كثر يرغبون بالارتماء في حضن الثورة تبييضاً لصفحة سوداء أو اقتناصاً لفرصة الدخول الى الحلبة السياسية. اللائحة طويلة من الفريقين لكن “الظهور” الخاطف لبهاء رفيق الحريري في الذكرى الخامسة عشرة لاغتيال رفيق الحريري يكتسب دلالات تختلف عن أي متسلّق آخر للثورة.
بيان نفي لـ “خبر مفبرك” في ذكرى 14 شباط بتوقيع مسشاره الإعلامي جيري ماهر. معلومة جديدة. صار لبهاء مستشار!. وبيان “تسويقي” في توقيت ملتبس صادر عن بهاء شخصياً يحمل فيه على “استهتارِ بشؤونِ الوطن والإسفافِ في التعاطي”، ويمجّد ما قام بهِ شباب الثورة بوصفه “قمّة الرقي في إعطاء دروس لِمَن فَقَدَ معنى الصدق والأمانة في تعاطي الشأن العام”. هرجٌ ومرجٌ وعصي تتطاير وإشكالات أمام ضريح الشهيد رفيق الحريري بين مناصري بهاء وسعد. بهذه الخلفية المشهدية أطلّ رجل المليارات بعد غياب طويل عن رقعة الأزمات اللبنانية. هو الملياردير الذي راكم ثروة طائلة إثر تركه العمل في السعودية وتفرّغه لبيزنس العقارات والأسهم المالية والبورصة من مقرّه إقامته في سويسرا بعدما باع حصته في شركات العائلة لشقيقه رئيس الحكومة السابق عام 2008… وبين الحين والآخر يخطر بلده الثاني على باله، وبطريقه يطالب “برحيل منظومة الفساد وأسيادها وأعوانها”!
بكبسة زر يطلّ بهاء ثم يختفي. حدث ذلك من خلاله بيانه عام 2010، بعد خمس سنوات من الاغتيال، أوحى فيه بأنه سيدخل معترك الشأن العام من دون أن يحدث أي شيء من ذلك. يظهر مجدداً عام 2017 في لحظة “اختفاء” سعد الحريري بعد احتجازه في السعودية ليعلن “وقوفه الى جانب خيار أخيه” ودعم قراره بالاستقالة. ثم ينكفئ وسط رفض العائلة وتيار المستقبل تسليمه الدفة. وها هو يطلّ برأسه من نافذة الثورة ورفضاً لـ “المتاجرة بذكرى 14 شباط” في رسالة تستهدف شقيقه سعد بالدرجة الأولى والمزايدة في الشارع السني.
وبمثل ما ارتسمت علامات التساؤل حول خلفيات “اقتحام” بهاء الحريري مشهد 14 شباط والثورة وإرساله “أنصاره” بالباصات الى الضريح في ساحة الشهداء ما أدى إلى اشتباك مباشر مع مناصري “تيار المستقبل” سلّطت الاضواء مجدداً على جيري ماهر ودوره إلى جانب شقيق سعد الحريري.
مساعد بهاء كانت خصّته محطة CNN بمقابلة، بوصفه “محلّلاً سياسياً لبنانياً”، تعقيباً على بيان الأخير عام 2017 الذي دعم فيه قرار سعد الحريري بالاستقالة من الرياض، واصفاً إياه بـ “البيان رقم واحد في مشروع ثورة لبنان بوجه الاحتلال الإيراني وسلاح الغدر الذي يتولاه حزب الله”.
وعن احتمال وجود دور سياسي لبهاء الحريري عقب الاستقالة أجاب ماهر “ليس المهم أن يكون لبهاء الحريري منصب سياسي في المستقبل القريب، فلو أراد المناصب لنالها منذ سنوات. السياسة التي يسعى لها بحسب بيانه والملعومات التي حصلنا عليها من عدة مصادر هي إعادة التوازن للبلد ورفض التمادي والتطاول على الدول العربية الحليفة، واستخدام السلاح في الداخل واختطاف قرار لبنان لمصلحة إيران”. وكان ماهر بعد أيام من انتفاضة 17 تشرين نشر تغريدة أكد فيها “أن الحديث عن أن بهاء الحريري مرشح القيادة السعودية لرئاسة وزراء لبنان هو محض افتراء، وبالنسبة للحديث حول زيارة الشيخ إلى المملكة فقد دُعي ولبّى الدعوة سابقاً”.
يتنقل اليوم جيري ماهر بين النمسا والسويد وفرنسا. اسمه “المفترض” دانيال أحمد الغوش من بلدة برجا مواليد 1986، وهو حامل للجنسية السويدية. تردّد أن اسمه شطب من دائرة النفوس في لبنان. وقد تولى “سحب” جزء كبير من عائلته إلى الخارج. كان متزوجاً من رنا ماهر (طرابلس)، ولديه ابن اسمه فيليب.
