إيران المُفلسة مُستعجلة (2): ماذا تفعل السّعوديّة وكوريا في فيينا؟

مدة القراءة 5 د

قبل أيّام قليلة، كتبَ رجل الدّين الأصولي الإيرانيّ محمّد رضا زايري عن أنّه تعرّض للبصقِ مرّة وللإهانات ثلاثاً، وأنّ سائق تاكسي طرده من سيّارته قائلاً: “لن أُركِبَ الملالي”. وانتشرت عدّة مقاطع فيديو لشُبّان إيرانيين يشتبكون مع رجال دين في الشّوارع. كُلُّ هذا غيضٌ من فيض بسبب الوضع الاقتصاديّ المُنهار في إيران بفعل العقوبات المفروضة عليها.

حالةٌ اقتصاديّة مُزرية جعلت من النّظام الإيرانيّ يعرضُ “تنازلات  غير مُعلنة” في غُرف المحادثات النّوويّة  في  فيينا، علّه ينال بها “انتصاراً” في إعادة إحياء الاتفاق النّوويّ.

ذكرنا في الجزء الأوّل من هذا التّقرير أنّ الوفد الإيراني لمّح إلى إمكانيّة القبول بضمانات “اقتصاديّة” من أميركا عوضاً عن ضمانة عدم الانسحاب مُستقبلاً. ومتابعةً للعروض الإيرانيّة في فيينا، ذكرَ مصدرٌ أميركيّ مُقرّب من المبعوث الخاصّ إلى إيران روبرت مالي لـ”أساس” أنّ “إيران أبلغت المجموعة الدّوليّة أنّها لا تُمانع بيع كميّة اليورانيوم المُخصّب فوق مُعدّل الـ3.67% (المنصوص عليه في اتفاق JCPOA 2015) في حال العودة إلى الاتفاق ورفع العقوبات عنها”.

باتَ الجميع على قناعةٍ أنّ الجلسة الثّامنة حاسمة وعنوانها “إمّا اتفاق أو لا اتفاق”

جديرٌ بالذّكر أنّ المُتحدّث باسم منظمة الطّاقة الذريّة الإيرانيّة بهروز كمالوندي كان قد أعلن في شهر تشرين الثّاني الماضي أنّ بلاده باتت تمتلك أكثر من 30 كيلوغراماً من اليورانيوم المُخصّب بنسبة 60%، و210 كيلوغرامات بنسبة 20%.

يشير العرض الإيرانيّ ببيع اليورانيوم المُخصّب إلى حاجة إيران المُنهكة إلى عائدات بيعه، كما إلى نيّتها الإسراع في إبرام اتفاقٍ يعود عليها بـ”أرباح رفع العقوبات” التي فرضها الرّئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بُعيد انسحابه من الاتفاق النّوويّ سنة 2018.

لم تكتفِ طهران بهذه العروض. ففي الجلسة السّابعة قبل رأس السّنة، قدّم الوفد الإيرانيّ ورقةً تفاوضٍ جديدة مُعدّلة عن النّسخة التي قدّمها وفد الحكومة الإيرانيّة السّابقة، الذي كان يرأسه الدّبلوماسي عبّاس عراقجي، قبل وقف المُفاوضات في حزيران الماضي. كان الجواب الأوروبيّ واضحاً برفض النّسخة المُعدّلة، فعاد الوفد الإيرانيّ إلى ورقة حُزيران بكلّ سلاسة وكأنّ شيئاً لم يكن.

 

مُشاركة سعوديّة وكوريّة

باتَ الجميع على قناعةٍ أنّ الجلسة الثّامنة حاسمة وعنوانها “إمّا اتفاق أو لا اتفاق”. وهنا كانَ فريقان من خارج المجموعة الدّوليّة يدخُلان على “الخطّ النّوويّ” في فيينا. وهذا ليسَ تفصيلاً.

الأوّل، وفدُ المملكة العربيّة السّعوديّة برئاسة المندوب السّعودي الدّائم لدى المُنظّمات الدّوليةّ في فيينا الأمير عبدالله بن خالد بن سلطان، الذي التقى المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي، والمندوب الروسي ميخائيل أوليانوف، ورئيس الوفد الفرنسي فيليب إيريرا، بالإضافة إلى المُنسّق الأوروبي للمحادثات النوويّة إنريكي مورا.

وفي المعلومات أنّ الأمير عبد الله  استطلَع في لقاءاته آخر المستجدّات المتعلّقة بالمحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي. وبحث مع المندوب الرّوسيّ “آفاق الحوار الأمنيّ في منطقة الخليج”، بحسب ما قال أوليانوف في تغريدة على حسابه على تويتر.

وكان السفير السعودي في فيينا قد أكّد في وقت سابق من الشهر الماضي أنّ المملكة تتابع عن كثبٍ محادَثَاتِ فيينا وما توصّلت إليه الاجتماعات، التي أكّدت فيها الأطراف المعنيّة حرصها على مواجهة التصعيد الإيراني لإيجاد الحلول الشاملة. وقال في حينه إنّ “المملكة تؤكّد على دعمها المُستَمِرّ لجميع الجهود الدوليّة الرّامية إلى ضمان منع إيران من حيازة السّلاح النوويّ. وتدعو إلى عدم إضاعة الفرصة والمزيد من الوقت للوصول إلى حلّ يحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة”.

ويشير الحضور السّعوديّ إلى سُرعة المُحادثات الجاريّة، إذ إنّ المملكة لن تستطلع أجواء المُحادثات عن قُرب إن كان حسمها بالاتفاق أو الفشل بعيداً.

أمّا الزّائرُ الثّاني فكان النّائب الأول لوزير خارجية كوريا الجنوبية تشوي جونغ كون. ويمكن وصف زيارة المسؤول الكوريّ الجنوبيّ بـ”الجزرة الأميركيّة” لإيران، إذ تأمل كوريا الجنوبية أن تُوجِدَ زيارة تشوي للعاصمة النّمساويّة فرصة لإيجاد حلّ لقضية الأصول الإيرانية المجمّدة لدى سيول.

وعلى الرّغم من أنّ كوريا الجنوبية ليست طرفاً في المفاوضات المتعدّدة الأطراف، إلا أنّها تواصلت مع الدول المعنيّة بشأن الأصول الإيرانيّة المجمّدة لدى كوريا الجنوبيّة، والتي تقدّر بـ7 مليارات دولار.

وتُوجَد هذه الأصول الإيرانيّة باسم البنك المركزيّ الإيرانيّ في بنكين كوريّين، وتلقّت إيران مدفوعات صادرات النفّط الخام عبر هذه الحسابات منذ عام 2010. لكنّ الإدارة الأميركية أدرجَت البنك المركزيّ الإيرانيّ على قائمة العقوبات سنة 2018، وبناءً عليه توقّفت المعاملات التي تتمّ عبر تلك الحسابات. ومنذ ذلك الحين، تُطالب الحكومة الإيرانية بالإفراج عن أصولها المجمّدة لدى البنكين الكوريين.

إقرأ أيضاً: إيران المُفلسة مُستعجلة (1): نُريد المال والضّمانات

تُراهن واشنطن على “الجزرة الآتية من كوريا” كبادرة حُسنِ نيّة جدّيّةٍ تجاه إيران للانتهاء من التّفاوض النّوويّ قبل نهاية الشّهر الجاري. إلّا أنّ الأطماع الإمبراطوريّة لدى وفد بلاد فارس قد يطغى ويحرق كُلّ العروض…

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…