100 يوم بايدن: دعوات للاستثمار ببناء الجيش اللبنانيّ

مدة القراءة 4 د

“لماذا لا نبدأ في لبنان باستثمارات ضخمة لإعادة بناء جيش لبناني قويّ يمكن أن يقلّل أخيراً من قوة حزب الله؟”، سؤال ورد في “واشنطن بوست”، أطلقه دبلوماسيون أميركيون يواكبون الرئيس بايدن، في ضوء تقويم الأيام المئة الأولى من ولايته. فهم لمسوا من الرئيس الأميركي إرادةً لا لبس فيها في دعم الجيش اللبناني. وتُبنى هذه الآمال على تشكيل حكومة لبنانية جديدة، تصرّ عليها الولايات المتحدة، للبدء في معالجة فساد راكمه الحزب وحلفاؤه. الأهمّ هو تمسّك واشنطن بتمكين الجيش اللبناني من خلال التمويل الأميركي له وإمداده بالتدريبات، لكي يتمكّن لبنان من استعادة سيادته تدريجيّاً.

إلى ذلك، يقول دبلوماسيون معنيّون إنّ إدارة بايدن ستتريّث في العودة إلى سياسة فرض العقوبات على حزب الله، من دون أن تغيّر واشنطن موقفها المبدئي من إرهابيّة الحزب. ونضج هذا الموقف، في أعقاب زيارة ديفيد هايل للبنان، ومحاولته فهم المعطيات المالية، وتحديد الموقف الأميركي بقبول مشاركة حزب الله في الحكومة لتجنّب الأسوأ. فالعقدة الأميركية الكبرى في الشرق الأوسط هي إيران وسلاحها النووي، وأمّا لبنان فهو ملحق بها. في المقابل، يظهر بصيص أمل في تمسّك إدارة بايدن بالموقف الإيجابي من مؤسسة الجيش، واستمرار دعم هذه المؤسسة لأنّها صمام الاستقرار الوحيد الباقي في البلاد، وهذا ما شدّد عليه قائد المنطقة المركزية الجنرال ماكنزي خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون. 

يقول دبلوماسيون معنيّون إنّ إدارة بايدن ستتريّث في العودة إلى سياسة فرض العقوبات على حزب الله، من دون أن تغيّر واشنطن موقفها المبدئي من إرهابيّة الحزب. ونضج هذا الموقف، في أعقاب زيارة ديفيد هايل للبنان

 

وإذ توحي إدارة بايدن بتعاطٍ حذر في ملف لبنان، ومحاولتها إعطاء نفسها الوقت لتعلن موقفاً فارقاً بخصوص حزب الله، يبدو أنّ آراء أميركية غير راضية جداً عن أداء بايدن في السياسة الخارجية، تَسِمُ الأيام المئة الأولى من إدارته بـ”عدم الفعل أكثر من الفعل”، وبأنّ الرئيس الجديد الذي ركّز برنامجه على “إصلاح الفوضى التي ورثها عن ترامب”، لم يقُم بعد ببناء استراتيجية بديلة.

ويعلّق المحلّل السياسي الأميركي “دافيد إغناتيوس” في مقاله في واشنطن بوست، على “تقرير من 27 صفحة من الأخبار السيئة، حيث يتصوّر أعداؤنا أميركا ضعيفة ويضغطون للاستفادة منها”.

وفي ملخّص موقف الخصوم، ترى الصين “تحوّلاً جيوسياسيّاً تاريخياً” بعيداً عن الولايات المتحدة، وتستعدّ لخوض حروب في الفضاء والبحر والبرّ. وروسيا، كما جرت العادة، تستمدّ قوّتها من “الأسلحة الجديدة التي تشكل تهديدات متزايدة”. أمّا إيران فـ”ستخوض في مخاطر قد تؤدّي إلى تصعيد التوترات” في الشرق الأوسط. وستشكّل كوريا الشمالية “تهديداً بأسلحة الدمار الشامل في المستقبل المنظور”.

ويمكن تعليل حذر بايدن بـ”مهمّات إصلاحية”، ينبع استنتاجها من “التراجع عن المواقف الأميركية الضعيفة، كما حدث في أفغانستان، وتقوية التعاون الأمني مع اليابان والهند”، كأنّ الرئيس الجديد يسعى إلى ترميم الشراكات الدولية، التي دمّرتها إدارة ترامب، من الناتو إلى اتّفاق باريس للمناخ.

ويوصي الكاتبُ بايدن بتطبيق “استراتيجية أوضح لإبراز قوّته”، من غير أن يعني ذلك بدء “حروب لا نهاية لها” جديدة، على غرار سلفه ترامب، ولكن العمل بشكل أفضل مع البلدان التي ترغب في القتال من أجل نفسها.

إقرأ أيضاً: بايدن يبحث عن أميركي مفقود في سوريا

واللافت في تراجع أميركا خارجيّاً، سعي بايدن لسحب الـ2500 جندي أميركي الباقين في أفغانستان، وترك البلاد تحت سطوة طالبان. ويبدو أنّ رهان أميركا في الشأن الأفغاني يستند إلى قدرتها على “إحداث تغيير في شعب بأكمله”، حيث انتقل معدل التعليم من 10% إلى 50%، وأصبح 80% من الأفغان يشاهدون التلفاز، و50% منهم حضريّون. وقد تنجح الإدارة الأميركية، حسب التحليلات، في حضّ طالبان على تقديم تنازلات من خلال قوى أخرى ناعمة، كالماء والتدريبات والتدخّل التنموي.

التحدّي الأبرز أمام بايدن يأتيه من إيران التي تستشرس في سبيل مصلحتها. لقد سارع بايدن في أوّل 100 يوم من ولايته في العودة إلى الاتفاق النووي، الذي تخلّى عنه ترامب. العودة إلى الاتفاق منطقيةٌ، لكنّها لا تحتكم إلى القرار الإيراني، بل إلى ما يمكن إنقاذه من مصالح أميركية. المرحلة المقبلة تمتلئ بالتهديدات الخارجية، وترتّب على بايدن التفكير بيقظة في السيناريو الإيراني. ففي كل صيغها المحتملة، تبدو خطط إيران المقبلة بالغة في العدائية.

 

مواضيع ذات صلة

الرّيبة المتبادلة مع روسيا وسوريا أخّرت ردّ إيران؟

بعض الحسابات الإيرانية في التمهّل بالردّ على اغتيال إسماعيل هنية تتعلّق بوقائع العلاقة المعقّدة الإيرانية الروسية السورية. وهذا الأمر ينطبق على ردّ الحزب على اغتيال…

عبد العزيز خوجة يبوح بشوقه للبنان

مرّة جديدة يبوح وزير الاعلام السعودي السابق، سفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان سابقاً، الأديب الشاعر الدكتور عبد العزيز محيي الدين خوجة بعشقه وشوقه للبنان…

“أساس” لـ”القوات”: نفيُكم.. في معرض التأكيد

يمكن وصف بيان الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، الصادر أمس ردّاً على مقال الزميلة غوى حلال في موقع “أساس”، بأنّه “نفيٌ في معرض التأكيد”….

“أساس” يردّ على بيان ميقاتي: الخطأ لا يُبرَّر بالإمعان بالخطأ

قرأنا بتمعّن البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ردّاً على ما أثاره موقع “أساس” بشأن صدور المرسوم رقم 10850 الرامي…