كشف رئيس “المركز اللبناني للمعلومات” في واشنطن الدكتور جوزيف جبيلي*، في حوار خاصّ مع “أساس”، خلال زيارة إلى لبنان، عن استمرار وجود “قرار أميركيّ ودوليّ بمنع انهيار لبنان الشامل، وبدعم الجيش اللبناني لضمان الاستقرار وضبط الحدود وحماية الانتظام العام، من دون دعم السلطة القائمة، فيما يتراجع اهتمام الإدارة الأميركية بملفّ ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلّة”، مؤكّداً أنّ “العقوبات في إطار قوانين مكافحة الفساد ستتواصل في لبنان والعالم”.
الدكتور جبيلي، الذي يرأَس منظمة غير ربحية من الأميركيين المتحدّرين من أصل لبناني، ويتّخذ مركزُه من واشنطن مقرّاً، والمتخصّص بالسياسات الأميركية تجاه لبنان والشرق الأوسط، رأى أنّه “منذ بداية عام 2020، بدأت العواصم الكبرى تدرك وجود مشكلة اقتصادية واجتماعية خطيرة في البلد. ثمّ وقع تفجير مرفأ بيروت الذي سمح بالإضاءة أكثر على الواقع المتفاقم في البلد. وأخذت المساعدات الطارئة تصل للّبنانيين من خلال الأمم المتحدة بشكل أساسي، وهذا الأمر سيستمرّ”.
أضاف: “قبل مجيئي إلى لبنان، التقيتُ مسؤولين في الإدارة والكونغرس، كانت لديهم توجّهات باستمرار المساعدات، وسألوا عن طبيعة الحاجات اللبنانية في هذه الأزمة المعيشية والإنسانية التي تستوجب المعالجة. وهذه التوجّهات هي جزء من السياسات التي ستتوسّع في المرحلة المقبلة. وسيطوّر الأميركيون المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني، ووضعوا دراسة خاصّة تتعلّق بالحاجات المعيشية لجنود الجيش وضبّاطه، وكيفية مساعدتهم في التغذية والطبابة وغيرهما. ولم تكن هذه الجوانب موجودة من قبل. وهي تطوّرٌ جديد، لأنّ المساعدات الأميركية كانت تقتصر في السنوات السابقة على المساعدات العسكرية فقط”.
منذ بداية عام 2020، بدأت العواصم الكبرى تدرك وجود مشكلة اقتصادية واجتماعية خطيرة في البلد. ثمّ وقع تفجير مرفأ بيروت الذي سمح بالإضاءة أكثر على الواقع المتفاقم في البلد. وأخذت المساعدات الطارئة تصل للّبنانيين من خلال الأمم المتحدة بشكل أساسي، وهذا الأمر سيستمرّ
وأوضح جبيلي أنّ “بايدن وأركان إدارته يؤكّدون مكافحة الفساد في العالم. وهذا العنوان هو من قواعد السياسة الأميركية، وستكون لقوانين ماغنيتسكي، التي صدرت على أساسها العقوبات على يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل، مسارٌ يحمل صفة الاستمرارية والتصاعد”.
أمّا في ملفّ الحدود، الذي كان ترامب وإدارته شديديْ الاهتمام به، للتوصّل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية على أمل ترسيم الحدود البرية، في إطار إنجاز اتفاقات عربية إسرائيلية أوسع، فقال جبيلي إنّه “مع إدارة بايدن لا يوجد هذا القدر من الاهتمام بهذا الملف، وهو ما اتّضح لدينا في آخر جلساتنا مع المسؤولين في الإدارة الأميركية، حيث ينطبق على ملف الحدود ما ينطبق على الملف الفلسطيني، بمعنى أنّه إذا وجد الأميركيون النيّة والإرادة لدى الطرفين اللبناني والإسرائيلي للتفاوض الجادّ، من منطلق وجود نقاط تفاهم بينهما، فإنّ الجانب الأميركي مستعدّ للوساطة والمساعدة، لكن ليست هناك حماسة لإرسال الموفدين وممارسة الضغوط للتوصّل إلى حلول، كما كان يحصل سابقاً للضغط من أجل الوصول إلى اتفاق”، معتبراً أنّ “موضوع التفاوض الحدوديّ بين لبنان وإسرائيل تعرقل بسبب الرفض الإسرائيلي للبحث في الخط 29”.
