه شيعيّاً لتعيينه في الهيئة.
ولم تشهد الجلسة تعيين نائب المدير العام لأمن الدولة مكان العميد سمير سنان الذي أحيل إلى التقاعد. ولا يزال هذا التعيين عالقاً بسبب ربطه برزمة التعيينات التي أُقرّت سابقاً وطالت ضبّاط الجيش في المجلس العسكري.
إقرأ أيضاً: هل تفقد هيئة الإشراف على الانتخابات نصابها قريباً؟
يُذكر أنّ هيئة الإشراف على الانتخابات بدأت أعمالها في 25 كانون الثاني الماضي بالتزامن مع فتح باب الترشيح للانتخابات، وسط شغور لمواقع ثلاثة من أعضائها. أتى ذلك استناداً إلى نصّ قانونيّ يعطي الهيئة القائمة صلاحيّة الإشراف على الانتخابات النيابية المقبلة في حال عدم تعيين هيئة جديدة.
تتألّف الهيئة من أحد عشر عضواً، ونصاب الحضور واتّخاذ القرار هو سبعة أعضاء على الأقلّ. وكان عدم ملء الشغور سيعرّضها لفقدان النصاب وشلّ عملها في حال حصول أيّ استقالة أو وفاة، كما أشار موقع “أساس” إلى ذلك سابقاً. (هل تفقد هيئة الإشراف على الانتخابات نصابها قريباً؟ السبت 19 شباط).