في حواره التلفزيونيّ مساء أول من أمس قدّم وليّ العهد السعودي بشكل مؤكّد أوراق اعتماده لقيادة سفينة بلاده لربع القرن المقبل.
تابعت في الرياض مثلي مثل ملايين المواطنين السعوديّين هذا الحوار، الذي أجراه الزميل عبدالله المديفي لقناة روتانا خليجية، والذي تركّز معظمه حول رؤية وليّ العهد السعودي لبلاده حتى عام 2030.
2030 هي مشروع الرجل الطموح لإحداث نقلة نوعيّة غير مسبوقة للاقتصاد السعودي من وضعية مجتمع يعيش على عائدات النفط إلى مجتمع عصريّ متطوّر له مداخيل توفّر مستوى عالياً من جودة الحياة بشكل يتواكب مع قواعد وأساسيات الاقتصادات المتقدّمة.
رؤية 2030 لا تتعامل فقط مع الأرقام الصمّاء، لكنّها تركّز على تطوير كفاءة وأداء ووعي الإنسان السعودي المستهدف بعملية الإصلاح الشامل.
حتّى عام 2015 كان الاقتصاد السعودي اقتصاداً حكوميّاً، يعتمد على الرجال، مصدره الرئيس هو النفط، منغلق على الاستثمارات الداخلية، يعاني من ضعف كفاءة الجهاز الحكومي.
2030 هي مشروع الرجل الطموح لإحداث نقلة نوعية غير مسبوقة للاقتصاد السعودي من وضعية مجتمع يعيش على عائدات النفط الى مجتمع عصري متطوّر له مداخيل بمستوى جودة الحياة بشكل يتواكب مع قواعد وأساسيات الاقتصادات المتقدمة
كانت أزمة الاقتصاد السعودي وقتئذٍ أنّه مثل قطار يعمل بقاطرة وحيدة ليست له محطة نهائية واضحة المعالم.
كانت أزمة التنمية في السعودية هي أنّ الاقتصاد “ريعيّ” يقوم على مدخول النفط، ويتجاهل مقوّمات كثيرة مثل السياحة والاستثمار الأجنبي والصناعة الوطنية ومشاركة الدولة للقطاع الخاص.
باختصار، مشروع 2030 هو حلّ سعودي متطوّر لمواجهة تعداد سكان البلاد المتزايد بشكل مطّرد مع هبوط مستوى الحياة حينما لا تستطيع الإيرادات النفطية وحدها تلبية احتياجات الحياة في ظل ضعف فرص العمل وانتشار البطالة وهبوط مستوى جودة الحياة.
في حواره التلفزيوني ظهر وليّ العهد السعودي ملمّاً بكفاءة وبراعة بملفّات مشروع 2030 المتعدّدة.
أظهر هذا الحوار مرّة أخرى أنّ الرجل هو مهندس مشروع الإصلاح السعودي بكلّ جدارة، يدرك كلّ تفاصيله، يعرف بدقّة جدوله الزمني، ويفهم تماماً تحدّياته وأهدافه.
كلام محمد بن سلمان، ليس فيه مجاملات، ولا دعوة برّاقة، ولا أرقام خيالية لا يمكن تحقيقها، بل إنّه في كل ملفّ كان يستشهد بكون أداء اقتصاد بلاده حقّق معدّلات حقيقية تفوّقت على جدولها الزمنيّ المحدّد.
كانت أزمة الاقتصاد السعودي وقتها انه مثل قطار يعمل بقاطرة وحيدة ليست له محطة نهائية واضحة المعالم
من هذا الحوار المهمّ يمكن فهم مجموعة صفات جوهرية يمكن أن توضح لنا كيف يعمل وكيف يفكّر:
1- محمد بن سلمان بعيد تماماً عن أن يكون مؤدلجاً، أي يعيش حبيساً لمجموعة أفكار مسبقة تجعله أسيراً لها.
باختصار الرجل يؤمن أوّلاً وأخيراً بلغة “المصالح”، بمعنى أين تكمن مصلحة مشروع الإصلاح السعودي، ومن هنا فقط يعمل ويتحرّك.
2- يتّضح أيضاً أنّ العنصر البشريّ في فريق العمل لديه هو مسألة جوهريّة، أي أنّه يبحث عن فريق يمتلك كفاءة وإخلاصاً وشغفاً غير محدود في تولّي المناصب العامة.
والرجل لا يعرف المجاملات، ولا يقبل الخطأ، ولا يقبل تكراره، وليس عنده “عواطف” شخصية تجاه من يقصّر أو يخطئ أو يفسد.
3- في ردوده حول إيران وحول الحوثيّين، تجد لدى وليّ العهد السعودي “مرونة”، وأيضاً عناصر قوة.
إقرأ أيضاً: مستقبل السعودية مع محمد بن سلمان (2)
باختصار الرجل على استعداد لتسوية في اليمن ومع إيران شرط أن يتّسق ذلك مع المصلحة العليا لبلاده من موقع القوّة من دون أيّ تفريط وتساهل.
الأجواء هنا في الرياض، كما تلمسها في المجالس الخاصة ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، تعكس حالة من الاطمئنان والراحة إلى أن سفينة البلاد في يد أمينة قادرة على قيادتها في منطقة ممتلئة بالعواصف.
ذلك كلّه يفتح نافذة ضوء كبيرة لحاضر السعودية ومستقبلها.
السؤال: كيف؟
الإجابة غداً بإذن الله.