“ما قاله البطريرك بشارة الراعي في عظته يوم الأحد الفائت لا يحتمل اجتهادات”، بهذه العبارة الحاسمة علّق الوزير السابق سجعان قزّي لـ”أساس” على الضجّة التي أثارها تصريح البطريرك بأنّ تشكيل الحكومة أولوية تتقدّم على إجراء التدقيق الجنائي.
وأضاف الوزير قزّي في حديث لـ”أساس” أنّ “البطريرك الراعي يؤيّد التدقيق الجنائي، لكنّه يريد تشكيل حكومة تكون موجودة كي تتابع التدقيق. إذ لا يجوز أن تجري هذه العملية في غياب السلطة التنفيذية المجسّدة في مجلس الوزراء”.
وسأل: “أين الغريب في هذا الكلام؟”، وتابع: “منذ اليوم الأول أعلن البطريرك أنّ أيّ محاسبة أو مقاضاة، من خلال القضاء اللبناني، أو من خلال التدقيق الجنائي الدولي، يجب أن تجري بشفافية، وأن تشمل كلّ مؤسسات الدولة، وألا تقتصر على بعض المؤسسات”.
وأضاف: “البطريرك لم يغيّر موقفه. مضى 10 سنوات على غبطة البطريرك وهو يطالب بمكافحة الفساد، ونزاهة القضاء، والحوكمة الرشيدة، واستقلالية الإدارة عن السياسة، والإصلاح، وذلك قبل أن يطالب المسؤولون بمكافحة الفساد”.
منذ اليوم الأول أعلن البطريرك أنّ أيّ محاسبة أو مقاضاة، من خلال القضاء اللبناني، أو من خلال التدقيق الجنائي الدولي، يجب أن تجري بشفافية، وأن تشمل كلّ مؤسسات الدولة، وألا تقتصر على بعض المؤسسات لأسباب كيدية وسياسية
وعن تدرّج موقف البطريرك الراعي بداية من رفضه الثلث المعطِّل في الحكومة، فمطالبته بالحياد، وصولاً إلى التدقيق الجنائي، أشار قزّي إلى “وجوب عدم خلط الأمور بعضها ببعض، فالثلث المعطِّل مرتبط بالحكومة، لكنّ الحياد غير مرتبط بالحكومة، بل بالنظام اللبناني. والبطريرك الراعي يطالب بإعلان حياد لبنان لا النأي بالنفس، عبر البرلمان اللبناني أو الأمم المتحدة أو الجامعة العربية”.
وأشار قزّي إلى أنّ ما يطرحه البطريرك الراعي نهائيّ ولا تراجع عنه: “لم يتغيّر ولن يتغيّر موقف البطريرك الراعي من الحكومة ولا من الحياد. فهو يعتبر أنّ الحياد طريق أساسيّ لإنقاذ لبنان. ويرى وجوب ألّا يكون في الحكومة ثلث معطِّل كي لا يهيمن فريق على آخر. نحتاج إلى حكومة وطنية تضمّ اختصاصيين غير حزبيين ولديهم الكفاية والقدرة على إنقاذ البلد من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية وإجراء الإصلاحات. ويجب أن يكون تشكيل هذه الحكومة وفق الدستور والميثاق. وهذا ما قاله البطريرك الراعي في عظته يوم الأحد الفائت، وهو لا يحتمل أيّ اجتهادات”.
إقرأ أيضاً: الراعي يصعّد لـ”التدويل”… الحزب هو الرافض الوحيد
وعدّد قزّي “ثلاثة مطالب أساسية يشدّد عليها البطريرك. ويمكن أن نضيف إليها مطلباً رابعاً، وهو طلب استطرادي. فهذه الحكومة، إضافة إلى أنها تحتاج إلى نيل ثقة المجلس النيابي كي تكون حكومة شرعية، تحتاج أيضاً إلى ثقة المجتمعين العربي والدولي لتكون فاعلة وقادرة على استقطاب المساعدات من أجل إيقاف الانهيار المالي والاقتصادي الحاصل”.
وختم قزّي: “إذا لم تُشكّل الحكومة فنحن ذاهبون إلى وضع أسوأ من الوضع الحالي. وكلّما ساء الوضع الاقتصادي بسبب الوضع السياسي، ارتفع أكثر احتمال وقوع أحداث أمنية. وهذا ما أخشاه”.