حكومة انتخابات: المجتمع الدولي… لعزل الحريري وسلامة؟

مدة القراءة 5 د

بات كل شيء “يُحلِّل” ويُشرِّع عدم السير بالتسوية الحكومية من أجل جمع ميشال عون وسعد الحريري وجبران باسيل تحت سقفٍ واحدٍ لتحميلهم “طائلة مسؤولية” جرّ الداخل اللبناني نحو الفوضى الشاملة.

يُشارف زيت العهد على نهايته، وأيّ محاولة لجمع الأضداد، في المدّة المتبقّية من الولاية الرئاسية، هي وصفة مضمونة لصدامٍ سيعمِّق أكثر حفرة الأزمة.

يكفي رصد التوزيعة السياسية والحزبية للوزراء على حكومة الـ24 لِحَسم أمرين:

– الأوّل أنّ المبادرة الفرنسية “عطيتكم عمرها”، والأرجح من اللحظة التي وضّب فيها السفير مصطفى أديب حقائبه وعاد خائباً إلى برلين.

يقول مطّلعون على مسار الأزمة إنّه حتى لو افترضنا أنّ حكومة الحريري ستولد في الأسابيع المقبلة، فإلى جانب جدول مهمّاتها للخروج من الأزمة، ستكون معنيّة قبل أيّ شيء آخر بإدارة الانتخابات النيابية، وهو الواقع المرفوض بالكامل من جانب عون وباسيل

– والثاني هو “صراع التوجّهات والمصالح” الذي سيسيّر أيّ حكومة مقبلة، تماماً كما الحكومات السابقة، ولن يحيد أولياء أمرها عن خط “الاستثمار” في الاستحقاق الأهمّ: الانتخابات النيابية.  

مع ذلك، تجزم أوساط قريبة من عين التينة لـ”أساس” أنّ “مسعى الرئيس نبيه برّي مستمرّ حتى الساعة، وقد أثمر أخيراً التخفيف من حدّة التراشق الكلامي بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر. لكنّ المشهد الحكومي قاتمٌ جدّاً”، مشيرةً إلى أنّ “صاحب المبادرة في إعلان دفن المبادرة هو الرئيس نبيه برّي، وسبق له أن فعلها سابقاً حين كانت تقفل الأبواب أمام أيّ مسعى من جانبه، لكن حتّى الآن لا توجُّه لفتح باب التعازي بالمبادرة طالما أنّ البديل المحتمل أو الممكن لِما بعد إعلان وفاة المبادرة غير متوافر. وباختصار، مرحلة ما بعد الحريري غير ناضجة حتى اللحظة”.

هي عملية شراء المزيد من الوقت بكلفة عالية جداً، قد تكون الأعلى في مسار الأزمات المتلاحقة منذ التسعينيات، في ظلّ اقتناع طرفين أساسيّين في المعادلة، بعكس المواقف المعلنة، هما برّي وحزب الله، بأنّ إمكان جمع عون والحريري إلى طاولة واحدة بات مستحيلاً ويقارب المعجزة.

مع ذلك، آخر “تحديث” للمساعي الحكومية يتمحور حول تعويل صاحب المبادرة على “مبادرة” حزب الله في الضغط على جبران باسيل للقبول بتسوية تتعلّق بالوزيرين المسيحيّين، وتوزيعة الحقائب التي لم تُحسم بعد، وفكفكة اللغم الأخير. ذلك الذي أشار إليه صراحةً بيانُ المكتب السياسي للتيار الوطني الحر، والمرتبط برفض الأخير “الانقلاب على الدستور بتخطّي المناصفة الفعلية، وتكريس أعراف جديدة بالحديث عن مثالثة مقنّعة يحاول البعض الترويج لها على قاعدة ثلاث مجموعات من ثمانية وزراء، يقود كلّاً منها أحدُ المكوّنات الأساسية في البلاد”. وهو موقف سارع قريبون من الحريري إلى تلقُّفه بتأكيد أنّ “أوّل المنقلبين على الدستور هو رئيس الجمهورية “صاحب السوابق” في هذا المجال”.

