شهلائي.. سليماني اليمن: هل هو إيرلو؟

مدة القراءة 6 د

هل يكون السّفير الإيراني لدى الحوثيين حسن إيرلو هو نفسه نائب قاسم سُليْماني، ووكيله في اليمن العميد عبدالرّضا شهلائي؟

سؤالٌ تبادر إلى أذهان المُراقبين بسرعة تفوق قدرتهم على استحضار صورة “العميد شهلائي” التي عمّمتها سابقاً الخارجيّة الأميركيّة في إطار برنامج “مكافآت من أجل العدالة”، وذلكَ بُعيدَ الإعلان عن وفاة سفير الحرس الثّوريّ لدى ميليشيات الحوثي حسن إيرلو مُتأثّراً بـ”إصابته بفيروس كورونا”.

ما كان أسرع من السّؤال هو تعديل النّعي الذي نشرته وكالة “إرنا” الإيرانيّة لسفير طهران لدى الحوثي حسن إيرلو، الذي وصفته فيه بـ”سردار شهلايي” أو “القائد شهلائي”، لتعود وتحذف اللقب في وقتٍ لاحق.

ارتبطَ اسمُ شهلائي بالعديد من الملفّات المُعقّدة. إذ تُحمّله الولايات المُتّحدة مسؤوليّة مقتل العديد من جنودها ومواطنيها في العراق وأفغانستان. ووردَ اسمه بصفته مُخطِّطاً رئيساً لمُحاولة اغتيال السّفير السّعوديّ في واشنطن الوزير عادل الجُبير سنة 2011 في مقهى مشهور بواشنطن اسمه “كافيه ميلانو”

مصادر في وزارة الخارجيّة الأميركيّة قالت لـ”أساس” إنّ المعلومات الأوّليّة تُؤكّد أن لا ترابط بين شخصيّتيْ حسن إيرلو وعبدالرّضا شهلائي، وأنّهما شخصيّتان مُنفصلتان. يدعم المصدر هذا الرّأي بالتّأكيد أنّ إيرلو وصلَ إلى صنعاء في تشرين الأوّل 2020، أي بعد 10 أشهر من محاولة استهداف شهلائي من قبل الولايات المُتّحدة.

وأكّدَ المصدر أنّ إعادة وزارة الخارجية الأميركية نشر الإعلان عن جائزة الـ15 مليون دولار مُقابل معلومات تؤدّي إلى القبض على شهلائي، بُعيد وفاة إيرلو، هو تأكيدٌ رسميٌّ أنّ الشّخصيّتيْن منفصلتان. واعتبرَ المصدر أنّ الخطوة الإيرانيّة بتسمية إيرلو بـ”القائد شهلائي” محاولة تلاعبٍ لحماية رأس “سُليْماني صنعاء”.

في العودة إلى سنة 2020، وتحديداً إلى فجر اليوم الثّالث من كانون الثّاني، كانت طائرةٌ مُسيّرة أميركيّة تُطلِق عدّة صواريخ مُوجّهة من نوع “هيلفاير” نحو سيّارة، قُربَ مطار بغداد الدّوليّ، تقلّ قائد فيلق القدس في الحرس الثّوريّ الإيرانيّ قاسم سُليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشّعبيّ أبو مهدي المُهندِس.

في الوقت نفسه، وعلى بُعد 2633 كيلومتراً جنوب بغداد، وتحديداً في العاصمة اليمنيّة صنعاء، كانَت طائرةٌ أخرى تُغيرُ على الرّجل الثّاني بعد سُليماني في فيلق القُدس، عبدالرّضا شهلائي، إلّا أنّه لم يلقَ مصيرَ رفيقيه سُليْماني والمُهندس. ونجا بأعجوبة كما كان ينجو سابقاً ولاحقاً. لكنّ الغارة أدّت إلى مقتل الضّابط في الحرس الثّوريّ مُحمّد مِيرزا، لتكون أوّل حالة قتالية يعترف بها “فيلق القدس” على أرضِ اليمن.

من هو الجنرال عبد الرّضا شهلائي؟

 يشتركُ عبدالرّضا شهلائي وحسن إيرلو في عدّة أمور. فهما من المُقرّبين من الجنرال سُليْماني، وعملا بشكلٍ لصيق معه في ملفّات اليمن وسوريا والعراق ولبنان. وكلاهما من جنرالات الحرس الثّوريّ، إلّا أنّ إيرلو خلع البزّة الزّيتيّة وارتدى البزّة الرّسميّة على الطّرازِ الإيرانيّ، فصار جنرالاً برتبة سفير. ويفوق الدّور الأمنيّ والعسكريّ لشهلائي بأشواط دور رفيقه “السّفير”، على الرّغم من انخراط الأخير بكلّ تفاصيل اليمن العسكريّة والسّياسيّة والأمنيّة.

تستخدم “يدُ سليمانيّ” ورقة اليمنِ للضّغطِ في ملفّات أخرى، أبرزها المُحادثات النّوويّة في العاصمة النّمساويّة فيينا، عبر الإمساك بميليشيات الحوثي كبيدقٍ يتحكّم شهلائي به في مُعادلة الإحجام والإقدام، حسب ما تُمليه مصلحة نظام الملالي في طهران

إنّ تدخُّل سُليماني والحرس الثّوريّ في تعيين سُفراء إيران ليسَ جديداً. وهذا ما أشارَ إليه أكبر صالحي وزير الخارجيّة الإيرانيّ في حكومة الرّئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد بقوله إنّ تعيين سفراء إيران لدى بعض الدول كان يتمّ بالتنسيق مع قاسم سليماني.

