الكورونا في لبنان… كذبة أصبحت حقيقة قبل ساعات، أعلنها وزير الصحة العامة حمد حسن: “هناك حالة في مستشفى رفيق الحريري، وحالتان مشتبه بهما بالفيروس نفسه”. بغضّ النظر عن الإجراءات الناعمة في مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي، التي سمحت للموت الآتي من إيران بالمرور تمهيداً ربما للتفشّي بين اللبنانيين، هناك فضيحة كبيرة على الأجهزة الأمنية والقضائية التحقيق فيها على الفور.
الكمّامّة الطبية، أو “الماسك” المقنّع، أحد أهم التدابير الوقائية من فيروس كورونا، وهو شبه مفقود من الصيدليات اللبنانية، إلا ما ندر، ومن شركات المستلزمات الطبية، وحتّى من المستشفيات التي تعاني صعوبة في إيجاد الكميات المطلوبة من حاجاتها في السوق اللبناني.
فمن أفرغ لبنان من الكمّامات؟
معلوماتٌ غير مؤكدة أفادت بأن لا كمامات طبية في الأسواق اللبنانية، وأنّ أكثر من أربعة أطنان ونصف الطن من الماسكات تم المتاجرة بها وتصديرها من مستودعات مستوردي المستلزمات الطبية إلى خارج، منذ أكثر من أسبوعين. موقع “أساس” تحرّى عن الموضوع، وبعد اتصالات بعدد من الصيدليات الكبيرة في بيروت، بات أكيداً أنّ السوق اللبناني يفتقر فعلياً لهذه الكمامات، فكان معظمها يعاني من نفاذ الكميات لديه، ومنها من لديه كمامات قطنية بكميات قليلة جداً (سعر الواحدة منها 500 ليرة لبنانية). بينما نفذت لديه الماسكات المقنعة أو المعروفة بـ N195(وسعر الواحدة منها 6000 ليرة)، وبعضها نفذت آخر كمياتها المتبقية (150 ماسك) اليوم بعد الإعلان عن وجود حالة فيروس كورورنا اليوم.
إذاً فإنّ السوق اللبناني غير مجهّز وقائياً لاستقبال كورونا من هذه الناحية، فمن هي الجهات المسؤولية عن المتاجرة بصحّة الناس؟ مع العلم أنّ لبنان بلد لا ينتج الكمامات بل يستوردها جميعها من الصين، وبالتالي فإنّ استيراد المزيد منها في هذه الظروف يعتبر شبه مستحيل.
حسام سنّو، وهو صاحب شركة المستلزمات الطبية ” oxy care”، يؤكّد لـ”أساس” أنّه منذ أكثر من أسبوع لا كمامات ولا ماسكات لدى الشركات. بل أكثر من ذلك، فهو يجزم أنّ “البلد كلها فاضية”، ويشرح أنّه تم إخراج كميات هائلة جداً من لبنان إلى الإمارات العربية المتحدة، وأفريقيا، وأنغولا والكونغو والبعض منها إلى الصين التي أرسلت شركات فيها تطلب ما في لبنان من كمامات، والأرجح طلبت الأمر نفسه في دول أخرى: “حتّى أنّ هناك أزمة في المستشفيات منذ أكثر من 10 أيام في نقص الماسكات العادية، حتّى غير المقنّعة”.
ويخبرنا سنّو أنّ ثلاث مستشفيات اتصلت به منذ أسبوع للحصول على صندوق واحد من الكمامات، ولم يستطيع تلبية طلباتها بعد إفراغ السوق من الكمامات عبر التجار وعبر شركتَي DHL و ARAMEX ، بحسب قوله، وهما الشركتان اللتان لا تعملان منذ أكثر من شهر إلا بتصدير الماسكات، على حدّ قول سنّو.
الأمر الذي يؤكّده أيضاً صاحب شركة “health mart” للمستلزمات الطبية، ويربط نفاد الكميات بـ”عدم تمكّن لبنان من استيراد المزيد من الكمّامات، بعد رفض الصين لكلّ الطلبات الخارجية”.
وعن السعر يشير سنّو إلى أنّ الصندوق الواحد، الذي يضمّ 50 كمّامة، كان ثمنه دولاراً واحداً، كان يتم تسليمها إلى المستشفيات وتجّار الجملة بـ 80 سنتاً، والإثنين الماضي وصل ثمنها إلى 12 دولاراً، واليوم سجلت ارتفاعاً فوصلت إلى 16 و18 دولاراً، وهذا كله قبل لحظة الإعلان عن وصول كورونا إلى لبنان.
في المقابل تنفي مصادر وزارة الصحة، في حديثٍ خاص لـ”أساس” هذا الكلام، وتربط نفاد الكمامات بازدياد الطلب. وفي إجابةٍ على سؤال “هل فعلاً لبنان في خطر؟”، تجيب المصادر: “لا يمكن لأحد أن يجيب عن هذا السؤال، بالأمس عرفنا بتسجيل حالات إصابة بالكورونا في إيران، لكن من يضمن كم شخص دخل إلى لبنان من إيران خلال الفترة الماضية”. وتؤكد المصادر أنّ وزراة الصحة تعمل بأكثر من طاقتها وأنّ “وضعنا أفضل بكثير من بلدان أخرى”.
بدوره نقيب الصيادلة غسان الأمين يرفض الكلام عن صفقات تجارية في الماسكات الطبية، ويؤكد “وجود كميات ليست كبيرة في الأسواق، لأنّ الطلب ارتفع على الكمّامّات منذ بداية الإعلان عن كورونا في العالم، وفي صيدليتي يوجد حالياً 10 صناديق، كل صندوق يضم 50 كمامة”.
وشدّد الأمين، في اتصالٍ مع “أساس” على أنّه “رغم النظام السياسي في لبنان الذي لا نُحسد عليه، لكن اكتشاف الحالة بعد 12 ساعة من دخولها إلى لبنان يؤكد أنّ هناك إجراءات احترازية جيدة جداً، معوّلاً على الشعب اللبناني المثقف والواعي، لأن كورونا يحتاج فعلياً إلى وقاية وليس إلى دواء أو كمّامة”. ويختم: “لا داعي للهلع، فالكورونا ليس بخطورة الفيروسات التي سبقته، فهو مميت بنسبة 2 % فقط، وكل ما نحتاجه تدابير وقاية شخصية لا أكثر”.
إذاً، في وقت قرّر العالم تجريم تصدير الكمامات والماسكات الطبية خارج نطاق الدول، بما فيها المصنعة، فلبنان، البلد غير المنتج لهذه المستلزمات، يصدّر كميات هائلة إلى الخارج بهدف التجارة والربح. وبعد الإعلان عن أول حالة كورونا في لبنان باتت هذه التجارة بصحّة الناس ومستقبلهم.
“أساس” يضع هذه المعلومات في عهدة المعنيين، من وزراة الصحة والجمارك اللبنانية، ويعتبرها إخباراً إلى القضاء، للقيام بالتحقيقات اللازمة وكشف ملابسات هذه الجريمة، ومن خطّط ومن نفّذ ومن تاجر بصحة لبنان واللبنانيين.