الكهرباء: آخر 200 مليون دولار

مدة القراءة 5 د

أرسل وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، منذ يومين، كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء لطلب استصدار الموافقة الاستثنائية على تغطية سلفة الخزينة للكهرباء بالعملة الأجنبية من أجل شراء المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان. وقد سارع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلى توقيع الكتاب… فيما تولّت رئاسة الجمهورية زفّ الخبر إلى اللبنانيين: أزمة الكهرباء إلى انفراج.

ماذا تعني هذه الموافقة الاستثنائية؟

يقول المتابعون إنّه سيتمّ التعامل مع هذه الموافقة الاستثنائية على أنّها قرار لمجلس الوزراء لتوفير تغطية رسمية “شكليّة” لفتح اعتمادات شراء الفيول، بعدما صارت العتمة الشاملة على مسافة ساعات من اللبنانيين

دأب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على تنبيه السلطة السياسية، بشقّيْها التنفيذي والتشريعي، إلى أنّه لن يمسّ الاحتياط الإلزامي، بقرار منه، لتغطية أكلاف الدعم، سواء دعم المواد الغذائية أو الأدوية أو المشتقّات النفطية الموزّعة بين الفيول الذي تحتاج إليه مؤسسة كهرباء لبنان والبنزين والمازوت. وقد سانده المجلس المركزي لمصرف لبنان بوضع خطّ أحمر حول هذا الاحتياط، حتى إنّ المجلس الدستوري علّق العمل في السادس والعشرين من نيسان الفائت بقانون سلفة الخزينة البالغة 200 مليون دولار أو 300 مليار ليرة، وفق السعر الرسمي للدولار، والتي أُقرّت لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، بذريعة الاقتطاع من الاحتياط الإلزامي.

هذا الواقع دفع بالمصرف المركزي إلى رفض فتح ثلاثة اعتمادات مرسلة من وزارة المال لتغطية كلفة شراء الفيول لمؤسسة كهرباء لبنان، واكتفى بفتح اعتماد واحد تبلغ كلفته حوالي 13 مليون دولار. وبقيت الاعتمادات الثلاثة في أدراج مصرف لبنان، بحجّة نفاد احتياط المصرف المركزي من العملات الصعبة، ورفضه المسّ بالاحتياط الإلزامي… إلى أن تمّ الاتفاق، وفق مصادر مالية متابعة، على مخرج ليس سوى إخراج شكليّ من أجل وضع اليدّ على آخر الدولارات المتبقّية في مصرف لبنان، والتي هي ودائع اللبنانيين.

يقول المتابعون إنّه سيتمّ التعامل مع هذه الموافقة الاستثنائية على أنّها قرار لمجلس الوزراء لتوفير تغطية رسمية “شكليّة” لفتح اعتمادات شراء الفيول، بعدما صارت العتمة الشاملة على مسافة ساعات من اللبنانيين، من دون أن يكبّد المعنيّون أنفسهم عناء إيجاد معالجة جدّيّة أو جذريّة قد تحول دون الإفلاس الشامل.

فعليّاً، ستُخصَّص الاعتمادات الثلاثة المرسلة من وزارة المال لشراء ثلاث حمولات من الفيول يُفترض أن تُفرَّغ في معامل الإنتاج التي تدنّى عمل معظمها حتى حدودها الدنيا. لكنّ هذه الحمولة من الفيول لا تكفي، وفق المعنيين، لأكثر من أسبوعين، ستحرق السلطة التنفيذية ومصرف لبنان فيهما حوالي 60 مليون دولار من الاحتياط الإلزامي لشراء الفيول… والحبل على الجرّار.

أكدت مصادر وزارة الطاقة أنّ مصرف لبنان أبلغهم أنه سيصار الى فتح اعتمادات البواخر المنتظرة قبالة الشاطىء اللبناني تباعاً، لكنها أشارت إلى أنّ ارتفاع سعر النفط عالمياً قد يبدّل في حسابات مؤسسة كهرباء لبنان التي كانت تعتقد أنّ سلفة الـ200 مليون دولار ستكفي لحوالي ثلاثة أشهر

وفق هؤلاء، ستفتح هذه الموافقة الاستثنائية الباب أمام سياسة القضم من الاحتياط الإلزامي بحجّة تشريعها من الحكومة المستقيلة، ومعها رئاسة الجمهورية. ويجدر التذكير أنّ رئاسة الجمهورية رفضت التوقيع على تعديل مرسوم الحدود البحرية، بحجّة أنّه مدرج ضمن موافقة استثنائية، وها هي اليوم تشرّع باب الاحتياط الإلزامي بحجّة التصدّي للعتمة الشاملة.

إلا أنّ بعض من راجعوا أعضاء في المجلس المركزي لمصرف لبنان، تبيّن لهم أنّ مناخ مصرف لبنان مخالف كلياً، لما يتم تداوله في الأوساط السياسية. بالنسبة للمجلس المركزي، فإنّ الموافقة الاستثنائية التي طلبها المصرف المركزي لا تعني أبداً فتح خزانة الاحتياطي الإلزامي، لأن مصرف لبنان سيكتفي بدفع الـ200 مليون دولار، أي السلفة التي أقرها مجلس النواب، ليقفل من بعدها باب الدعم بشكل نهائي. ما يعني أنّه سيضطر إلى مواجهة ضغوط السلطة الحاكمة التي تحاول شراء الوقت من خلال “الغرف” من “معجن” الاحتياطي الإلزامي.

وفي هذا السياق أكدت مصادر وزارة الطاقة أنّ مصرف لبنان أبلغهم أنه سيصار الى فتح اعتمادات البواخر المنتظرة قبالة الشاطىء اللبناني تباعاً، لكنها أشارت إلى أنّ ارتفاع سعر النفط عالمياً قد يبدّل في حسابات مؤسسة كهرباء لبنان التي كانت تعتقد أنّ سلفة الـ200 مليون دولار ستكفي لحوالي ثلاثة أشهر، حيث يبدو أنّها قد تُصرف خلال شهرين لا أكثر.

إلى ذلك، يلفت المعنيون إلى أنّ “رفع الدعم عن مادة البنزين بات قاب قوسين أو أدنى”، مشيرين إلى أنّ “استعراض الـ400 دولار الذي يقدّمه مصرف لبنان على مسرح الانهيار المالي والمصرفي، ليس سوى لعبة يُراد منها إلهاء المودعين، في وقت سيُرفع الدعم عن البنزين، لتحلّق أسعاره عالياً. وهذا ما يفسّر تعمّد أصحاب المحطات إقفالها أمام المستهلكين مع أنّ خزّاناتها ممتلئة بالبنزين المدعوم، منتظرين لحظة الصفر حين تُعلن رسمياً خطوة رفع الدعم، فيبدأون عندئذٍ بالبيع محقّقين أرباحاً خيالية”.

إقرأ أيضاً: كهرباء 2021: عتمة كلفتها 1.46 مليار من الاحتياط

أمّا المازوت، الذي تحتاج إليه المولّدات الخاصة، فيبدو أنّ رفع الدعم عنه لم يأتِ بعد، كما يقول المعنيون، وقد يكون الخطوة اللاحقة، بعد البنزين، مع العلم أنّ تكلفة الكيلوواط المنتج في المعامل الخاصة أعلى بكثير على المستهلكين منها في معامل مؤسسة كهرباء لبنان.

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…