كلُّ “حَبَلٍ” في فيينّا، ستكون ولادته في بيروت.
فكلّ شيء عالق في لبنان بانتظار ما سينتج عن محادثات فيينا النّوويّة، التي ستنعقد جلستها الثّانية اليوم الجمعة. فالانفراج في المحادثات يعني انفراجاً في كلّ ما يتعلّق بها إيرانيّاً، وتأجيلها له انعكاساته السلبية، وربما يؤدّي إلى انفجارات في منطقتنا، وتحديداً في لبنان.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن انتدبت “صديق طهران”، المبعوث الخاص إلى إيران روبرت مالي، لخوض غمار المحادثات مع الإيرانيّين في “ليالي الأنس”، ضمن مبادرة تدلّ على أكثر من “حُسنِ نيّة” من الإدارة الجديدة تجاه النّظام الإيراني. بدورها طهران المُقبلة على انتخابات رئاسيّة خلال أسابيع ليست على عجلة من أمرها. لكن في المُقابل لن تُمانع الوصول إلى نتيجة تُعلِن فيها “الانتصار بعد صبر القيادة والشّعب الإيرانيّين”، بحسب ما يصف المسؤولون الإيرانيّون.
كلّ شيء عالق في لبنان بانتظار ما سينتج عن محادثات فيينا النّوويّة، التي ستنعقد جلستها الثّانية اليوم الجمعة
جولة الثلاثاء الماضي التفاوضيّة أفضت إلى نتيجة لم يتوقّعها أحد، إذ صرّح مصدر مسؤول في الخارجيّة الأميركيّة لـ”أساس”، بأنّ المحادثات بين إيران وبين مجموعة الـ(4+1)، التي كانت تُعرَف بمجموعة الـ(5+1) قبل انسحاب الولايات المتّحدة من الاتّفاق النّووي بقرار من الرّئيس الأسبق دونالد ترامب، جاءت مُفاجئة وغير مُتوقّعة بسبب ما وصفه بـ”الإيجابيّة الإيرانيّة”، خلافاً للتّصلّب الذي طغى على كلام المُرشد علي خامنئي وبعض المسؤولين الإيرانيين سابقاً.
واعتبر المصدر أنّ هذه الإيجابيّة، التي أظهرها الإيرانيّون، قد تعكس سباقاً بين التّيّار الإصلاحيّ وموعد الانتخابات الرّئاسيّة المُقبلة، التي من المُرجّح أن تُقصي الإصلاحيّين من السّلطة إقصاءً تامّاً بعد خسارتهم المُدوّية في الانتخابات البرلمانيّة. وفي المُقابل، تعكسُ هذه الإيجابية كلامَ الرّئيس الإيراني حسن روحاني، الذي اعتبر أنّ اجتماع فيينا فصل جديد للاتفاق وأنّ التوصّل إلى توافق ممكن.
المحادثات بين إيران وبين مجموعة الـ(4+1)، التي كانت تُعرَف بمجموعة الـ(5+1) قبل انسحاب الولايات المتّحدة من الاتّفاق النّووي بقرار من الرّئيس الأسبق دونالد ترامب
بكلامٍ آخر، يسعى الإصلاحيّون للحصول على رفعٍ جزئيّ للعقوبات الأميركيّة قد يكون رافعة انتخابيّة لهم بعد سلسلة انتكاسات داخليّة. وبحسب المعلومات التي حصل عليها “أساس”، تدرس الولايات المُتّحدة جدّيّاً رفع بعض العقوبات غير المُرتبطة بالأنشطة النّوويّة، وقد أبلغت الإيرانيّين احتمال قيام إدارة بايدن بذلك.
لم تلقَ الإيجابيّة في فيينا الأصداء المطلوبة خارج أسوارها. إذ تنظر إسرائيل بريبة وقلق لأيّ تفاهم أميركي – إيراني لا يلحظ كلّ أنشطة إيران النوويّة وغير النّوويّة، فكانت الرّسالة من مياه البحر الأحمر عبر لغم بحريّ انفجر بسفينة تُعدّ قاعدة عسكريّة عائمة للحرس الثّوري الإيراني، ويُرجّح بعض الخبراء أن تكون من تنفيذ فرقة كوماندوس بحريّ إسرائيليّة.
إقرأ أيضاً: أميركا: الحزبان يتّفقان على التشدّد مع إيران.. ونتنياهو يسنّ سلاحه
“حرب البحار الصّامتة” بين طهران وتل أبيب أخذت تتوسّع خارج حدود مسرحها الأساسي في مياه الخليج العربيّ. ويخشى مراقبون من إقدام نتنياهو على عملٍ يهدف إلى خلط الأوراق في اللحظات الأخيرة. إذ إنّ الرّجل المأزوم داخليّاً بنتائج الانتخابات، وعدم قدرته على تشكيل حكومة، وقضايا الفساد التي تُلاحقه. لذا قد يلجأ إلى التّصرّف، ولو مُنفرداً. وهو كان قد أعلن ذلك صراحةً أكثر من مرّة، ولجأ إلى افتعال حربٍ مع أحد وكلاء إيران لمحاولة جرّ الأخيرة، ومعها الولايات المُتحدة، إلى مواجهة تُسفِر عن إحباط المساعي النّوويّة.
في المحصّلة، لا ينبغي حسم أيّ “إيجابيّة” قد تصدر عن محادثات فيينا في جلستها اليوم مع وجود رفضٍ إسرائيلي وعربيّ لإبرام أيّ اتّفاق مع طهران يُشبه اتفاق 2015، الذي أطلق يدها في المنطقة ومدّها بمليارات الدّولارات التي أنفقتها على أذرعها من الخليج إلى البحر المُتوسّط. فهل تمرّ محادثات فيينا بسلام، أم ينسفها نتنياهو؟