تابع جبيلي: “في موضوع الانتخابات، يؤيّد الأميركيون إجراءها بشكل حاسم، لكنّهم ما زالوا متردّدين، أو متشكّكين في مدى التغيير الفعلي الذي من شأنه أن يحصل من خلال الانتخابات. فهم يدركون أنّ التيار الوطني الحرّ سيخسر نسبة كبيرة من مقاعده النيابية، لكن هل يمكن من خلال الانتخابات تحقيق التغيير المطلوب على مستوى الطبقة السياسية ككلّ، لتوفير أداء جديد بعيد عن الفساد للمسؤولين في الدولة”.
أمّا في ملفّ الحدود، الذي كان ترامب وإدارته شديديْ الاهتمام به، للتوصّل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية على أمل ترسيم الحدود البرية، في إطار إنجاز اتفاقات عربية إسرائيلية أوسع، فقال جبيلي إنّه “مع إدارة بايدن لا يوجد هذا القدر من الاهتمام بهذا الملف”
بالنسبة إلى المنتظر دوليّاً من الجيش مقابل المساعدات التي يتلقّاها، لفت جبيلي إلى أنّ “المجتمع الدولي لا يريد وقوع انهيار اجتماعي شامل يصل إلى حدود المجاعة، بحيث يصبح الوضع شبيهاً بحالة السوريين الذين يهربون عبر البحار لأسباب أمنيّة واقتصادية. وفي الوقت نفسه، وبالأهميّة نفسها، لا يريد وقوع اضطرابات أمنيّة على خلفية الانهيار الاقتصادي والاجتماعي. لهذا المطلوب أن تكون القوى الأمنية جاهزة وقادرة على ضبط الوضع الأمني، من دون أن يعني ذلك دعم السلطة القائمة، بل في إطار حفظ التوازن في البلد”.
إقرأ أيضاً: عن دراسة AUB: انهيار “اللبناني”… أكبر من انهيار البلد
وشدّد على أنّ “الأجندة الأميركية تركّز على مكافحة الإرهاب كواحدة من أبرز مهمّات الجيش، ومراقبة الحدود الجنوبية مع فلسطين، والحدود مع سوريا لمكافحة التهريب. أمّا البعد الثالث في المساعدات المقدّمة للجيش، فهو البعد الاستراتيجي الذي يهدف إلى تقوية الجيش مقابل نفوذ “حزب الله”، وخلق نوع من التوازن إلى أن يصل الجيش إلى مرحلة يمسك فيها بالأمن في الداخل، ويسيطر على الحدود، ولا يعود هناك مبرِّر لوجود أيّ قوى أخرى مسلّحة غير شرعية على الأرض اللبنانية”.
وختم جبيلي بالقول إنّ “رسالة النواب العشرين في الكونغرس تأتي في إطار استباق حصول الانهيار الشامل. وقد شدّدنا من خلال تواصلنا مع النواب الأميركيين على أن تشمل رسالتهم الدعوة إلى التحقيق في تفجير المرفأ والمطالبة بتحقيق خارجي لأنّ التحقيق اللبناني لا يوصل إلى أيّ نتيجة”.
*المركز اللبناني للمعلومات (LIC): تأسّس عام 1999، ومقرّه واشنطن. وهو منظمة غير ربحيّة من الأميركيين المتحدّرين من أصل لبناني، تهتمّ بقضية الحرية والسيادة والديموقراطية والتعدّديّة في لبنان.
غداً في الجزء الثاني من الحوار، يتناول الدكتور جبيلي موقف الإدارة الأميركية من الانتخابات السورية الأخيرة.