“مصرف” رياض سلامة أصبح مكشوفاً… و”ألفاريز أند مارسال” راجعة!

مدة القراءة 6 د


بين مثول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمام النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون للاستماع إلى إفادته في قضية الدولار المدعوم وبين فتح مجلس النواب بوابة الدخول إلى حسابات مصرف لبنان عبر إقرار قانون تعليق السرّية المصرفية على ملفات التدقيق الجنائي في مصرف لبنان والوزارات والمؤسسات العامة، تتساقط تدريجاً المحرّمات التي زنّرت “إمبراطورية الحاكم”.

التدقيق الجنائي بات متاحاً مبدئياً في “دهاليز” حسابات مصرف لبنان، والحاكم ملزم بالتعاون مع شركة التدقيق، “القديمة” أو الجديدة، والإجابة على أسئلة وصَلته سابقاً وأدار الظهر لها متلطّياً بقانون النقد والتسليف والسرّية المصرفية. يشمل ذلك كل ما يتعلّق بالتزامات المصرف المركزي المالية وبأصوله وكافة المعلومات المرتبطة بالهندسات المالية منذ العام 2015 وبمجمل الإدارة وبالتقارير المالية لحسابات المصرف وعمليات التسوية والبيع والشراء والدفع والاستثمار ولوائح الودائع لديه وتفاصيل العمليات التي نفّذها مصرف لبنان مع المصارف التجارية وحسابات هذه الأخيرة والحسابات الخارجية لمصرف لبنان والـaudit داخل البنك المركزي ولوائح بأسماء الموظفين ومهامهم…

 

خاصّ وسرّي

في 10 كانون الأوّل الجاري، وتحت عنوان “خاص وسرّي”، أرسلت شركة “ألفاريز أند مارسال” جواباً إلى وزير المال غازي وزني في شأن طلبه السابق التعاون مجدداً مع الشركة. وذكّرت بقرارها السابق في 20 تشرين الثاني بإنهاء اتفاقية التدقيق الجنائي وبأن أيّ تعاون محتمل مرتبط  “بإحراز تقدّم كافٍ فيما يتعلق بالوصول إلى المعلومات والتغلّب على العقبات القانونية”.

واقترحت الشركة  عقد “اجتماع عبر الهاتف في المرحلة الأولى لمناقشة التقدّم الذي تمّ إحرازه في سبيل الوصول إلى المعلومات المطلوبة والأساس الذي يمكن الانطلاق منه للمشاركة مجدداً في عملية التدقيق الجنائي”.

التدقيق الجنائي بات متاحاً مبدئياً في “دهاليز” حسابات مصرف لبنان، والحاكم ملزم بالتعاون مع شركة التدقيق، “القديمة” أو الجديدة، والإجابة على أسئلة وصَلته سابقاً وأدار الظهر لها متلطّياً بقانون النقد والتسليف والسرّية المصرفية

وفق المعطيات لا يزال باب التفاوض مفتوحاً مع “ألفاريز اند مارسال”  التي تشترط بدايةً الحصول على أتعاب عمل فريقها في لبنان على مدى أسابيع، قبل انسحابها، وتبلغ قيمتها 150 ألف دولار أميركي، إضافة إلى تعديل العقد في حال توسّعت مهمّة التدقيق باتجاه مؤسّسات أخرى.

كما أنّ الحكومة المقبلة قد تتعاقد مع أكثر من شركة تدقيق بما يؤدي الى فصل المسارات بين حسابات مصرف لبنان وحسابات المؤسّسات والإدارات الأخرى… هذا إذا صَفَت النيّات وقدّر لأوّل وأكبر عملية تدقيق في تاريخ لبنان الحديث أن تكشف المستور في حسابات “الدولة الحلوب”.

 ويسجّل متابعون ملاحظة قد تكون جوهرية مرتبطة بعوائق محتملة أمام التدقيق الجنائي: “فالقرار رقم 3 الصادر عن مجلس الوزراء في 21 آذار الماضي ورسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب في شأن التدقيق الجنائي، والقرار الذي أصدره الأخير بناءً على رسالة رئيس الجمهورية، وكتاب وزير المال المُرسل إلى حاكم مصرف لبنان، وأخيراً القانون الصادر عن مجلس النواب بتعليق العمل بالسرّية المصرفية… جميع هذه المستندات لا تنصّ إطلاقاً على إتاحة التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان في ما يتعلّق بالقطاع الخاصّ والمصارف”.

