نبيه برّي آخر فرسان الممانعة: “أبتقطعش”

مدة القراءة 3 د


.. مخطئ من يظن أنّ الرئيس نبيه بري هو الرجل الثاني أو الثالث في محور الممانعة في لبنان. فالرجل ووفقاً لمواصفاته وقدراته ومواهبه لا تسعه سوى الصدارة موقفاً وشغفاً. يعرف كيف يهادن، ومتى يهاجم، وكيف يتصلّب عندما يُصيب الارتخاءُ الكثيرين من المُدّعين.

 

إقرأ أيضاً: الحكومة عالقة في وزارة المالية

.. هو من مواليد برج الدلو (28 كانون الثاني 1938)، وفي صفات أبناء هذا البرج أنه ودود ومبتكر وذكي، لكنه عنيد ومشاكس، وإذا أردت التعامل معه، لا مانع من بعض الجنون. هو لمّاع في التوقّع، واستباق الأحداث، والتفكير خارج الصندوق.

وليس غريباً عندما يُقال عن الرئيس بري إنه يخبئ الكثير من الأرانب في قبعته، أو تحت الطربوش.

قبل أسابيع، كان الحديث يدور عن غضب من الحلفاء تجاهه، وعن كلمة سر أعطيت لبعض صبية مخابرات الممانعة بوجه سيد عين التينة أن تُشَوّش وتثور

لا نظلم أحداً ولا ننتقص من مواهب أحد، أو نوجّه إهانة لجمهور أو جماهير أحد، إن قلنا إنّ الرئيس بري هو آخر فرسان محور الممانعة من دون مبالغة أو تردّد أو نكء للجروح. ربما هو توصيف يحرج الرئيس بري في هذه المرحلة المزدحمة بالعقوبات الأميركية، والشامتين من رفاق السوء في السياسة والنيابة وما آلت إليه في الوطن كلّ الأمور.

قبل أسابيع، كان الحديث يدور عن غضب من الحلفاء تجاهه، وعن كلمة سر أعطيت لبعض صبية مخابرات الممانعة بوجه سيد عين التينة أن تُشَوّش وتثور. فإذا بتفاصيل تشكيل الحكومة من باريس تَقلب الطاولة، فاللواء عباس إبراهيم عاد بأجوبة لا تطمئن القلوب. وقبلها عقوبات طالت رموزاً في بنشعي وعين التينة. والنبيه قال بهدوء: “الرسالة وصلت”. والكلمتان تحملان معنى واحداً: إنّ الأيام بيننا تدور..

وحده الرئيس بري، أحببته أم لم تحبه، كنت مؤيداً أم معارضاً وخصماً له، عَرفَ كيف يتجنّب الضربة القاضية في الجولة الأولى، مراهناً في الجولات اللاحقة على تحسّن الأوضاع والظروف

الكلّ هلع من قرب انتهاء مهلة ماكرون لتشكيل الحكومة، والكلّ بات يعتقد أنّ لا سبيل للمواجهة، للرفض، للعرقلة. ولا مفرّ من الموافقة على الحكومة، التي سيحملها أديب بالحقائب والأسماء وما تحمله بين السطور. جبران باسيل انزوى بمؤتمره الصحفي صارخاً: “أنا حاضر وموافق على كلّ الأمور: ترسيم الحدود، واستراتيجية دفاعية، وحياد، وكلّ ما تريدون”. أما حزب الله فقد وقف خلف جدار الصمت. ففي مثل هذه الأزمات، لا معنى لكلّ الصواريخ، الذكي منها والغبي، ولا معنى لكلّ السرايا وإن تغيّرت أسماؤها، فالأزمة تحتاج لحرّيف في كيفية إدارة الأمور.

وحده الرئيس بري، أحببته أم لم تحبه، كنت مؤيداً أم معارضاً وخصماً له، عَرفَ كيف يتجنّب الضربة القاضية في الجولة الأولى، مراهناً في الجولات اللاحقة على تحسّن الأوضاع والظروف. هو يدرك أنّ المرحلة صعبة ودقيقة بفعل مغامرات بعض الحلفاء وصبيانية البعض الآخر، لكنه مؤمن أنّ أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، وأنّ يده لا يمكن أن تلوى بعقوبات من هنا، أو حملات من هناك، وكلمته يعرفها الجميع: “أبتقطعش”. ويدركون أنه جاد فيما يقول.

مواضيع ذات صلة

تشدّد الرّياض: عودة عربيّة إلى نظام إقليميّ جديد؟

توحي نتائج القمّة العربية – الإسلامية بأوجه متعدّدة لوظيفة قراراتها، ولا تقتصر على محاولة فرملة اندفاعة إسرائيل العسكرية في المنطقة. صحيح أنّ القمّة شكّلت حاضنة…

الحرب الأهلية: هواجس إيقاظها بصورٍ كريهة

 اللغو اللبناني حول حظوظ البلد بارتياد آفاق حرب أهلية جديدة، ارتفع. قد يكون هذا الارتفاع على وسائل التواصل الاجتماعي سببه “شامت” بالوضع أو رافض لـ”الرفق”….

الرياض: حدثان اثنان لحلّ لبنانيّ جذريّ

في الأيّام القليلة الماضية، كانت مدينة الرياض مسرحاً لبحث جدّي وعميق وجذري لحلّ أزمات لبنان الأكثر جوهرية، من دون علمه، ولا علم الباحثين. قسمٌ منه…

الحزب بعد الحرب: قليل من “العسكرة” وكثير من السياسة

هل انتهى الحزب؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فما هو شكل اليوم التالي؟ وما هي الآثار السياسية المباشرة لهذه المقولة، وكذلك على المدى المنظور؟ وما هو…