نسخة جديدة من إيلي فرزلي: صقر من صقور 14 آذار

مدة القراءة 5 د


حملت حلقة برنامج “صار الوقت” الأخيرة مع نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، مفاجآت ومواقف غير معهودة فجّرها الأخير ليلة الخميس الفائت، مطلقاً السهام في وجه الحلفاء قبل الخصوم، في مشهدية أظهرته على أنّه صقر من صقور ما كان يسمى قوى 14 آذار، في مواجهة حكومة حسان دياب ومع يقف خلفها.

الفرزلي أطلق النيران على الرئيس حسان دياب وحكومته العاجزة، ووجّه تحذيرات إلى النائب جميل السيد، ثم اتّهم المدير العام لوزارة المالية، العوني آلان بيفاني، ومن هم خلفه، بالتلاعب بأرقام مالية الدولة لأهداف ربما “تخدم العدو الاسرائيلي”. حتّى “حزب الله” لم يسلم من سهامه حين أشار إلى تغطية سلوك الحكومة المدمّر للقطاع المصرفي ولأموال المودعين في المصارف، معلناً صراحة أنّه من “حزب المصرف”، إن كانت هذه التهمة “ستُعفي اللبنانيين من ضياع شقاء العمر هباءً منثوراً”.

أقرأ أيضاً: سقط بيفاني حين عاد باسيل للدولة المالية العميقة

لعلّ كلام الفرزلي لم يأخذ حقّه في أوساط الرأي العام ، فيما السبب  يعود إلى حمى الـ”تراند” التي خلّفتها فقرة المواجهة في الحلقة نفسها، بين الزميل في “أساس” نديم قطيش وبين المحلل السياسي العوني جوزيف أبو فاضل. وقد لاقى اختلاف نديم وجوزف الكثير من الرواج على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكنّ من يراقب مجريات الأحداث خلال الأسبوع المنصرم، يستطيع أن يفهم بداهة أنّ كلام الفرزلي منذ لقائه الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط وبعده خلال حلقة مارسيل غانم في “صار الوقت” على mtv، لم يكن إلاّ “خارطة طريق” وضعها رئيس مجلس النواب نبيه بري وكلّف الفرزلي بتسويقها، من أجل تغيير حكومي “يقلب الطاولة” بوجه الهيمنة الباسيلية.

خارطة تعيد عقارب الساعة إلى ما قبل 29 تشرين الثاني 2019، تاريخ استقالة الرئيس سعد الحريري. بل خارطة تقول لـ”حزب الله”، الداعم الأقوى لهذه الحكومة، من دون أن تخاطبه في المباشر: ارفع الغطاء عن حكومة حسان دياب و”غطرسة” جبران باسيل… أو تحمّل تبعات الانهيار الشامل منفرداً.

كلام الفرزلي لم يكن إلاّ خارطة طريق وضعها رئيس مجلس النواب نبيه بري وكلّفه بتسويقها

بدا الفرزلي مدافعاً عن الطائفة السنية، فلم يخفِ أنّه خلال جلسة الحوار المبتورة في بعبدا، ناشد دياب من أجل “إعادة لمّ الشمل”، معبراً عن قناعته بـ”عدم جواز اقصاء المكون السنّي الرئيسي” عن الحياة السياسية.

الفرزلي أكد أنّ المطلوب اليوم إيجاد حكومة قادرة على إجراء الاصلاحات، منوّهاً ببنود الورقة الإصلاحية للحكومة السابقة قبل استقالتها، ملمحاً لدياب بأنّ الرحيل في ظل ظرفٍ مؤاتٍ أفضل من الرحيل في ظل ظروف “غير سوية له” شخصياً، ما فُسّر على أنّه تهديد بإسقاط حكومة في الشارع أو ربما من الداخل.

فالفرزلي لمّح إلى احتمال استقالة بعض الوزراء من الحكومة، معتبراً أن “لا مصلحة للجميع في مراكمة الأزمات وإنما البحث عن حلول ولا يجوز أن يحمل الناس هذا الذل”، معبراً عن ثقته بأنّ الرئيس ميشال عون سيكون “داعماً أولاً في حال تبنت أي حكومة بنود البرنامج الاصلاحي”.

لعل الفرزلي في هذا الكلام، يكون قد أعاد إحياء الكلام المتواتر عن ليونة بدأ يظهرها الوزير جبران باسيل تجاه الملف الحكومي، خصوصاً بعد التشققات التي ظهرت داخل البيت البرتقالي من بوابة رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أو من خلال “التعقّل الذاتي” الذي بات يفرض نفسه على باسيل بعد مضيّ ما يزيد على نصف مدة العهد الرئاسي، دون تحقيق أيّ إنجاز يُذكر للعهد. “تعقّل منطقي” يضطر أنّ ينتهجه أي ماروني طامح إلى كرسي رئاسي لما يمكن أن يشبه دولة موجودة، لا أرضاً منكوبة.

