“يُكربِج” قرار الأحزاب الكبرى والشكّ المستمرّ في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها العديد من المرشّحين للانتخابات.
الدليل هو رقم هزيل جدّاً لطلبات الترشيح في وزارة الداخلية على بعد أقلّ من شهر من إقفال باب الترشيح، وأزمة “فتح حسابات” يواجهها بعض المرشّحين مع المصارف وشحّ في السيولة لدى الكثيرين من الطامحين للنيابة.
أبعد من ذلك، ثمّة نقاش صامت لم يخرج بعد من الأروقة في شأن الوضع الحالي لهيئة الإشراف على الانتخابات التي ينصّ القانون، على أن تستمرّ في متابعة أعمالها إلى حين تعيين هيئة جديدة (المادة 11 من قانون الانتخاب). لكنّ الهيئة الحالية تعاني من شغور قد يؤدّي في حال استقالة أيّ عضو إضافي فيها إلى فقدانها النصاب.
وفق المعلومات، في حال ملء الشغور في الهيئة سيعيّن أحمد حمدان (شيعي) لأنّه الوحيد الذي يستوفي شرط أن يكون من قضاة ديوان المحاسبة برتبة شرف. أمّا العضوان المسيحيان فيتمّ حسم اسمهما في قصر بعبدا
“الداخليّة” جاهزة
وفق مصادر الداخلية فإنّ “الاستعدادات مستمرّة لإجراء الانتخابات في موعدها بعد استكمال كلّ الإجراءات القانونية والإدارية، ويجري العمل على حملة دعائية ستطلقها الوزارة بالتعاون مع مشروع الأمم المتحدة الإنمائي UNDP”.
في جلسة الثلاثاء الماضي أقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون يتعلّق بفتح اعتماد إضافي استثنائي لتغطية نفقات الانتخابات النيابية بقيمة 320 مليار ليرة لبنانية، إضافة إلى نقل اعتماد من احتياط الموازنة العامة للعام 2022 إلى موازنة وزارة الداخلية على أساس القاعدة الاثني عشرية بقيمة 40 مليار ليرة. بينما طالب رئيس الجمهورية ميشال عون أمس مجلس النواب بإقرار مشروع قانون فتح الاعتماد الاستثنائي لتغطية نفقات الانتخابات “في أسرع وقت ممكن” عبر إلحاقه بجدول الأعمال المقرّر لجلستيْ الإثنين والثلاثاء، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن.
في المقابل، تفيد المعلومات أنّ المرسوم الذي أعدّته رئاسة الحكومة وأرسلته إلى رئاسة الجمهورية ووقّعه الرئيس ميشال عون أمس، والمتعلّق بنقل اعتماد من احتياط الموازنة إلى موازنة الداخلية، تضمّن فقط مبلغ 35 مليار ليرة بسبب عدم وجود المبلغ المطلوب في الاحتياط، على أن يتمّ إلحاقه الشهر المقبل بمرسوم آخر بقيمة 5 مليارات ليرة. وهذا دليل آخر على حجم المصيبة والتفليسة لانتخابات لا تزال في علم الغيب، على الرغم من كلّ التدابير المتّخذة.
تعيين هيئة جديدة
في موازاة ذلك تضغط رئاسة الجمهورية، بالتزامن مع تشديدها على مطلب إنشاء الـ”ميغاسنتر”، من أجل طرح تعيين أعضاء جدد لكامل طاقم هيئة الإشراف على الانتخابات وليس تعيين ثلاثة أعضاء مكان من قدّموا استقالاتهم (1 شيعي و2 مسيحيّان). يحدث ذلك في ظلّ رأي قانوني يقول بعدم جواز تعيين أعضاء جدد لهيئة قديمة، وهو أمر لا يزال محطّ نقاش في الأروقة الداخلية.
باستثناء رأي بعبدا لا يُبدي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس نبيه برّي حماسة لتعيين هيئة جديدة و”إلا لكان حصل هذا الأمر في أوّل جلسة لمجلس الوزراء بعد تعيين ميقاتي رئيساً للحكومة”، وفق مطّلعين.
