بعد أكثر من عشرة أشهر من تعاطي السلطات الرسميّة وغير الرسميّة مع ملف مواجهة كورونا، لا تزال الحكومة المستقيلة تعاني من تخبّط في أدائها وسلوكها. لا بل أكثر من ذلك، خرجت الخلافات بين مكوّنات لجنة المتابعة الوزاريّة إلى العلن وباتت موضع انتقاد من جانب الرأي العام…. ولعلّ هذا ما يفسر تذييل قرار الإقفال العام بتوقيع رئاسة الحكومة وليس وزارة الداخلية، خلافاً لما كان يحصل في الجولات السابقة.
خلال الساعات الأخيرة بلغت بورصة الإصابات بكوفيد-19 أرقاماً قياسياً بعدما تخطّت عتبة الأربعة آلاف في مشهدية مأساوية تنذر بكوارث صحية وإنسانية يصعب ضبطها. ولو أنّها كانت متوقّعة نتجية التفلّت الذي شهدته عطلة الأعياد على “عين” الحكومة التي شرّعت انتشار الوباء على نحو دراماتيكيّ، فيما زادت حالة لامبالاة الناس، من جنون الوضع وخروجه عن كل قواعد المنطق والعقل والسلامة العامة.
ومع ذلك، اختارت رئاسة الحكومة، مدعومة برأي اللجنة الوزارية، اعتماد خيار الإقفال الجزئي الذي فتح باب الاستثناءات على مصراعية، على نحو قد يفرغ القرار من مضمونه ويحول دون تطويق انتشار الوباء فيما المستشفيات الخاصة تواصل سياسة صمّ الآذان ورفض استقبال المصابين لا سيما أصحاب الحالات الحرجة، لعدم توّفر الأسرّى في جناح الكورونا.
خلال الساعات الأخيرة بلغت بورصة الإصابات بكوفيد-19 أرقاماً قياسياً بعدما تخطّت عتبة الأربعة آلاف في مشهدية مأساوية تنذر بكوارث صحية وإنسانية يصعب ضبطها
استقبل اللبنانيون العام الجديد على وقع أخبار الإصابات والوفيات التي باتت تحاصر كلّ منزل وعائلة. ضاقت دائرة الاستهداف من جانب الوباء كثيراً، ولم يعد أي شخص بمنأى عن الإصابة في ظلّ حالة استهتار فظيعة تصيب شريحة كبيرة من اللبنانيين الذين يعرّضون أنفسهم وأقرب المقرّبين منهم لخطر داهم.
وفي هذا السياق، يرفض وزير الداخلية محمد فهمي في دردشة لموقع “أساس” التعليق على مدى فاعلية الإغلاق الجزئي الذي قرّرته الحكومة المستقيلة، ويكتفي بالقول: “ما عليّ إلّا التنفيذ”، لافتاً إلى أنّه كان يفضّل أن يكون القرار شاملاً ولو لمدّة محدّدة، لكي تتمّ السيطرة على انتشار الوباء. على أن يصار من بعدها إلى فتح تدريجي للقطاعات الحيوية.
واعتبر فهمي أنّ فتح باب الاستثناءات لا يؤدّي الغرض من الإقفال، خصوصاً بعدما بلغ الوضع مطارح خطيرة جداً سيصعب جداً السيطرة عليها، ولو أنّ الموازنة بين الوضع الاقتصادي الصعب والوضع الصحي الأصعب، هي التي حتّمت اتخاذ القرار بالإقفال الجزئي.
ولا ينفي وجود وجهات نظر عديدة داخل اللجنة الوزارية، كلّ لاعتباراته، وهذا ما أفضى إلى اتخاذ القرار بالإغلاق الجزئي. خصوصاً وأنّ بعض القطاعات قد تعرّض أصحابها للجوع إذا ما تمّ اقفالها بشكل نهائي. ودعا المواطنين إلى التعاون مع الدولة من خلال التزام كلّ إجراءات الوقاية لحماية أنفسهم، ذلك لأنّ درهم الوقاية هو أفضل من قنطار علاج.
اعتبر فهمي أنّ فتح باب الاستثناءات لا يؤدّي الغرض من الإقفال، خصوصاً بعدما بلغ الوضع مطارح خطيرة جداً سيصعب جداً السيطرة عليها، ولو أنّ الموازنة بين الوضع الاقتصادي الصعب والوضع الصحي الأصعب، هي التي حتّمت اتخاذ القرار بالإقفال الجزئي
ولفت وزير الداخلية إلى أنّه أعطى توجيهات واضحة وصارمة للقوى الأمنية لتنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في القرار الصادر عن رئاسة الحكومة. إذ أنّها المرّة الأولى التي يُستعان بها بقانون العقوبات في مادته 604 التي تصل عقوباتها إلى حدّ السجن ستة أشهر، كذلك ستستعين قوى الأمن الداخلي بالنموذج رقم 401 الذي يتيح ملاحقة المخالفين أمام القاضي المنفرد الجزائي تطبيقاً للمادة /770/ من قانون العقوبات والتي قد تصل عقوبتها إلى حدّ السجن 3 أشهر.
إقرأ أيضاً: وزير الداخلية لا يحبّ الرقص.. الأطباء: منعُ النراجيل أفضل
وأشار إلى أنّ المسؤولية الأهم تقع أوّلاً على عاتق المواطن الذي عليه حماية نفسه ولكن في حال ضبطه بجرم المساهمة في نشر الفيروس على نحو مستهتر ولا أخلاقيّ، فستكون القوى الأمنية له بالمرصاد لتسطير ضبط وفق النموذج 401. ويؤكد فهمي: “لقد بلغنا مراحل خطيرة جداً، ولذا أعطيت أوامر صارمة وطلبت من القوى الأمنية عدم التساهل أبداً”.
وختم بالإشارة إلى أنّه مرتاح لعمل الأجهزة الأمنية في اليوم الأوّل من الإغلاق، مؤكداً أنّها بكامل جهوزيتها لمواكبة الإجراءات المطلوبة.