لم ينتظر رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري كثيرًا ليردّ على ما ورد أمس في صحيفة “الأخبار”، حول استعداد رئيس الجمهورية ميشال عون للتخلّي عن الثلث المعطّل والاكتفاء بخمسة وزراء إلى جانب الوزير الأرمني، مقابل حصوله على حقيبة الداخلية… ليكون جواب “المستقبل” على “العرض المفخّخ” برأيهم، وعلى نحو مختصر، على الشكل الآتي: “أنتم الجهة المعرقِلة، فلا ترموا التهمة على بيت الوسط”.
في الواقع، يؤكّد أكثر من طرف متابع عن كثب للمشاورات الحكومية، أنّ الأجواء التي بُثّت خلال الساعات الأخيرة، لا تعكس حقيقة الواقع المسدود الذي يواجهه الملف الحكومي. وجلّ ما يحصل هو محاولة للعب في الوقت الضائع من خلال رمي كرة التعطيل من جهة إلى أخرى، مشيرين إلى أنّ التصعيد الميداني الذي تشهده المنطقة، يُثبت بما لا يقبل الشكّ بأنّ الزمن ليس زمن تسويات أبدًا.
لم ينتظر رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري كثيرًا ليردّ على ما ورد أمس في صحيفة “الأخبار”، حول استعداد رئيس الجمهورية ميشال عون للتخلّي عن الثلث المعطّل والاكتفاء بخمسة وزراء إلى جانب الوزير الأرمني، مقابل حصوله على حقيبة الداخلية
ويلفت هؤلاء إلى أنّ دخول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على الخطّ، من خلال فتح المجال أمام توسيع الحكومة نزولًا عند رغبة فريق الثامن من آذار، لا يعبّر أبدًا عن أيّ تقدّم حاصل في المجال الحكومي. إلّا أنّ الزعيم الدرزي يخشى من أيّ خربطة أمنية قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى غير المضبوطة، خصوصًا بعد مشهدية ليل الثلثاء الملتهب. ولذا بادر إلى التنازل عن ورقة حصرية التمثيل الدرزي التي كانت في جعبته، ولو أنّه يدرك أنّ تلك الخطوة ستزعج الحريري، لأنّها غير منسّقة معه، وستضع كرة التعطيل في ملعب رئيس الحكومة المكلّف. مع أنّه يعرف جيّدًا أنّ الأخير لن يتنازل عن أيٍّ من القواعد التي وضعها للتأليف (حكومة من 18 وزيرًا من الاختصاصيين، لا ثلث معطّلًا فيها لأيّ طرف).
ومع ذلك، في جعبة نواب “المستقبل” الكثير من الحجج التي تثبت رأيهم عن أنّ الفريق الآخر، بما في ذلك “حزب الله”، ليس مستعجلًا على قيام الحكومة، ربطًا بحسابات إقليمية ودولية تتصل بسياسة شدّ الحبال التي تعتمدها إيران في مواجهتها المكشوفة مع الإدارة الأميركية.
يقول هؤلاء إنّ العهد ومعه “التيار الوطني الحرّ” محرجان أمام الرأي العام المسيحي الذي صار متيقّنًا أنّ الفريق العوني هو من يتولّى وضع العصيّ في الدواليب، لاعتبارات تخصّ المستقبل السياسي لرئيس “التيار” جبران باسيل. ولذا يحاول قذف الكرة إلى ملعب رئيس الحكومة المكلّف ليبرّىء ساحته أمام الجمهور المسيحي، بأنّه غير مشارك في لعبة الانهيار الحاصلة!
في جعبة نواب “المستقبل” الكثير من الحجج التي تثبت رأيهم عن أنّ الفريق الآخر، بما في ذلك “حزب الله”، ليس مستعجلًا على قيام الحكومة
يورد هؤلاء جملة وقائع تثبت وجهة نظرهم:
– أولًا: العونيين اتهموا الحريري بأنّه يخشى من العقوبات الأميركية، ثم بأنّه يخاف مواجهة الفوضى الاجتماعية التي ستنجم عن رفع دعم مصرف لبنان عن المواد الأساسية، ثمّ إنّه يرفض تأليف حكومة غير مرضى عنها سعوديًّا. وأنّه بالتالي يعتمد سياسة المماطلة. ومع ذلك قدّم رئيس الحكومة المكلف تشكيلته إلى رئيس الجمهورية، تتناسب مع رؤية المجتمع الدولي، وتحديدًا المبادرة الفرنسية والجهات الدولية الداعمة لهذه الحكومة. وإذ بالرفض يأتي من الرئاسة الأولى.
– ثانيًا: كيف يمكن لنا أن نصدّق أنّ الفريق العوني قرّر السير بحكومة من 18 وزيرًا، فيما “حزب الله” لا يزال حتّى اللحظة مصرًّا على توسيع الحكومة؟ وها هو نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم يعيد التأكيد بأنّ “المخرج بأن يحرّك رئيس الحكومة مسألة عدد الوزراء، ويقبل رئيس الجمهورية عدم وجود الثلث المعطّل”.
إقرأ أيضاً: كتلة الحريري تلتفّ على الراعي: إعلان بعبدا يكفي؟
– ثالثًا: رئيس الحكومة المكلف ومنذ لحظة استقالته من حكومته الأخيرة، وبعد تسميته مجددًا لرئاسة الحكومة، أكّد أنّه لن يؤلّف إلّا حكومة من الاختصاصيين، رافضًا أسماءً حزبية وتلك الفاقعة سياسيًّا، فيما “التيار الوطني الحرّ” يعود إلى نغمة الحكومة التكنوسياسية، من خلال تسمية وزراء حزبيين. فهل هذا يعني أنّ هذا الفريق متعاون أو يحاول المماطلة والعرقلة؟
– رابعًا: الكلام عن إصرار رئاسة الجمهورية على الحصول على حقيبة الداخلية يتزامن مع الادّعاء على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وهي إشارة من الفريق العوني لدفع رئيس الحكومة إلى التصلّب في موقفه الرافض التخلّي عن حقيبة الداخلية؟ وألا يعني ذلك أنّ هذا الفريق يفخّخ بنفسه الطرح الذي يدّعي أنّه قدّمه؟