كورونا: هل بات لبنان على مشارف المناعة المجتمعيّة؟

مدة القراءة 5 د

“غالبية أرقام الكورونا إلى تحسّن”، هي البشرى التي نقلها إلى اللبنانيّين مدير مستشفى رفيق الحريري الدكتور فراس الأبيض في سلسلة تغريدات على تويتر قبل يومين.

كلام الأبيض استند إلى بيانات تنشرها وزارة الصحة. وفي مراجعة سريعة للأرقام التي صدرت خلال شهريْ آذار ونيسان، نلحظ أنّ عدد الإصابات شهد في نيسان تراجعاً ملحوظاً، إذ انخفض في 19 الجاري إلى 985 إصابة.

وعلى الرغم من أنّ هذا العدد لم يكن ثابتاً في الأيّام التي سبقته أو تلته، لم نشهد هذا المنحى البيانيّ المتفاوت طوال شهر آذار، خصوصاً أنّ الإصابات لم تتراجع خلال الشهر الفائت عن عتبة الألفيْ إصابة.

أمّا عدد الوفيات فاستقرّ تقريباً منذ بداية شهر نيسان عند 30 يومياً، في وقت كانت أعداد الوفيات تسجّل في معظم شهر آذار أكثر من 50 يومياً، وتخطّت في بعض الأيام سقف 70.

يمكن القول إذاً إنّ عدد الوفيات تراجع إلى النصف تقريباً، والإصابات بدأت تتراجع على نحو متفاوت، إلى أقلّ من النصف، مع تراجع الضغط على القطاع الاستشفائي، وفق ما أكّد الأبيض أيضاً في تغريدة نشرها في 16 نيسان.

“غالبية أرقام الكورونا إلى تحسّن”، هي البشرى التي نقلها إلى اللبنانيّين مدير مستشفى رفيق الحريري الدكتور فراس الأبيض في سلسلة تغريدات على تويتر قبل يومين

لكن ما سبب هذا التراجع؟

لا تفسير منطقياً وفق الأبيض، الذي انتقد عدم وضع تفاصيل هذه البيانات بين أيدي الباحثين لإجراء الدراسات عليها. وهو غمز الأبيض من قناة “المناعة”، موضّحاً أنّ “الدراسات المحليّة أشارت إلى أنّ حوالى 40% من السكان قد أصيبوا بالعدوى، ويمكننا رفع هذه النسبة إلى 45% في حال أضفنا من تلقّوا اللقاح”، لكنّه أكّد أنّ “نسبة الالتزام والوقاية في المجتمع اللبناني ضئيلة جداً”.

غير أنّ هذه النسبة لا تعني الوصول إلى مناعة القطيع، وفق الأبيض، وهذا ما أكّد عليه أيضاً رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، الذي اعتبر أنّ المناعة المجتمعية يجب أن تكون 80%.

لكن هل بات لبنان على مشارف المناعة المجتمعيّة؟

لم ينفِ الدكتور زاهي الحلو، الرئيس السابق لـ”الجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية”، أهمّية تراجع أعداد الإصابات والوفيات، موضحاً في حديث لـ”أساس” أنّ “الوضع بدأ بالتحسّن، وتوجد أسرّة فارغة في المستشفيات”.

ولفت إلى أنّ “اللقاح ربما أدّى دوراً في هذه النتيجة. ولبنان سجّل أكثر من نصف مليون إصابة بفيروس كورونا، والنسبة الحقيقية للمصابين الذين تعافوا تتخطّى تلك المعلنة، إذ أنّ العديد ممّن أُصيبوا وتماثلوا للشفاء لم يخضعوا لفحص ولم يسجّلوا بياناتهم. هذه الإيجابية لا تعني أن ننسى أنّ الفيروس ما زال موجوداً، فلا نزال نحتاج إلى بعض الوقت كي نصل إلى المناعة المجتمعية”.

وتوقّف الحلو عند أمر إيجابيّ آخر، وهو تسريع وتيرة التلقيح، ووصول لقاحات جديدة، مثل أسترازينيكا واللقاح الصيني وغيرهما، إلى لبنان، مشيراً إلى أنّه “يجب ألا نتردّد في أخذ اللقاح، وألا نخشاه بعد الحديث عن تسجيل أوّل حالة تجلّط، فالفيروس أسوأ بكثير من أيّ لقاح، ويؤدّي إلى جلطات أكثر من أيّ لقاح”.

ختاماً، خلص الحلو إلى أنّ “عام 2022 هو عام الانفراج على صعيد فيروس كورونا”، رابطاً هذه النتيجة باستمرار وتيرة اللقاح على ما هي عليه.

لم ينفِ الدكتور زاهي الحلو، الرئيس السابق لـ”الجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية”، أهمّية تراجع أعداد الإصابات والوفيات، موضحاً في حديث لـ”أساس” أنّ “الوضع بدأ بالتحسّن، وتوجد أسرّة فارغة في المستشفيات”

الدكتور محمد حجيج

“من المبكر الحديث عن المناعة المجتمعية”، بهذه العبارة يبدأ طبيب الأمراض الجرثوميّة الدكتور محمد حجيج حديثه لـ”أساس”، ويشرح أنّ “العدد المعلن من الإصابات أقلّ من العدد الحقيقي، فالكثير من الأشخاص لا يجرون الفحص”.

ويلفت حجيج إلى أنّه “على الرغم من عدم الالتزام، البلد مش مفتوح، فنحن لا نزال تحت ضغوط اللوك داون، وإذا نظرنا إلى العالم من حولنا سنجد تزايداً في عدد الإصابات والوفيات. وقد ظهرت سلالات جديدة كالتي ظهرت في الهند مثلاً”.

وفيما توقّع حجيج أن نشهد ارتفاعاً في أعداد الإصابات بعد انتهاء شهر رمضان والاختلاط خلال العيد، لفت إلى أنّ الصيف سيقلّل من عدد الإصابات: “صحيح أنّ الحرارة لا تؤثّر على فيروس كورونا، لكنّ النشاطات الخارجية قد تؤدي إلى تراجع الإصابات. ويبقى من المبكر الاحتفال والحديث عن المناعة المجتمعية. فقد ظهرت سلالات جديدة من الفيروس، والعديد من الأشخاص يصابون به مرّة ثانية”.

إقرأ أيضاً: أخذ أكثر من لقاح: موضة كورونا الجديدة حول العالم

ووفق حجيج، “ستتّجه الشركات المنتجة للّقاحات حتماً إلى جرعة ثالثة معدّلة في موسم الخريف (شهر أيلول)، أي ما يعرف بالجيل الثاني من اللقاحات، بهدف تعزيز المناعة ومكافحة السلالات الجديدة، سواء البريطانية أو البرازيلية أو الجنوب أفريقية”، موضّحاً أنّه “إذا لم تظهر مفاجآت، فالعالم في 2022 سيشهد خلاصاً نسبيّاً من جائحة كورونا”.

إذاً المناعة المجتمعية ما تزالت بعيدة، واللقاحات تستعدّ لجيلها الثاني، والآمال معقودةٌ على عام 2022، لكنّ الأكيد أنّ لبنان خرج من دائرة الخطر الشديد، ويتّجه إلى دائرة الأمان.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…