نحن اللبنانيين.. نخاف كلّ شيء

2020-12-31

نحن اللبنانيين.. نخاف كلّ شيء


.. نحن اللبنانيين بفضل حكّامنا وأحزابنا وتياراتنا وكل المنظومة السياسية، نستقبل العام 2021 بالخوف من كل شيء، من زمور سيارة تمرّ من أمام منزلنا، من شباك يُقفله الهواء فجأة، من جارتنا وهي تصرخ كالعادة على ابنها كي ينام، من صحن أو فنجان يسقط فجأة من يدنا دون قصد ومن غير استئذان.

.. نحن اللبنانيين نستقبل العام 2021، وينتابنا القلق الشديد من الغد من ما ستحمله الأيام. من خسارة مورد الرزق والاستمرار بالوظيفة، من قبض الراتب كاملاً بنهاية الشهر، من أن يدور محرك سيارتنا عند كل صباح، لنطمئن على بطارية السيارة انها ما زالت تعمل فسعرها يوازي الراتب بأكمله.

.. نحن اللبنانيين، عندما نستيقظ لم نعد نستمع لصوت فيروز، بل نسارع الى التأكد أن حاستيّ الشم والتذوق سليمتان، مطمئنين أننا في هذا اليوم لن نكون من ضمن عداد المصابين بفيروس كورونا ولن يتحدث عنا الوزير حمد حسن في نشرة الأخبار. نخشى المرض أن يكون سبباً للتغيّب عن العمل فنُطرد من دون حسبان. حتى أننا نخشى السعال أو العطس خلال العمل فتلك جريمة لا تفلت منها دون حسبان.

نحن اللبنانيين نستقبل العام 2021، وينتابنا القلق الشديد من الغد من ما ستحمله الأيام. من خسارة مورد الرزق والاستمرار بالوظيفة، من قبض الراتب كاملاً بنهاية الشهر

.. نحن اللبنانيين في آخر ساعات من هذا العام، لدينا ألف سؤال وسؤال، ولا نملك جواباً واحداً على أي سؤال، أو على نصفه أو شطر صغير منه. نشعر بالعجز والهوان وسوء المزاج والتقدير تجاه كل شيء وأيّ شيء.

.. نحن اللبنانيين، باتت نزهاتنا منقسمة بالخيار، ما بين السوبرماركت أو الميني ماركت لقد باتت يومياتنا كيوميات الطائر الذي يسمى باليمام، نستيقظ لنأكل ونقضي حاجتنا وعذراً على الفكرة وسط هذا الكلام، ثم نطير ثم ننام وهكذا دواليك كل يوم برتابة لا يمكن خرقها أو تحويرها أو تبديل فاصلة أو نقطة فيها.

.. نحن اللبنانيين، نعيش عالماً افتراضياً بكل شيء، بالحب والكراهية بالنضال والثورة والمعارضة والموالاة حتى باتت واجباتنا الاجتماعية نقضيها افتراضياً فنكتب لصديق فقد والده على الفيسبوك “عظّم الله أجركم” ويجيبنا “شَكر الله سعيكم” دون أن نبارح أمكنتنا أو نغير الزمان، وترقبوا وليس بعيداً جداً عندما سننجب اطفالنا افتراضياً أيضاً في قابل الأيام. فصديق لي عقد قران ابنته عبر نظام “زوم” ويا ويلنا من “زوم” هذه الأيام.

نحن اللبنانيين، باتت نزهاتنا منقسمة بالخيار، ما بين السوبرماركت أو الميني ماركت لقد باتت يومياتنا كيوميات الطائر الذي يسمى باليمام، نستيقظ لنأكل ونقضي حاجتنا

.. نحن اللبنانيين، لم نعد نشبه أي من أجدادنا أو أبائنا، لون بشرتنا تغير ورائحة عطرنا تغيرت لم نعد نشتريها من “المول” بل من العطار جارنا صاحب الدكان. وملمس ثيابنا تغير وعدنا للرتي والتوسعة أو التضييق كما في سالف الأزمان، حتى صحن التبولة لم يعد كما كان، ولا سندويش الفلافل فلقد هجرته الكثير من المكونات والبهارات الحسان. و”كبيس اللفت” فيه لم يعد لونه أحمر، وقرن الحر لم يعد يُقدّم معه كهدية بل له ثمن من الأثمان.

إقرأ أيضاً: هكذا عشنا.. وهكذا يجب أن نعيش

.. نحن اللبنانيين، بتنا نستحي بلبنانيتنا، ننظر الى جواز سفر أي عربي أي عامل أجنبي يعمل لدينا من أي بلد من البلدان بحسرة وقهر، نغار منه نحسده ونمقته ونضرب كفاً بكف متسائلين رافعين أكفنا إلى السماء، كيف نحصل على جواز مثل الذي يحمل، كيف نتخلص مما نحمل يا خالق الأكوان؟

.. نحن اللبنانيين، بتنا نشبه قوم لوط وثمود وعاد ونوح، والتي رويت قصصهم في الانجيل والقرآن، حين رفضوا النصيحة وأمعنوا بالكفر والطغيان فحق عليهم عذاب ربك فكان ما كان.

مواضيع ذات صلة

هكذا وصلت إسرائيل إلى “البايجرز” واللاسلكيّ

في 7 أيلول الجاري، كان قائد “المنطقة الوسطى” في الجيش الأميركي الجنرال إريك كوريللا في إسرائيل. في اليوم التالي، تمّت عملية مصياف. أكبر عملية إسرائيلية…

من يملك شجاعة الاعتراف “بالهزيمة” التقنيّة؟

.. علينا جميعاً وفي مقدَّمنا الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله أن نمتلك الشجاعة والجسارة للقول إنّ العدوّ الإسرائيلي هزمنا تقنياً ويتفوّق علينا في…

المرشد في استحضار التّاريخ دون المستقبل

“غد بظهر الغيب واليوم لي     وكم يخيب الظنّ بالمقبل ولست بالغافل حتى أرى         جمال دنياي ولا أجتلي لبست ثوب العيش لم أستشِر    وحرت فيه بين…

لبنان… الرأي قبل شجاعة الشجعان

لم يكد دخان ونار التفجيرات الصغيرة في أجهزة النداء القديمة، المعروفة باسم “بيجر” يهدآن، حتى اندلعت موجة نارية جديدة، مستهدفة هذه المرة أجهزة الجوال، وغيرها…