عملياً، تتألّف هيئة الإشراف على الانتخابات من أحد عشر عضواً، ونصاب الحضور واتخاذ القرار هو سبعة أعضاء على الأقلّ. ولذلك قد يعرّضها عدم ملء الشغور لفقدان النصاب وشلّ عملها.
وفق المعلومات، في حال ملء الشغور في الهيئة سيعيّن أحمد حمدان (شيعي) لأنّه الوحيد الذي يستوفي شرط أن يكون من قضاة ديوان المحاسبة برتبة شرف. أمّا العضوان المسيحيان فيتمّ حسم اسمهما في قصر بعبدا. لكن لا تأكيدات حتى الآن بأنّ التعيين سيُطرح على مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال في الجلسة المقبلة.
مصدر مطّلع: “البند بمنزلة ملحق للجلسة الماضية بعدما تبيّن أنّ العديد من الإجراءات يحتاج إلى عقود بالتراضي أو خطوات تحتاج إلى تغطية من مجلس الوزراء ولم يطرحها وزير الداخلية في بند إقرار الاعتماد المالي في الجلسة الماضية”
لماذا التجاهل؟
كان لافتاً في هذا السياق التجاهل المزمن والمقصود لتعيين هيئة جديدة للإشراف على الانتخابات. وعليه فُتِح باب الترشيح في 10 كانون الثاني الماضي قبل تعيين هذه الهيئة أو حتى صدور مرسوم بتمديد عمل الهيئة الحالية أو صدور قرار واضح عن وزير الداخلية.
لذلك يطرح متابعون أسئلة تشكُّك في صلاحية الهيئة الحالية لمراقبة الترشيحات والإنفاق الانتخابي والحملات الانتخابية. وقد بلغت تعويضات هيئة الإشراف على الانتخابات والجهاز الإداري وبدل إيجار المقرّ التي أقرّها مجلس الوزراء أخيراً 3.5 مليارات ليرة.
عمليّاً كانت قد انتهت مهلة تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات في 21 تشرين الثاني 2021 نظراً إلى عدم انعقاد مجلس الوزراء، فيما كان يجب تعيين هيئة جديدة منذ أواخر عام 2018 بحسب قانون الانتخابات 44/2017.
اللافت أنّ مؤسسة “مهارات” كانت نشرت في شهر كانون الثاني الماضي تقريراً عن التغطية الانتخابية في محطات التلفزيون المحليّة، حيث “بيّن الرصد غياب القيّمين على العملية الانتخابية كوزارة الداخلية وهيئة الاشراف على الانتخابات عن المشهد الإعلامي. ففي حجم التغطيات حلّ ممثّلو إدارة العملية الانتخابية آخِراً لناحية الظهور الإعلامي ومساحة التغطية، وهو ما يشير إلى غياب وزارة الداخلية ومديرية الشؤون السياسية وهيئة الإشراف عن الظهور الإعلامي والتواصل مع الناخبين والمرشّحين”.
في حين حلّ السياسيون التقليديون أوّلاً، وفق التقرير، تليهم فئتا “محللّ صحافي” و”خبير في الشأن الانتخابي”، ثمّ المجموعات السياسية الناشئة، فبعض المرشّحين ورجال الدين وناشطون عن المجتمع المدني.
إقرأ أيضاً: تحالف في الانتخابات.. ماذا عن التعيينات؟
ملحق
يُذكر أنّ جلسة مجلس الوزراء المقبلة في السراي تتضمّن بند طلب وزارة الداخلية الموافقة على التدابير الواجب اتّخاذها لإجراء الانتخابات النيابية (البند 12).
وفق مصدر مطّلع: “البند بمنزلة ملحق للجلسة الماضية بعدما تبيّن أنّ العديد من الإجراءات يحتاج إلى عقود بالتراضي أو خطوات تحتاج إلى تغطية من مجلس الوزراء ولم يطرحها وزير الداخلية في بند إقرار الاعتماد المالي في الجلسة الماضية”.
لذلك قد يشكّل هذا البند مدخلاً إلى طرح أزمة ملء الشغور في هيئة الإشراف على الانتخابات أو تعيين هيئة جديدة.