عندما ودّع جابر عصفور “أساس” بكلماته

مدة القراءة 3 د

أبت سنة 2021 إلا أن تؤكّد قباحتها وقسوتها وما وضعته فينا من ارتباك.

أبت في يومها الأخير أن ترحل قبل أن تأخذ منّا كبيراً كان يجبر خواطر أفكارنا، ويغرّد في عقولنا كالعصفور.

أبت 2021 أن ترحل قبل أن تخطف منّا الباحث والمفكّر ووزير الثقافة المصري الأسبق جابر عصفور.

لم يكن جابر عصفور وزيراً أو مثقّفاً أو مفكّراً فحسب، إذ كان كلّ الأشياء في الوقت نفسه. اختصر في فكره ونتاجه تحدّيات “التنوير الثقافي”، فكتب مهنة “التنوير”، ولجأ إلى العقل ليقنعنا بضرورة أن يكون رائداً في صناعة الفكر، فكتب لنا “أنوار العقل”. وعندما أراد أن يقنعنا أنّ الزمن تغيّر،  كتب لنا “زمن الرواية”، وأنّ الشعر بقي له الحبّ والحبّ فقط، كتب في “محبّة الشعر”. وما بين الشعر والرواية كان عميقاً في التراث، فكتب رواية “التراث”، ثمّ “زمن جميل مضى”.

رحيل جابر عصفور، ابن الـ77 عاماً، يترك غصّة كبيرة، لكنّنا في موقع “أساس ميديا” يعزّينا عن رحيله أنّ كلماته شاركت في الخامس من شهر حزيران 2021 في صناعة صورة “أساس”

كان جابر عصفور ناقداً مدافعاً عن الهويّة، قاتل بفكره وقلمه ونتاجه الذي منح المكتبة العربية الكثير من الرقيّ، والكثير الكثير من المرجعية، من كتابه: “النقد الأدبي والهويّة الثقافية” إلى نقد “ثقافة التخلّف”، وصولاً إلى  “تحدّيات الزمن المعاصر”.

جابر عصفور حاصد الأوسمة من تونس عام 1995، والمغرب عام 2010، وما بينهما مسقط رأسه مصر عام 2009. كان أيضاً صيّاداً للجوائز، بدءاً من جائزة “سلطان العويس” عام 1997، وصولاً إلى جائزة “النيل” عام 2019.

رحيل جابر عصفور، ابن الـ77 عاماً، يترك غصّة كبيرة، لكنّنا في موقع “أساس ميديا” يعزّينا عن رحيله أنّ كلماته شاركت في الخامس من شهر حزيران 2021 في صناعة صورة “أساس” عندما كتب، لمناسبة نيل “مولانا” الدكتور رضوان السيد “جائزة النيل”، مقالاً تحت عنوان “المجلس الأعلى للثقافة يحقّق “الجول” الأوّل”، قال فيه: “أنا سعيد كلّ السعادة بفوز رضوان. وهذه المرّة الأولى التي تذهب هذه الجائزة إلى مَن يستحقّها. فقد أحرز المجلس الأعلى للثقافة هذه المرّة “جول” بتصديقه على منح جائزة “النيل” لهذا المفكّر الأصيل”.  

إقرأ أيضاً: جابر عصفور: المجلس الأعلى للثقافة يحقّق “الجول” الأوّل (1/2)  

قد يرحل المفكّر بجسده، لكنّ أفكاره تبقى دوماً وأبداً ما دام الإنسان يتنفّس من هواء هذه الأرض.

ناشر وأسرة “أساس” يتقدّمون بأحرّ التعازي لعائلة جابر عصفور ولجمهورية مصر العربية الولّادة في الفكر والأدب والإبداع.

مواضيع ذات صلة

حكاية دقدوق: من السّجن في العراق إلى الاغتيال في دمشق! (1/2)

منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد…

فتح الله غولن: داعية… هزّ عرش إردوغان

ثمّة شخصيات إسلامية كثيرة في التاريخ توافَق الناس على تقديرها واحترامها، مع ظهور أصوات قليلة معترضة على نهجها أو سلوكها أو آرائها، لكنّها لم تتمكّن…

مصرع السنوار في مشهد لا يحبّه نتنياهو

مات يحيى السنوار، رئيس حركة حماس منذ اغتيال سلفه إسماعيل هنية في 31 تموز الماضي، وهو يقاتل الجيش الإسرائيلي، في إحدى أسخن جبهات القتال في…

الحزب بعد “السّيّد”: الرأي الآخر… ومشروع الدّولة

هنا محاولة لرسم بورتريه للأمين العامّ للحزب، بقلم كاتب عراقي، التقاه أكثر من مرّة، ويحاول في هذا النصّ أن يرسم عنه صورةً تبرز بعضاً من…