وفي الملف المالي والنقدي، كاد نائب رئيس مجلس النواب أنّ “يكسر جرة” خلف بيفاني المستقيل، داعياً “الكثير من المستشارين” إلى أن يلحقوا به، وذلك في إشارة لـ”كونسولتو” الاقتصاديين واضعي خطة الحكومة، متهماً بأنّ فرقَ الـ174 ألف مليار ليرة بين خطة الحكومة وبين أرقام المصرف المركزي والمصارف، هو “نتيجة جهل أو مؤامرة” قوامها “تعمُّد بيفاني إخفاء الأرقام بطلب أحدهم… طمعا في وظيفة خارج لبنان”. مذكراً بطلب بيفاني مهلة لاستيضاح الفرق خلال مناقشات لجنة المال والموازنة، ثم مقاطعته لاجتماعاتها هرباً من قول الحقيقة. وكذلك شرّح “ارتكاباته” في “التوقيع على الموازنات وطلبات سندات الخزينة وغيرها”، وهو أمر سبق أن كشفه “أساس” في أكثر من مقال.

ولم يخفِ الفرزلي مسؤولية المصارف في الأزمة، فدعا أصحابها إلى تحمّل جزء من الخسائر، لكنّه رفض فكرة إفلاسها لأنها جريمة “في حقّ دولة لبنان وفي حقّ المودعين”. واعتبر أنّ خطة تحجيم القطاع المصرفي تهدف إلى “تصغير لبنان” وتقزيمه، لأنّ التطبيع العربي مع إسرائيل سيفتح الفرصة أما المصارف الإسرائيلية لغزو الوطن العربي ومن البديهي رفض أي منافس في هذه الفرصة، موجهاً هذا الكلام الخطير إلى من أسماهم “الجهات الدائعمة للحكومة” من دون أن يسميهم وهو يعني طبعاً “حزب الله”، وفريق جبران باسيل الذي يُهيّئ الأرضية “للتطبيع مع العدو الإسرائيلية”، من دون أي يحدد عن علم أو غير علم.

خطة تحجيم القطاع المصرفي تهدف إلى تصغير لبنان وتقزيمه

ولم ينسَ الفرزلي موقف النائب جميل السيد المدافع عن دياب وحكومته بشراسة، فردّ في ما يشبه التهديد على تغريدة أطلقها السيد، متهماً إياه بالتحسّس بسبب “فائض في منسوب الحقد”، قائلاً: “الأحقاد لا تبني وطناً بسبب تحميله مسؤولية سجنه للحريري… ومحاولات التمادي كثيرة، وهذا قد يودي إلى أماكن لا هو يريدها ولا أنا أريدها”.

كانت نسخة جديدة من إيلي الفرزلي. ونصيحة لمن فاتته الحلقة أن يشاهدها. كانت معزوفة طرب سياسي أصيل، من الفرزلي، الذي بدا زاهداً، وكانت جملته: “أنا ما حدا بيغبّر عليّ بالفساد” تطنّ في آذان المستمعين. هو الذي لم يتّهم يوماً بالفساد. لكنّ الرجل الذي كان يملك كلمة سرّ نظام حافظ الأسد، ومن بعده نظام بشّار الأسد، بدا صقراً من صقور 14 آذار.

نحن أمام إيلي فرزلي جديد. تحية لنسخته الجديدة.

 

مواضيع ذات صلة

اختبار اليوم الأوّل: الرّئاسة تضغط!

لم يعد مضمون اتفاق وقف إطلاق النار ببنوده الـ13 و”ألغامه” مُهمّاً بقدر الحاضنة الميدانية – السياسية التي ستواكب تنفيذه منذ دخوله حيّز التطبيق فجر الأربعاء،…

هدنة الـ60 يوماً: الحرب انتهت… لم تنتهِ!

بعد عام ونحو شهرين من حرب إسناد غزة، و66 يوماً من بدء العدوّ الإسرائيلي عدوانه الجوّي على لبنان، واغتياله الأمين العامّ لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله،…

ألغام سياسيّة أمام الجيش في الجنوب!

بعدما أصبح وقف إطلاق النار مسألة ساعات أو أيام، لا بدّ من التوقّف عند العنوان الأوّل الذي سيحضر بقوّة على أجندة “اليوم التالي” في لبنان:…

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…