يتضمّن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، التي ستُعقد اليوم، للمرّة الأولى من بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثة أشهر، بنداً حُدِّد رقمه بالـ17 ينصّ على تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
إنّ تعيين الهيئة، من حيث المبدأ، هو مطلب إصلاحي أساسيّ، تنادي به الدول الغربية كما بعض المنظمات والصناديق الداعمة، لأنّه مفتاح تطبيق الكثير من القوانين المرتبطة بالهيئة والتي تحمل عنواناً إصلاحياً. لا بل تشكّل الهيئة المنوي تأليفها العمود الفقري لكلّ هذه القوانين التي لا تزال بلا فعّالية تقريباً بسبب عدم تشكيل الهيئة (أكثر من ثلاثة قوانين أساسيّة مرتبطة بها عضويّاً)، مع العلم أنّ القانون نصّ على تأليفها في مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
تعيين الهيئة، هو مطلب إصلاحي أساسيّ، لأنّه مفتاح تطبيق الكثير من القوانين المرتبطة بالهيئة والتي تحمل عنواناً إصلاحياً
ولكن أن يكون هذا التعيين أوّل إنجازات الحكومة بعد سباتها الطويل، فتلك خطوة لا تتّسم أبداً بالبراءة من جانب رئاسة الحكومة التي أصرّت على وضع هيئة مكافحة الفساد على أوّل جدول أعمال مجلس الوزراء، ولو أنّ هذا التعيين يحمل عنواناً إصلاحياً، مغايراً في طبيعته لبقيّة التعيينات، التي يرفض رئيس مجلس النواب نبيه بري أن تقاربها الحكومة في المرحلة المقبلة.
وقد حملت عودة الثنائي الشيعي عن قرار مقاطعته لجلسات مجلس الوزراء شرطين:
الأوّل أن تبقى اهتمامات الحكومة تحت السقف الاقتصادي- الاجتماعي-المالي، ولهذا حصر “بيان العودة” جدول الأعمال بمشروع الموازنة العامّة وخطّة التعافي، وهو ما يعني أنّه يمكن للحكومة أن “تشطح” باهتماماتها ما دامت هذه الاهتمامات تحمل طابعاً معيشياً-حياتياً.
الثاني عدم مقاربة التعيينات الإدارية والقضائية والأمنية والدبلوماسية ربطاً بالصراع بين الرئاستين الأولى والثانية.
لذلك كان إدراج بند تعيين هيئة مكافحة الفساد بمنزلة ردّ سريع من رئيس الحكومة على شروط الثنائي الشيعي التي اُعتُبِرت محاولة لمحاصرة جدول أعمال مجلس الوزراء وللتعدّي على صلاحيّات رئاسة الحكومة، الأمر الذي اشتكى منه الفريق العوني منذ صدور قرار عودة “حزب الله” و”أمل” إلى الحكومة… ولو أنّ هذا التعيين له طابع خاص لا يشبه بقيّة التعيينات، ويقدر رئيس الحكومة أن يبرّره بأنّه مطلب غربي أساسي لا بدّ منه لوضع التشريع الإصلاحي على سكّة التنفيذ. ولكن، في المقابل، ثمّة مَن يعتقد أنّ هذا التعيين قد يفتح الشهيّة على التعيينات الأخرى تحت عنوان أنّها ضرورية. إلى الآن، لا يبدو أنّ الثنائي الشيعي بصدد مواجهة هذا البند لأنّه ذو طبيعة مختلفة ويحمل تبعات اقتصادية إيجابية، ولذا لا يجوز تعطيل قيام الهيئة، كما يرى أحد وزراء هذا الفريق.
كان إدراج بند تعيين هيئة مكافحة الفساد بمنزلة ردّ سريع من رئيس الحكومة على شروط الثنائي الشيعي التي اُعتُبِرت محاولة لمحاصرة جدول أعمال مجلس الوزراء وللتعدّي على صلاحيّات رئاسة الحكومة
يُذكَر، في هذا السياق، أنّ أهمّ القوانين التي أقرّها مجلس النواب والمرتبطة بمكافحة الفساد هي: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 31/10/2003 التي انضمّ اليها لبنان بالقانون رقم 33/2008، وقانون حقّ الوصول إلى المعلومات، وقانون حماية كاشفي الفساد، وقانون دعم الشفافيّة في قطاع البترول، وقانون توسيع صلاحيّات “هيئة التحقيق الخاصة” المتعلّق بمكافحة الفساد، وقانون مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب، وقانون الإثراء غير المشروع بعد تعديله، وقانون رفع السرّية المصرفية.
أمّا بالنسبة إلى الهيئة فينصّ القانون على أنّها تتشكّل من:
1 – قاضيين متقاعدين بمنصب الشرف، يتمّ انتخابهما وفق الأصول التي ترعى انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى، على أن تتألّف الهيئة الناخبة من مجمل القضاة الأصيلين في القضاء العدلي والإداري والمالي، وعلى أن تتمّ الدعوة والإشراف على الانتخابات من قبل القاضي الأعلى درجةً من بين رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس مجلس شورى الدولة ورئيس ديوان المحاسبة. ويرفع وزير العدل اسميْ القاضيين المنتخبين إلى مقام مجلس الوزراء.
2 – محامٍ أو حقوقيّ من بين أربعة أسماء يرشّح اثنين منها مجلس نقابة المحامين في بيروت، واثنين مجلس نقابة المحامين في طرابلس.
3 – خبير محاسبة، من بين ثلاثة أسماء يرشّحها مجلس نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان.
4 – خبير في الأمور المصرفية أو الاقتصادية، من بين ثلاثة أسماء ترشّحها هيئة الرقابة على المصارف.
5 – خبير في شؤون الإدارة العامة أو المالية العامة أو مكافحة الفساد من بين ثلاثة أسماء يرشّحها وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية.
ووفق المعلومات، فإنّ القاضيين اللذين اُنتُخِبا من جانب مجلس القضاء الأعلى، هما كلود كرم (يُفترض أن يكون رئيس الهيئة) وتيريز علاوي (عضوان مسيحيان).
واحتراماً لقاعدة التوزيع الطائفي والمذهبي (أعضاء الهيئة ستّة موزّعون على الطوائف الأساسية)، ستتولّى وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية تسمية العضو الدرزي المرفوع من جانبها (الاسم الدرزي الوحيد الموجود في لائحة الترشيحات)، وهو كليب كليب.
استطراداً، يتبيّن أنّ العضو السنّيّ قد يكون إمّا ممثّل هيئة الرقابة على المصارف جميل الجارودي أو ممثّل نقابة محامي طرابلس فوّاز كبّارة، فيما يُرجّح أن يكون العضو الشيعي ممثّل نقابة خبراء المحاسبين المجازين علي بدران، ويكون العضو المسيحي الثالث جو معلوف.
وبالتفصيل يتبيّن أنّ القائمة المرفوعة إلى مجلس الوزراء تتضّمن الترشيحات الآتية:
– القاضيين المتقاعدين: كلود كرم وتيريز علاوي.
– نقابة المحامين في بيروت: جورج آصاف، هادي خليفة.
– نقابة المحامين في طرابلس: فواز كبارة ونزيه غنطوس.
إقرأ أيضاً: انطلاقة متعثّرة للحكومة: مفاوضات الصندوق والموازنة
– خبراء محاسبة: علي بدران، طوني سركيس بطرس، وعمر عبد الحليم مراد.
– هيئة الرقابة على المصارف: جميل جارودي، إيلي عساف، وجو معلوف.
– خبير في شؤون الإدارة العامّة أو المالية العامة: كليب كليب، وعلي برّو.