بحسب المعلومات، ينحدر الجنرال عبدالرّضا شهلائي أو “الحاج يوسُف” من مُحافظة كرمنشاه الإيرانيّة. بدأ مسيرته “الثّوريّة” قبل أكثر من 40 سنةً، وتحديداً في 1980، في صفوف حرس الثّورة الإيرانيّ، قضى نصفها جوّالاً على خريطة العالم العربيّ من لبنان إلى سوريا، مروراً بالعراق، ووصولاً إلى اليمن حيث حطّ رحاله منذ انقلاب الحوثي على الشّرعيّة في أيلول 2014.

ارتبطَ اسمُ شهلائي بالعديد من الملفّات المُعقّدة. إذ تُحمّله الولايات المُتّحدة مسؤوليّة مقتل العديد من جنودها ومواطنيها في العراق وأفغانستان. ووردَ اسمه بصفته مُخطِّطاً رئيساً لمُحاولة اغتيال السّفير السّعوديّ في واشنطن الوزير عادل الجُبير سنة 2011 في مقهى مشهول بواشنطن اسمه “كافيه ميلانو”.

كانت قيادتُه لمحاولة الاغتيال الفاشلة لعادل الجبير أوّل التحام مُباشر للجنرال شهلائي مع مشروع المملكة العربيّة السعوديّة المناهض للنفوذ التّوسّعي لإيران في حوض المنطقة العربية.

كانت العمليّة ستُنَفّذ من خلال قتلة مأجورين من عِصَابات تُجّار المُخدِّرات في المكسيك مُقابل مليون ونصف مليون دولار. وكان المشتبه بضلوعهما في العمليّة هما منصور أرباب سير، وهو تاجر سيارات إيراني يحمل الجنسيّة الأميركية ويرتبط بصلة قرابة مع شهلائي، وعلي غلام شكوري أحد عناصر فيلق القدس ويقيم في إيران.

ونتيجة لمُحاولة الاغتيال ودوره الرّئيسي في التّخطيط لها، أدرجت المملكة العربيّة السّعوديّة ومملكة البحرين اسم شهلائي على قوائم الإرهاب لديهما، منذ تشرين الأوّل 2018.

رجلٌ بلا صورة

ليْسَ سهلاً على الباحث أن يعثر على صورةٍ له غير تلكَ التي نشرتها وزارة الخارجيّة الأميركيّة. والأصعب من ذلك، العثور على اعتراف رسميّ إيرانيّ بوجوده على وجه الأرض.

من جهتها، تقول جماعة “مجاهدي خلق” الإيرانيّة المُعارِضة إنّ شهلائي مسؤول عن الهجوم على معسكر “ليبرتي” قُرب مطار بغداد سنة 2013. والمُعسْكر هوَ مَقَرُّ انتشار القوات التّابعة للجَمَاعة في العراق منذ أن منحهم حقّ الإقامة فيه الرّئيس الأسبق صدّام حسين.

بعد اغتيال سُليماني في 2020، قال المبعوث الأميركي إلى إيران حينئذٍ براين هوك إنّ شهلائي هو قائد رفيع المستوى في الحرس الثوري الإيراني، ومقرّه الحالي في العاصمة صنعاء في اليمن، وإنّه يستخدم عدّة أسماء، من بينها: عبد الرضا شهلائي، الحاج يوسف، الحاج ياسر، ويوسف أبو الكرخ.

إقرأ أيضاً: محطات في سيرة سليماني: النشأة في قرية مهمّشة (1)

على الرّغمِ من شخصيّته الغامضة وعمله السّريّ، يُمكِنُ وصف شهلائي بأنّه يدُ قاسم سُليْماني اليُمنى التي زرعها في اليَمن في محاولةٍ لإضعاف السعودية واستنزافها قُربَ حدودها بعدما فشِلَ في محاولة ضربها بعيداً عنها في واشنطن بمحاولة اغتيال عادل الجُبيْر.

وتستخدم “يدُ سليمانيّ” ورقة اليمنِ للضّغطِ في ملفّات أخرى، أبرزها المُحادثات النّوويّة في العاصمة النّمساويّة فيينا، عبر الإمساك بميليشيات الحوثي كبيدقٍ يتحكّم شهلائي به في مُعادلة الإحجام والإقدام، حسب ما تُمليه مصلحة نظام الملالي في طهران…

مواضيع ذات صلة

“سمفونيّة الأمل” في السعوديّة.. والقوّاس: لعودة لبنان للحضن العربي

“لبنان جريح، وشفاؤه بالعودة إلى الحضن العربي”. هذه خلاصة كلمة رئيسة المعهد الوطني اللبناني العالي للموسيقى السوبرانو هبة القوّاس في حفل موسيقي ضخم نظّمته في…

الياس خوري: 12 تحيّة لبنانية وعربية (2/2)

في الجزء الثاني من هذه التحية إلى المثقف الراحل الياس خوري، يكتب كلٌّ من: علوية صبح، وواسيني الأعرج، ويوسف المحيمد، وليانة بدر، وطالب الرفاعي، وسمر…

نداءٌ ثانٍ ودائم إلى دولة “النبيه”

هو صاحب الفكرة، حامل القلم، إبرة الميزان، والممسك بخيوط كثيرة. لا تخطئ بوصلة نبيه بري. السياسة عنده احتراف. أحد أبرز صنّاع الاستثناء في التاريخ اللبناني…

برّي أطلق مبادرة لوقف إطلاق النار في الجنوب

علم “أساس” أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي يعمل على مبادرة عنوانها التفاهم على خفض التصعيد في جنوب لبنان من الطرفين، ما يسمح بفتح مسار…