عمل في جريدة “الوطن” الكويتية، ثم توقف عن الكتابة. يملك موقعاً إلكترونياً، كما يملك صفحة Beirut على فايسوك و يدير موقع “صوت بيروت”. يطلّ حالياً عبر برنامج “لمن يهمّه الأمر” على قناة “24 سعودي الفضائية” (بوصفه “محلّل القناة”)، وهو ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي ومعروف بعدائه الحادّ لإيران وسوريا وحزب الله. وكان يُلقب بـ”الناشط الأزرق”. وفي تموز الماضي أصدر القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا جوزف تامر حكماً غيابياً بحبسه مدّة شهر وتغريمه 200 ألف ليرة في الدعوى التي أقامها ضدّه مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا، بجرم الذمّ به واتهامه بتبييض الأموال وتجارة المخدرات واختلاس 350 مليون دولار.
يدّعي أنّه على صلة بالديوان الملكية السعودي، وهو طرد قبل أعوام من الكويت بتهمة قضية مخلة بالآداب. ولديه ابنة أيضاً اسمها جنيفر وكانت نتاج علاقة من دون زواج مع امرأة سويدية.
شخصية ملتبسة وغامضة تدّعي قوة التأثير والنفوذ وشبكة الـ PR المتشعّبة. وتفيد معلومات أن جيري ماهر كان لا يزال قادراً حتى وقت قصير على دخول لبنان بأكثر من اسم وأكثر من جنسية
غالباً ما كان ينشر إعلانات على صفحته لمواقع الجيش الإسرائيلي من أجل مساعدة الجنود الإسرائيليين، وعرف بتطاوله في مرحلة سابقة على المقدسات والعقائد الدينية وتعليقاته التحريضية والفتنوية وغير الاخلاقية وغير الإنسانية. كما هاجم الجيش، وانقض على الأمن العام حين تمّ اعتقال الشيخ أحمد الأسير في مطار بيروت. وغالباً ما كان ينشر معلومات ملفقة مغلوطة أو معلومات أمنية مفبركة يهاجم فيها الجيش وحزب الله بغية إثارة البلبلة واستثارة الرأي العام.
وسبق للناشط عباس زهري في تموز 2015 أن نشّر معلومات تتعلق بالصحافي جيري ماهر ورقم هاتفه، وصور عائلية له بالاضافة إلى عنوان وصور منزله المفترض في السويد، داعياً متتبّعيه إلى الإبلاغ عنه ليتمّ إغلاق حسابه، فما كان من إدارة “تويتر” إلا أن أغلقت حساب عباس زهري!!
وفي آب 2018 كشف وائل خلف رئيس تحرير موقع “سوريون” الإلكتروني في فيديو نشره معلومات عن ماهر وعلاقته بنائب لبناني، وتنسيقهما معه دعماً للشعب السوري، لكنه اكتشف لاحقاً، كما قال، بأنّ الهدف مالي فقط.
شخصية ملتبسة وغامضة تدّعي قوة التأثير والنفوذ وشبكة الـ PR المتشعّبة. وتفيد معلومات أن جيري ماهر كان لا يزال قادراً حتى وقت قصير على دخول لبنان بأكثر من اسم وأكثر من جنسية مستنداً إلى علاقات قوية تربطه بالخارج، وحتى إن اسم دانيال الغوش، المتداول لدى الأجهزة الامنية، هو أحد هذه الأسماء غير الحقيقية. ومن أحد تعليقاته السَمجة نشر تغريدة تخاطب “العاملين والمنتسبين إلى حزب الله. إذا ضاقت بكم الأحوال مادياً تواصلوا معنا وسندعمكم ونؤمن لكم الحماية خارج لبنان مقابل معلومات تقدمونها عن الحزب”!.
الإعلامي “اللبناني” الملاحق أمنياً وقضائياً والصادر بحقه حكم غيابي بجرم إثارة النعرات الطائفية لمدة عام ونصف، والمقدّم بحقه عدة إخبارات، وداعي الاسرائيليين لتصفية السيد حسن نصرالله “بثلاث دقائق”، والمقتنع “بأن اسرائيل أقدم من إيران بسبعة آلاف عام”، والمصنّف عميلاً وخائناً وفق شريحة كبيرة من اللبنانيين، والمعروف بعلاقاته مع أجهزة مخابرات أجنبية وخليجية هو اليوم الوجه الاعلامي لبهاء الحريري الساعي لدور ما على الساحة السنية إن لم يكن بعد “أزمة” سعد.. ربما بعد خروجه للمرة الثانية من السراي الحكومي، أو ربما والأرجح لن يحصل ذلك أبدأ حين تكون البداية “شدّ الشعر” فوق ضريح “الشهيد”!!