رأى الكاتب في مجلّة “فورين بوليسي” ستيفين كوك أنّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي ينتظر الانتخابات المزمع إجراؤها في عام 2023، قد يكون مريضاً وبحالة صحيّة لا تسمح له أن يبقى متربّعاً على السلطة في بلاده، وعَرَض السيناريوهات التي يُمكن أن تحدث في المرحلة التي تلي انسحاب إردوغان من الساحة السياسيّة.
وأوضح الكاتب أنّ المحلّلين والصحافيين ومنظّمي الاستطلاعات يهتمّون بالانتخابات المقبلة، ولا سيّما أنّ “حزب العدالة والتنمية” مُنِيَ بخسائر خلال الانتخابات البلديّة في المدن الرئيسية، ومن بينها إسطنبول في عام 2019. وقد شهدت شعبيّة الحزب الحاكم تراجعاً. وعلى الرغم من الضعف السياسيّ الذي يسلّط البعض الضوء عليه، إلا أنّ بعض الدلالات تكشف أنّ الرئيس التركي مريض، وهناك شكوك في إمكانيّة ترشّحه مجدّداً في الانتخابات المقبلة.
وتطرّق الكاتب إلى عدد من الفيديوهات التي لم يظهر فيها إردوغان على ما يُرام، من بينها فيديو وهو ينزل الدرج ويحتاج إلى مساعدة زوجته، وآخر يظهر فيه وهو يسير بصعوبة في أنيتكابير، ضريح مؤسّس تركيا مصطفى كمال أتاتورك، وبدا مرهقاً في فيديو نُشر في تموز، وهو يلتقط كلماته في خطاب له. وقد بدا نحيلاً، وتحوم الشائعات حول صحّته، وكونه يعاني من النسيان ومشاكل في التنفّس والغثيان، وزيادة الطاقم الطبّيّ الذي يرعاه، وإقلاله من لقاءاته مع الصحافيين، وتجرّعه أدوية مسكّنة قبل مشاركته في المناسبات العامّة.
وعلى الرغم من جميع الشائعات والتحليلات بعد نشر الفيديوهات، إلا أنّه بدا جيّداً في أحدث ظهور له في 26 أيلول، ولو أنّه لم يظهر قويّاً كالعادة، ولا بدّ من الذكر أنّه رجل يبلغ من العمر 67 عاماً، ولا يزال في السلطة منذ أكثر من 18 عاماً. ويجب عدم إصدار أحكام طبّيّة، بل يجب التفكير في المشهد السياسي من بعده، إنْ صحّت الأخبار عن مرضه، ولم يستطع الترشّح لإعادة انتخابه في عام 2023.
يوضح الكاتب أنّ المادة الـ106 من الدستور التركي تنصّ على أنّه إذا حدث سيناريو كهذا، فإنّ نائب الرئيس فؤاد أوقطاي يتولّى المسؤوليّات والصلاحيّات التي يمتلكها إردوغان، ويتمّ إجراء انتخابات خلال 45 يوماً لتنصيب رئيس جديد للبلاد.
ومن بين الأسماء المحتمل أن تحلّ مكان إردوغان في القصر الرئاسيّ، أسماء بعض المعارضين، ولا سيّما أنّ المحلّلين الذين يتطلّعون إلى مرحلة تركيا بعد عهد إردوغان، يتوقّعون حدوث انقسامات في حزب العدالة والتنمية قد تفتح الطريق لانتخابات يسودها التنافس وتعطي الفرصة أكثر لمعارضين، من بينهم أكرم إمام أوغلو الذي هزم رئيس الوزراء السابق لحزب العدالة والتنمية مرّتين ليصبح رئيس بلدية إسطنبول، وأيضاً رئيس بلدية أنقرة المعارض، منصور يافاش، المشهود له في عالم السياسة، وزعيمة الحزب الصالح المعارض ميرال أكسينر المعروفة بصلابتها.
وبينما تكثر التحليلات حول هذه الأسماء، تزيد الشكوك في إمكان تخيّل حدوث انتخابات نزيهة خلال 45 يوماً، مع سيطرة حزب إردوغان على المؤسسات.
إقرأ أيضاً: محلل تركي لـ”أساس”: تركيا تعيد اصطفافها السياسي تدريجياً
في المقابل، تزيد التكهّنات حول إمكانيّة أن يتولّى حكم تركيا بعد إردوغان رجل قويّ آخر، ربّما خلال حالة الطوارئ. ومن بين الأسماء المطروحة: رئيس الاستخبارات هاكان فيدان، وزير الدفاع الوطني خلوصي آكار، ووزير الداخلية سليمان صويلو. ويبدو أنّ الأكثر نصيباً هو وزير الدفاع، لأنّ رئيس الاستخبارات يعمل في الكواليس على الرغم من أنّ الأتراك يعرفونه، وتراجعت أسهم صويلو بعد الفيديوهات التي نشرها “زعيم المافيا” سيدات بيكر، واتّهم فيها الوزير بالضلوع في الكثير من الجرائم المنظّمة، من خلال المشاركة أو التغطية عليها.
وأمّا آكار، الذي كان رئيس الأركان عندما شهدت تركيا محاولة الانقلاب، فقد لعبَ دوراً مهمّاً في إعادة تشكيل القوات المسلّحة بعد تموز 2016، الأمر الذي يزيد رصيده ويضع الجيش في موقع يؤهّله للعب دور سياسي مرّة جديدة لدعم آكار. وخلال السنوات الأخيرة، كان آكار مسؤولاً عن تعيين 65% من الضبّاط، بينهم عدد كبير في رتب عليا. وإذا ابتعد إردوغان عن الساحة السياسيّة، فسيترك آكار في موقع قويّ جدّاً.