ويقول مطّلعون على مسار الأزمة إنّه “حتى لو افترضنا أنّ حكومة الحريري ستولد في الأسابيع المقبلة، فإلى جانب جدول مهمّاتها للخروج من الأزمة، ستكون معنيّة قبل أيّ شيء آخر بإدارة الانتخابات النيابية، وهو الواقع المرفوض بالكامل من جانب عون وباسيل حتى لو ضمنت بعبدا أن تكون وزارة الداخلية من حصّتها. وبالتأكيد، هذا معطى إضافي يعرقل ولادة هذه الحكومة”.

من الآن وصاعداً، بات من الصعب جدّاً فصل المأزق الحكومي عن مأزق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وكأنّ المصير مشترك

ويشير هؤلاء إلى أنّ “مسؤولين ودبلوماسيين غربيين ردّدوا أخيراً، في لقاءاتهم بالمسؤولين اللبنانيين، خوفهم من الفوضى الأمنيّة الناتجة عن الأزمة السياسية”، معتبرين أنّ “الأولويّة يجب أن تكون لحكومة غير صدامية، ليس بين أعضائها رموز سياسية، بمن فيهم رئيسها. هدفها إدارة الانتخابات المقبلة، بحضور مندوبين من الأمم المتحدة، إن اقتضى الأمر. وكلّ ذلك لتخفيف حدّة الارتطام، لأنّ التوجُّه إلى صناديق الاقتراع سيخفِّف من الضغط الدولي على لبنان، ويمنحه “منشِّطات” تقيه الانهيار الشامل”.

ومن الآن وصاعداً، بات من الصعب جدّاً فصل المأزق الحكومي عن مأزق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وكأنّ المصير مشترك.

وتفسّر أوساطٌ مطّلعة هذا الترابط بشرح أنّ هناك “وجهين لأزمة سلامة. الأوّل هو الدعاوى القضائية المرفوعة ضده في الخارج بتهم خطيرة جداً، وملاحقته جزائياً في فرنسا وسويسرا وبريطانيا مع توجّه للحجز على ممتلكاته. والثاني هو ارتباط موقعه في الداخل بكل مفاتيح “الحلّ أو الخراب” المالي، بدءاً من الأزمة المصرفية إلى ترشيد الدعم، والبطاقة التمويلية، واستمرار دعم الكهرباء، والكابيتال كونترول، وقرار إعطاء الـ400 دولار لأصحاب الودائع بالعملة الأجنبية، والتعاميم الصادرة عنه وتأثيراتها المباشرة على السوق السوداء. والرابط بين الأزمتين هو رفع الغطاء الدولي تدريجياً عن “الحاكم”، وهذا يشكّل رسالة بالغة الأهمية، ولا سيّما أنّ الدول المعنية بملاحقة سلامة نأت بنفسها عن كل الدعوات لملاحقة ورصد حركة أموال الـ PEPs )الأشخاص المعرّضين سياسياً) ليتركّز الاهتمام على اتهامات حاكم مصرف لبنان”.

إقرأ أيضاً: الحكومة في “الكوما”… و”التنصيبة” تتجدّد

وهي رسالة، وفق هؤلاء، تتماهى بالكامل مع رفع الغطاء أيضاً عن رموزٍ ضمن هذه المنظومة، تتجّلى أهمّ ترجماته في التعثّر الذي قد يكون “منظّماً” لمنع سعد الحريري من تأليف حكومة، والعزلة الدولية التي تعانيها رئاسة الجمهورية، واستسلام الإليزيه بعدم إكمال “معركة” المبادرة الفرنسية في مقابل عدم الدعم المعلن لمبادرة رئيس مجلس النواب.

مواضيع ذات صلة

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…

من يُنسّق مع باسيل بعد وفيق صفا؟

بات من السهولة رصد تراكم نقاط التباعد والفرقة بين التيّار الوطني الحرّ والحزب. حتّى محطة otv المحسوبة على التيّار أصبحت منصّة مفتوحة لأكثر خصوم الحزب شراسة الذين…