مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

مدة القراءة 5 د

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022، يُفاجئ الجميع في الأسماء المُرشّحة لتولّي المناصب العُليا والمُهمّة في إدارته المُقبلة.

لا يخشى ترامب أن تُرفَض الأسماء من قبل مجلس الشّيوخ. إذ يتسلّحَ بقوّة سلطة نادرة عنوانها سيطرة جمهوريّة على مجلسَيْ الكونغرس (النّوّاب والشّيوخ) والمحكمة العُليا. وهو ما يعني أنّ ترشيحات ترامب لوزارات الخارجيّة والدّفاع والخزانة وغيرها ستسلكُ طريقها بسهولة من دون أيّ مُضايقة أو مُقايضة ديمقراطيّة.

الولاء هو المُعيار الأوّل والوحيد في اختيار ترامب للمحيطين به والعاملين معه. ولا شيء غير الولاء. خيْر دليل على ذلك كان حين أقصى وزير خارجيّته في ولايته الأولى مايك بومبيو، بعدما كانَ شديد الولاء له، حتّى جاءَت لحظة فكّر فيها أن يكُونَ مرشّح الحزب الجمهوريّ للرّئاسة، وذلكَ بعدما كان ترامب يواجه المحاكم في قضايا عديدة. كذلكَ سفيرة ترامب السّابقة في الأمم المُتّحدة نيكي هايلي التي خاضت الانتخابات التمهيديّة للحزب الجمهوريّ في وجه ترامب.

في الحلقة الأولى من سلسلة “تعيينات ترامب” حكاية مبعوث ترامب للشّرق الأوسط ستيفن ويتكوف.

 

“يسعدني أن أعلن اختياري ستيفن ويتكوف مبعوثاً خاصّاً إلى الشّرق الأوسط”. بهذه العبارة أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترامب تعيين قُطب العقارات ورجل الأعمال ستيفن ويتكوف ضمن فريق إدارته المقبلة.

وصف ترامب ويتكوف بـ”الرجل العظيم والقائد المحترم في مجال الأعمال والأعمال الخيرية”. وأكد أنّه سيكون “صوتاً لا يلين للسلام، وسيجعلنا جميعاً فخورين”.

من هو ستيفن ويتكوف؟

يُعتبرُ ستيفن ويتكوف، المولود سنة 1959 لعائلة يهوديّة، رجلاً شديدَ الولاءِ لترامب. كانَ والده صانعَ معاطِف نسائيّة ولم يكُن من العائلات الغنيّة. وُلِدَ في برونكس أحد أحياء مدينة نيويورك الخمسة ونشأ في لونغ آيلاند.

يُعتبرُ ستيفن ويتكوف، المولود سنة 1959 لعائلة يهوديّة، رجلاً شديدَ الولاءِ لترامب

تخرّج مبعوث ترامب للشّرق الأوسط في جامعة هوفسترا سنة 1980، وكلّية الحقوق التابعة لها في 1983. بعد التّخرّج انضمّ إلى شركة “دراير آند تروب”، وهي شركة محاماة تعمل في مجال العقارات، وكانَ أحد عُملاء الشّركة دونالد ترامب.

أثناء عمله في الشّركة، يذكرُ ويتكوف في إحدى مقابلاته أنّه كانَ يرتدي “الياقات البالية” من متجر “مو جينسبيرج” الشّعبيّ، في إشارة منه إلى أنّ عائلته لم تكُن من الأُسر الميسورة مثل كثيرٍ من العائلات اليهوديّة التي تعيش في مدينة نيويورك.

صارَ ويتكوف صديقاً لترامب في التسعينيات حين كان الرّئيس المُنتخب يبني إمبراطوريته العقارية التي بلغَت قيمتها مليار دولار وكان ترامب يشتري عقارات في مانهاتن.

استطاع ويتكوف، بخبرته القانونيّة وعمله في مجال العقارات، أن يجمَع ثروةً قدّرتها مجلّة “نيوزويك” بأكثر من 500 مليون دولار، وذلكَ بعدما أقدم مع شركاءٍ وعُملاء، تعرّف عليهم أثناء عمله بالمُحاماة، على شراء مبانٍ منخفضة التكلفة في مدينة نيويورك.

امتلكَ ويتكوف أبراجاً عديدة في نيويورك وميامي وشيكاغو ودالاس والعاصمة البريطانية لندن، وباتَ واحداً من أقطاب مجال العِقارات في الولايات المُتّحدة.

صديق ترامب.. ونتنياهو

تطوّرت علاقة ويتكوف بترامب، حتّى صارَ من أبرز الدّاعمين والمُتبرّعين لحملات الرّئيس المُنتخَب. وكان جزءاً أساسيّاً من حملة ترامب منذ خطابه عن “صديقه المقرّب” (أي ويتكوف) في المؤتمر الوطني الجمهوري في تموز الماضي. وساعد في جمع التبرّعات له بين اليهود الأثرياء.

شدّت هواية ترامب المُفضّلة، لعبة “الغولف”، أواصر العلاقة بين ترامب وويتكوف. إذ إنّ المبعوث الجديد إلى الشّرق الأوسط هو شريك ترامب في لعبِ الغولف. حتّى إنّه كانَ برفقته حين أُحبِطَت محاولة لاغتياله قبل أسابيع في فلوريدا أثناء ممارسته اللعبة.

صارَ ويتكوف صديقاً لترامب في التسعينيات حين كان الرّئيس المُنتخب يبني إمبراطوريته العقارية

على عكسِ كثيرٍ من اليهود الأميركيين الذين يُناهضون رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، يُعدّ ستيفن ويتكوف من أشدّ المؤيّدين لنتنياهو. وكانَ من الذين حضروا خطاب نتنياهو أمام الكونغرس في تموز الماضي، وعلّق على الخطاب قائلاً: “شعرت بالروحانية”.

لكنّ اهتمام ويتكوف بدعمِ إسرائيل ونتنياهو لا يعني أنّه ذو خبرة سياسيّة ودبلوماسيّة. إذ إنّ خلفيّة الرّجل في تطوير العقارات والأعمال هي أداته الوحيدة التي سيحملها في جعبته لتفكيك ألغامِ الصّراع الدّامي في الشّرق الأوسط. ولم يسبق له أن مارسَ السّياسة على وجهها الحقيقيّ، وبالتّالي سيكون بمنزلةِ واجهةٍ لمشروع ترامب للسّلام في الشّرق الأوسط القائم على الاقتصادِ قبل السّياسة، وهذا ما قد يُفسّر اختيار ترامب له.

إقرأ أيضاً: تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

لن تكونَ المهمّات سهلة أمام ويتكوف، فنار الحرب تنتشر في الشّرق الأوسط. وأمامه تحدّيات كُبرى وتناقضات سيعمل على محاولة تفكيكها، ومنها محاولة التوفيق بين ولائه لإسرائيل ودفعِ رؤية ترامب للسّلام قُدُماً.

هل ينجح قُطبُ العقارات حيثُ فشِلَ جهابذة السّياسة؟

الإجابة في صفقات ترامب المُقبلة على المنطقة.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@IbrahimRihan2

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…

“اليوم التّالي” مطعّم بنكهة سعوديّة؟

لم يعد خافياً ارتفاع منسوب اهتمام المملكة العربية السعودية بالملفّ اللبناني. باتت المؤشّرات كثيرة، وتشي بأنّ مرحلة جديدة ستطبع العلاقات الثنائية بين البلدين. الأرجح أنّ…