فتّش عن الروس. في مسألة النفط اللبناني شمالاً، هناك رائحة روسية تنتشر.
فصمت لبنان الرسمي يساهم في تشديد الحصار البحريّ على حقوقنا النفطية في مياهنا الإقليمية، روسيا تسعى جاهدة لنيل حصّة وازنة لشركاتها في البلوكات اللبنانيّة. وبحسب مصادر مُطّلعة لـ”أساس”، اتُّخِذ القرار السّوري بإيعازٍ من موسكو لكي تحصل شركات روسيّة على حقّ التنقيب عن النّفط والغاز في البلوكات الشّماليّة للبنان.
فقد وقّعت وزارة النّفط في حكومة النّظام السّوري عقداً مع شركة “كابيتال” الروسية للتنقيب عن النّفط والغاز في “البلوك” رقم “1” بالمنطقة الاقتصادية الخالصة لسوريا في البحر المتوسط مقابل ساحل محافظة طرطوس حتى الحدود البحرية مع لبنان، والذي تبلغ مساحته 2250 كلم مربعاً.
يُعتبَر القرار السّوري انتهاكاً واضحاً للمياه الإقليميّة اللبنانيّة، إذ يتداخل البلوك السّوري مع المياه اللبنانيّة بمنطقة تُقارب الـ750 كلم مربعاً. وعلى الرُغم من هذا التّداخل والقرار السّوري، يبقى الصّمت سيّد الموقف لدى لبنان الرّسمي الذي لم يحرّك ساكناً اعتراضاً على الخطوة السّوريّة التي لا تقلّ شأناً عن الخطوات المُتخذة إسرائيليّاً في مياهنا الجنوبيّة.
وضع النّظامُ السّوريّ لبنانَ أمام خيارات أحلاها مُرّ، فهو يسعى إلى جرّ لبنان إلى التفاوض الرّسمي معه. وبحسب معلومات مطلّعين على ملف العلاقات بين البلدين كانت دِمشق قد أرسلت عبر الجانب الرّوسي في فترات سابقة مُطالبات بالتفاوض المُباشر أو عبر وساطة موسكو حصراً. ويبدو أنّ غياب الحماسة اللبنانية لهذا العرض قد يكون أحد الأسباب التي دفعت السّوريّين إلى اتّخاذ هذه الخطوة علّها تدفع لبنان إلى طاولة التفاوض معهم.
يُعتبَر القرار السّوري انتهاكاً واضحاً للمياه الإقليميّة اللبنانيّة، إذ يتداخل البلوك السّوري مع المياه اللبنانيّة بمنطقة تُقارب الـ750 كلم مربعاً
قالت المصادر نفسها إنّ الخطوة السّوريّة تضع لبنان أمام سيناريو اللجوء إلى موسكو لترسيم الحدود مع سوريا التي لم توقّع على معاهدة قانون البحار، مثلها في ذلك مثل إسرائيل. وإذا لم يلجأ لبنان إلى ترسيم الحدود، فقد يكون الحلّ الرّوسي في أن تُنقِّب شركات روسيّة في البلوكات اللبنانيّة والسّوريّة المُتداخلة بين البلدين، وتودَع عائدات الغاز الطبيعي الكامن في المياه المُتداخلة في حسابٍ مُشترَك بين لبنان وسوريا.
وتُشير المعلومات إلى أنّ الجانب السّوري ممتعضٌ من ترسيم لبنان حدودَه مع قبرص. وقد اشتكى عام 2014 على لبنان على خلفيّة ترسيم حدوده عام 2011. وهذه الشّكوى هي مؤشّر واضح وصريح إلى عدم قبول النّظام السّوري بالخرائط اللبنانيّة، وأيّ مفاوضات ترسيم قد تبدأ مُستقبلاً بين بيروت ودمشق لن تقلّ ضراوة عن تلك القائمة على الحدود الجنوبيّة مع إسرائيل.
إقرأ أيضاً: الكورونا يطيّر الحفر النفطي في لبنان ولا إرتفاع لأسعار النفط عالمياً
يقابل ذلك غياب أي تصريح رسميّ لبنانيّ اعتراضاً على خطوة النّظام السّوري، التي تُعدّ بحسب الخرائط اللبنانية اعتداءً واضحاً على السّيادة اللبنانيّة، إذ إنّ منطقة الـ750 كلم يرى لبنان أنّها تقع تحت سيادته، بينما الطّرف السّوري يعتبرها منطقة سوريّة. وتجدر الإشارة إلى أنّ المنطقة المذكورة كانت تشهد في السّابق توقيف صيادين لبنانيين من قبل الجانب السّوري بحجّة “اختراق المياه الإقليميّة السّوريّة”، علماً أنّ المنطقة المذكورة لبنانيّةٌ بلا أدنى شكّ. وبكلامٍ آخر، لا يُعتبر بسط النّفوذ السّوري على منطقة الـ750 كلم مربعاً انتهاكاً فحسب، بل يرقى إلى درجة احتلال المنطقة وسرقة ثرواتها الطبيعيّة.