لا شك أن “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ” قد دخلا في سباق على الساحة المسيحية. فبعد حرب البيانات منذ أيام التي اعادت الفريقان إلى زمن الاقتتال المسيحي، شكّل تعديل المرسوم 6433 محطة أخرى في سياق الاشتباك بينهما.
على لسان قيادييه، فإنّ “التيار” يتّهم “القوات” بأنّها تواجه التيار إما بتقليد مواقفه ومحاكاتها، أو باتّخاذ مواقف متناقضة تماماً معها، أو بألا تفعل شيئا. ويستدلّ هؤلاء الملفين الأخيرين في حديث لـ”أساس”:
1 – في معركة التدقيق الجنائي اتخذت القوات موقف التيار نفسه مطالبة بإجراء التدقيق.
2 – في قضية تعديل مرسوم توسيع الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة زايدت القوات على التيار الوطني الحرّ مُطالبة رئيس الجمهورية بالتوقيع في حال رفض رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب عقد جلسة حكومية وفي الموضوع الحكومي قررت أن لا تفعل شيئا.
على المقلب القواتي يبدو المشهد مختلفا. إذ تشير مصادر قواتية لـ”أساس” إلى أنّ “السيادة لا تتجزأ. ولا يمكن لحزب أن يكون سيادياً في الشمال ولا يكون سيادياً في الجنوب وبالتالي فإنّ جوهر القضية وطني بامتياز والقوات تحرص على السيادة من الشمال إلى الجنوب”.
ما خلف المواقف المعلنة حسابات سياسية للطرفين. موقف رئيس الجمهورية يقرأ فيه العارفون في كواليس السياسة استدراجاً لمفاوضات مع الأميركيين. فتيار عون وباسيل المُحاصر من كل جهة، والمُقاطع دولياً، تراه في حاجة إلى ورقة تفاوضية قوية لاستدراج العروض.
على المقلب القواتي يبدو المشهد مختلفا. إذ تشير مصادر قواتية لـ”أساس” إلى أنّ “السيادة لا تتجزأ
رئيس التيار الوطني محاصر أميركياً في العقوبات ومهدّد بالحصار أوروبياً حتّى تبدو له قبرص بعيدة هذه الأيام. في المقابل وبينما ينبت العشب على درج بعبدا، ما لم يدعُ رئيس الجمهورية السفراء لزيارته في دعوات أشبه بالاستدعاء، تراءت لمّاعة ورقةُ التفاوض على توسيع أو عدم توسيع الحدود البحرية. وبدت ورقةً مهمةً يستطيع فريق عون استخدامها للضغط، عسى أنّ يؤمّن الرئيس لنفسه مساحة من الراحة.
في المقابل، تبدو “القوات” عالمة بكواليس محنة العونيين فذهبت إلى المزايدة عليهم في خطوة ينتظر اللبنانيون من حليف حزب الله أن يكون متقدماً على الجميع فيها. وفي خطوة محيّرة وغير شعبية ذهبت إلى المزايدة حتّى على حزب الله الذي لم يصدر عنه أي موقف بعد مطالبة بحسم القضية وعدم التخلّي عن أي شبر من الأراضي والثروات اللبنانية. وإن استدعى ذلك مواجهة الأميركيين، الراعي الرسمي لسياسة “القوات” في لبنان.
تدّعي “القوات” أنّها جاهزة لاتّخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب. وستستخدم قيادتها موقفها هذا حتماً في الاستحقاقات اللبنانية المقبلة باعتبارها مبدئية.
في المقابل، تبدو “القوات” عالمة بكواليس محنة العونيين فذهبت إلى المزايدة عليهم في خطوة ينتظر اللبنانيون من حليف حزب الله أن يكون متقدماً على الجميع فيها
في الوقت نفسه يبدو “التيار” محرجاً من عدم توقيع “الرئيس القوي” على المرسوم متذرّعاً بضرورة مرور المرسوم في معمودية الحكومة المستقيلة. فبعد حملات الجيش الإلكتروني العوني على وزير الأشغال ميشال نجار ومرجعيته السياسية متّهمين إيّاه بالتخاذل الوطني، ها هم يبحثون عن مبرّرات دستورية بحجة ضرورة الحصول على “الإجماع الوطني”.
إقرأ أيضاً: حكاية تعديل المرسوم 6433: هكذا اخترعه عون.. ليرفض توقيعه
يقول قياديو “التيار الوطني الحرّ” إنّه في حال امتنع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عن دعوة الحكومة إلى الاجتماع لمناقشة تعديل المرسوم، سيكون لرئيس الجمهورية موقف حاسم من القضية.
كيف ذلك؟
ديفيد هايل حدّد السقف الجديد.
الاستعانة بخبراء دوليين بدل مسرحية تقاذف “التواقيع” والمسؤولية بين بعبدا والسرايا الكبير.
المشهد باختصار أنّ الحليف المسيحي لحزب الله، مُحاصر أميركياً ويبحث عن طوق نجاة؟ لننتظر ونرَ… لكن في هذا الوقت، فإنّ سمير جعجع يزايد على عون: وقّع.. وادفع الثمن.