 

سنة واحدة لا تكفي

لكنّ مصادر نيابية معنية تشير إلى أنّ نصّ القانون واضح وجاء فيه: “يعلّق العمل بقانون سرية المصارف وجميع المواد التي تشير إليه لمدّة سنة تسري من تاريخ نشر هذا القانون، في كل ما يتعلّق بعمليات التدقيق المالي والتحقيق الجنائي التي قرّرتها وتقرّرها الحكومة على حسابات المصرف المركزي، أيّاً كانت طبيعة هذه الحسابات، والوزارات والإدارات والمؤسسات العامة والهيئات والمجالس والصناديق، كما جاء في قرار المجلس النيابي، ولغايات هذا التدقيق ولمصلحة القائمين به حصراً. ويشمل مفعول التعليق كلّ الحسابات التي تدخل في عمليات التدقيق”. وهذا يعني، وفق المصادر، أنّ كل أنواع الحسابات في مصرف لبنان من دون استثناء باتت خاضعة للتدقيق الجنائي.

وفق المعطيات لا يزال باب التفاوض مفتوحاً مع “ألفاريز اند مارسال”  التي تشترط بدايةً الحصول على أتعاب عمل فريقها في لبنان على مدى أسابيع، قبل انسحابها، وتبلغ قيمتها 150 ألف دولار أميركي، إضافة إلى تعديل العقد في حال توسّعت مهمّة التدقيق باتجاه مؤسّسات أخرى

مع ذلك، تتوقف المصادر عند المدّة الزمنية المقيّدة: “فالنبش في جميع الحسابات دفعة واحدة أو على مراحل يحتاج إلى سنوات طويلة. أما في ما يتعلق بمصرف لبنان حصراً فهي أيضأ عملية طويلة ستحتاج بالتأكيد إلى قانون جديد بعد عام لتعديل المهلة، خصوصاً أنّ الوضع السياسي والمالي الراهن أدخَل لبنان في نفق مظلم ستبدو معه هذه المهمّة محفوفة بالمخاطر وربما غير مضمونة النتائج خصوصاً مع توسيع مجلس النواب بيكار المشمولين بورشة التدقيق الجنائي”. 

ويبدو أنّ مسار التدقيق الجنائي حتّى بعد صدور القانون لا يزال يثير الشكوك لدى العالمين في بواطن “بيزنس” الدولة وزواريبها.

 

كذبة سياسية

يقول أحد المطّلعين على الملفّ: “الترويج بأنّ التدقيق الجنائي سيعيد في أسابيع قليلة 20 مليار دولار إلى الخزينة هو كذبة استُخدمت لتضليل الناس وأيضاً للابتزاز السياسي. لذلك من دون  مسار شفّاف لن نصل إلى مكان. فليبدأ التنقيب عن الهدر في كارتيل الفيول الذي كلّف الخزينة العامة عجزاً بأكثر من 40 مليار دولار، والتدقيق في قطوعات الحساب في الموازنات الماضية. اليوم هناك فجوة بقيمة 87 مليار دولار جزء منها سببه زبائنية السلطة التي أدّت إلى عجز الخزينة، وهناك كلفة تثبيت سعر الصرف على مدى عقود. أمّا التدقيق الفعلي بكل ليرة أو دولار صرف سيقود الى كشف واقع أنّ الأقطاب كافة و”حاشية” الزعماء وأصحاب النفوذ قد استفادوا وراكموا ثروات، لكنّ نسبة الاستفادة لا تشكّل سوى 7% من أصل حجم الفجوة المالية المرصود في عجز الخزينة وفي سياسات تثبيت سعر الصرف”.

إقرأ أيضاً: التدقيق بعد جلسة “التدجيل”: قرار النواب لا يُلزم مصرف لبنان

يذكر أنّ سلامة كان سلّم ما يرتبط بحسابات مصرف لبنان والتي  تشكّل 42% من مجمل الأسئلة المطلوبة. فيما الجزء المتعلّق بحسابات الإدارات والمؤسّسات والقطاعات العامة ومن ضمنها الحساب رقم 36، فقد أرسل وزير المال كتاباً في 2 كانون الأوّل الجاري إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال أوضح أنّه “أرسل  كتاباً إلى حاكم مصرف لبنان تُخضع بموجبه جميع حسابات وزارة المال للتدقيق المحاسبي الجنائي عملاً بقرار مجلس النواب (جلسة 27 تشرين الثاني). واستكمالاً لذلك، للتفضّل بالطلب الى سائر الأشخاص المعنويين ذوي الصفة العامة (المؤسسات العامة والبلديات والإدارات ذات الموازنات الملحقة …) الذين لديهم حسابات في مصرف لبنان، بإرسال كتاب بإخضاع حساباتها للتدقيق المحاسبي الجنائي المطلوب”.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…