3 أسباب وراء انخفاض الدولار

مدة القراءة 4 د

منذ إعلان “رفع الدعم” عن المحروقات وسعر صرف الدولار: Low profile. 

لا طلعات جنونية نتيجة شحّ البنزين، ولا تقلّبات هستيرية جرّاء تبخّر المازوت وغرق اللبنانيين في العتمة… بل على العكس ممّا كان يتوقّع كثيرون، فقد سجّل سعر الصرف تراجعاً ملحوظاً، وهبط تحت عتبة 20 ألف ليرة للشراء والمبيع ليل أمس.

مصدر صيرفي في بيروت لـ”أساس” أيضاً أنّ حجم الطلب على الدولار كان خجولاً جداً في اليومين المنصرمين، نسبةً إلى حجم العرض

أمّا تطبيقات أسعار الدولار التي كانت تُلهب السوق افتراضياً عبر الهواتف الذكية وعند كل محطة سياسية أو استحقاق، فكانت هي الأخرى ساكنة في الأيام الفائتة، وكأنّ الشخص المسيِّر لهذه التطبيقات، وهو مجهول باسمه ومعلوم بأفعاله، أصبح فجأة “خارج التغطية”.

سجّل سعر صرف الدولار أمس انخفاضاً بمقدار 700 ليرة، وهو ما توقّعه كاتب هذه السطور يوم إعلان رفع الدعم، في مقال سابق، فاستقرّ عند 19300 ليرة. أمّا السبب خلف ذلك فيعود إلى ثلاثة عوامل:

1- الصدمة التي تسبّب بها قرار حاكم مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات. هذا القرار دفع الجميع إلى ترقّب الأحداث على الأرض، وخصوصاً جماعة تطبيقات الهواتف الذكية التي كانت تثبت، عند كل مناسبة، أنّها تتحرّك وفق مصلحة المصرف المركزي وتطلّعاته، وليس ضدّه… من دون أن يكون هذا الكلام اتّهاماً للمركزي بتحريكها أو تسييرها عن بعد، وإنّما إشارة صريحة إلى هذا الأمر… وإلى حين إثبات عكسه. 

فمَن كان يسيّر هذه التطبيقات أدرك سريعاً أنّ تحريك سعر صرف الدولار صعوداً، في هذه اللحظة الخطيرة، كان سيتسبّب بمزيد من الغضب في صفوف اللبنانيين، ولهذا ارتأى أن تبقى جبهة الوقود هي الجبهة الساخنة، بخلاف جبهة سوق الدولار التي سجّلت انفراجات ملحوظة.

الاستقرار في سعر صرف الدولار سيتواصل من دون مفاجآت خلال الأسبوع المقبل، ومن المؤكّد أنّ الليرة ستشهد تحسّنات إضافية نزولاً إذا “صدق العهد” في وعوده، وأبصرت حكومة ميقاتي النور قريباً

2- الأجواء الإيجابية التي لا ينفكّ العهد يشيعها عن قرب التوصّل إلى اتفاق حول تشكيل حكومة مع الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي الذي لم يبدِ بدوره أيّ إشارة سلبية حول سلوك بعبدا تجاهه إلى الآن. هذه الأجواء كان آخرها تصريح الرئيس ميشال عون، أمس، عن أنّ المسار الحكومي “سالك”، وأنّ الدخان الأبيض “سيخرج من بعبدا قريباً” (على ذمّة بعبدا!).

3- شحّ الليرة اللبنانية بين أيدي اللبنانيين، إذ تنقل أوساط صيرفية في العاصمة بيروت لـ”أساس” أنّ السوق الموازي برمّته “يشهد حالة عرض كثيفة للدولار استطاعت أن تُفرِغ خزائن الصرّافين من الليرة اللبنانية، من دون أن يتمكّنوا من تلبية الطلب بشكل كامل”. 

كشف مصدر صيرفي في بيروت لـ”أساس” أيضاً أنّ حجم الطلب على الدولار كان خجولاً جداً في اليومين المنصرمين، نسبةً إلى حجم العرض، الذي يتضاعف غالباً يوميْ الجمعة والسبت، أي خلال نهاية الأسبوع التي غالباً ما تكون مشبّعة بالمشاوير والحاجة إلى صرف الأموال. 

أمّا السبب الآخر لزيادة حجم العرض فهو حاجة المواطنين اليومية إلى العملة الوطنية من أجل تغطية التزاماتهم ومصاريفهم، وخصوصاً مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية (المحروقات خصوصاً)، في حين أنّ مداخيلهم لا تزال على حالها، وما عادت تغطّي هذه الفروقات بالأسعار، الأمر الذي يُضطرّهم إلى صرف المزيد من الدولارات التي يكتنزونها في المنازل.

إقرأ أيضاً: سلامة لم يرفع الدعم… هل سيخفّض الدولار؟

يُضاف إلى ذلك حركة السيّاح والمغتربين اللبنانيين، وحاجتهم إلى الليرة اللبنانية التي تزيد من حجم عرض الدولار أيضاً.

في المحصّلة، يمكن الاستنتاج أنّ الاستقرار في سعر صرف الدولار سيتواصل من دون مفاجآت خلال الأسبوع المقبل، ومن المؤكّد أنّ الليرة ستشهد تحسّنات إضافية نزولاً إذا “صدق العهد” في وعوده، وأبصرت حكومة ميقاتي النور قريباً. 

مواضيع ذات صلة

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفيّ (2/2)

مع تعمّق الأزمة اللبنانية، يصبح من الضروري تحليل أوجه القصور في أداء المؤسّسات المصرفية والمالية، وطرح إصلاحات جذرية من شأنها استعادة الثقة المفقودة بين المصارف…

لا نهوض للاقتصاد… قبل إصلاح القطاع المصرفيّ (1/2)

لبنان، الذي كان يوماً يُعرف بأنّه “سويسرا الشرق” بفضل قطاعه المصرفي المتين واقتصاده الديناميكي، يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات النقدية والاقتصادية في تاريخه. هذه…

مجموعة الـ20: قيود تمنع مواءمة المصالح

اختتمت أعمال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو يومي 18 و19 تشرين الثاني 2024، فيما يشهد العالم استقطاباً سياسياً متزايداً وعدم استقرار…

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…