وول ستريت جورنال: السعوديّة تُقاطع ولبنان يغرق

مدة القراءة 5 د

تفاقمت الأزمة الاقتصاديّة التي يرزح لبنان تحت وطأتها نتيجة ردّ المملكة العربية السعودية على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الإعلام جورج قرداحي، منحازاً إلى إيران في في الحرب الدائرة باليمن. ومن المرجّح أن تزيد هذه الأزمة بعدما علّقت السعودية استقبال الواردات من لبنان.

تطرّق إلى هذه الأزمة الكاتبان نزيه عسيران من بيروت وستيفان كالين من الرياض في مقالٍ نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال“، لفت إلى أنّ حظر الواردات ترافق مع استبعاد سفراء لبنانيين لدى دول خليجيّة، وجاء امتداداً لحلقات التوتّر المستمرّة بسبب نفوذ طهران الذي تبسطه على لبنان، وهو الأمر الذي يهدّد بإلحاق أضرار إضافيّة باقتصاد لبنان، المدمَّر أصلاً.

تفاقمت الأزمة الاقتصاديّة التي يرزح لبنان تحت وطأتها نتيجة ردّ المملكة العربية السعودية على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الإعلام جورج قرداحي، منحازاً إلى إيران في في الحرب الدائرة باليمن. ومن المرجّح أن تزيد هذه الأزمة بعدما علّقت السعودية استقبال الواردات من لبنان

وقد اتخذ المسؤولون في المملكة هذه التدابير العقابية للبنان، بعدما انتشرت تصريحات قرداحي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مثيرةً جدلاً جديداً، ورافعةً حدّة التوتّر في الرياض ودول الخليج، إذ اعتبروها “دليلاً على سيطرة إيران المتزايدة على لبنان”.

يوضح الكاتبان أنّ “دول الخليج شعرت بالاستياء من عدم تمكّن الأطراف السياسية الأخرى في لبنان من موازنة النفوذ الإيراني أو الحدّ منه، وهو ما منح طهران نفوذاً وصل إلى البحر الأبيض المتوسط، إضافةً إلى القوّة الإقليميّة من خلال حزب الله”. وأشارا إلى أنّ المملكة تخوض منافسة مع إيران بشأن الهيمنة على المنطقة منذ عقود، وتدعمان أطرافاً متنازعة في عدد من البلدان، ومن بينها العراق وسوريا. لكنّ الفترة السابقة شهدت القليل من التحسّن في العلاقات، حيثُ أجرى مسؤولون إيرانيون وسعوديّون أربع جولات من المحادثات المباشرة ناقشوا خلالها الملفّ اليمني والقضايا ذات الاهتمام المشترك. لكنّ الطرفين لم يصلا إلى نتائج ملموسة، ويبدو أنّ صبر الرياض بدأ ينفد.

في هذا السياق، علّق وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قائلاً إنّه “مع استمرار سيطرة حزب الله على المشهد السياسي، ومع ما نراه من امتناع مستمرّ من هذه الحكومة والقادة السياسيين اللبنانيين عامةً عن تطبيق الإصلاحات والإجراءات الضرورية لدفع لبنان باتّجاه تغيير حقيقي، قرّرنا أنّ التواصل لم يعُد مثمراً أو مفيداً، ولم يعُد في مصلحتنا”.

لكنّ الضربة الكبرى التي تلقّاها لبنان تمثّلت بتعليق السعودية دخول الواردات من لبنان إلى المملكة، ولا سيّما أنّ الرياض تُعتبَر شريكاً تجارياً مهمّاً للبنان، وفي مقدَّم الدول المستورِدة للذهب والمنتجات الزراعية، ومصدراً قيِّماً للتحويلات من آلاف المواطنين اللبنانيين الذين يعملون فيها.

وعلى الرغم ممّا آلت إليه الأمور، ذكّر الكاتبان بأنّ السعوديّة أنفقت مليارات الدولارات لتعزيز قوّة القوى الأمنيّة في لبنان، في أعقاب الحرب الأهليّة، وعملت على مواجهة نفوذ إيران، وصولاً إلى العام 2016، عندما أوقفت مساعدات كثيرة.

من بين التعهّدات التي قدّمها المانحون في مؤتمر باريس لدعم لبنان وتجاوزت 7.6 مليارات دولار، في العام 2007، أعلن وزير الخارجية السعودي آنذاك الأمير سعود الفيصل أنّ الرياض ستقدّم مساعدات بقيمة 1.1 مليار دولار للبنان، وهي أكبر مساهمة فردية تقدّمها دولة

علي الشهابي، وهو محلّل مقرّب من الحكومة السعودية، يقول إنّ الرياض تفكّربأنّه “جرى الاستيلاء على لبنان. ولا يمكن فعل شيء سوى قطع العلاقات مع لبنان حتى يرى شعبه ثمن الهيمنة الإيرانية”.

ويأتي التصعيد السعودي في أسوأ الأوقات بالنسبة إلى لبنان الذي يعاني من انهيار اقتصادي حادّ نجمَ عن أعوام من سوء الإدارة الحكومية والفساد، وقد تفاقمت التداعيات الماليّة وزاد الركود في أعقاب الانفجار الذي هزّ مرفأ بيروت، وفقاً للكاتبين اللذين تطرّقا إلى مساعٍ أميركية وفرنسيّة لحثّ المسؤولين اللبنانيين على القيام بإصلاحات اقتصادية وسياسية ومكافحة الفساد. وأشارا إلى أنّ من المتوقّع أن تُجري الحكومة، التي وُلدَت في أيلول، محادثات مع المانحين الغربيين وصندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات وقروض بمليارات الدولارات بهدف التخفيف من الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت إثر تفشّي جائحة “كوفيد 19”. فيما يغرق لبنان بالعتمة نتيجة الانقطاع المتكرّر للتيار الكهربائي، ويعاني نقصاً في الغذاء والدواء، ويشهد تضخّماً في الأسعار وارتفاعاً في معدّلات الجريمة.

وقد أشارت صحيفة “ذا ناشيونال” إلى أنّ المملكة لها تاريخ في دعم لبنان سياسياً وماليّاً، وهي كانت مستثمراً رئيسياً في إعادة إعمار البلاد بعد الحرب الأهليّة، وساعدت في التوصّل إلى اتفاق الطائف في عام 1990، واضعةً نهايةً لتلك الحرب التي استمرّت 15 عاماً. وبالإضافة إلى الأموال التي ساعدت في إعادة الإعمار والاستثمار وغيرها من المساعدات، كانت المملكة مصدراً رئيسياً لإيرادات السياحة في لبنان في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

إقرأ أيضاً: بعبدا تطلب الحوار مع الرياض… وميقاتي “يطلب النجدة”

ومن بين التعهّدات التي قدّمها المانحون في مؤتمر باريس لدعم لبنان وتجاوزت 7.6 مليارات دولار، في العام 2007، أعلن وزير الخارجية السعودي آنذاك الأمير سعود الفيصل أنّ الرياض ستقدّم مساعدات بقيمة 1.1 مليار دولار للبنان، وهي أكبر مساهمة فردية تقدّمها دولة، والأمر نفسه حدث في مؤتمر “سيدر” عام 2018. هذا عدا ما قامت به المملكة بعد الحرب التي وقعت في تموز 2006، حيث ساهمت خطواتها في استقرار الليرة اللبنانية.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…