على الأمين العام لـ”الجماعة الإسلامية” الشيخ محمد طقوش أن يدرك ثلاث حقائق:
الأولى: إنّه حتماً ليس الشيخ فيصل المولوي الأمين العالم الطرابلسي وخطيب الجمعة في مساجد بيروت، وحتماً حتماً ليس الشيخ الدكتور فتحي يكن وإن اختلفنا معه في كثير من الأمور، إلا أنّه علمٌ إسلامي تجاوز كلّ الحدود، أو إبراهيم المصري العقل التنظيمي والإداري ودينامو الحركة في كلّ السنوات والعصور، أو علي الشيخ عمّار الإسلامي الذي لم يتخلَّ عن بيئته الصيداوية وزمالاته المدرسيه المتنوّعة بالمذاهب والثقافات والعلوم. فتلك القامات التي أسّست الجماعة الإسلامية في لبنان نجحت بإبقاء خيط واضح فاصل بين تنظيم الإخوان المسلمين الدولي والجماعة الإسلامية في لبنان، فتعايشت الجماعة مع نظام حافظ الأسد في حينه على الرغم من صدام الأخير مع الإخوان في الداخل السوري، وتحديداً في مدينة حماه. ونسجت الجماعة مع تلك القامات تحالفات وصداقات في الساحة السنّيّة والوطنية على قاعدة لا تميل ولا تحيد: “مصلحة لبنان تتقدّم كلّ المصالح”.
الثانية: أنّه ليس حسن نصر الله السُنّيّ ولا يمكنه أن يكون كذلك. فلا البيئة المستهدفة لاحتضانه هي نفسها البيئة التي احتضنت وصنعت حسن نصر الله. ولا هو بمالك للمكوّنات السياسية والأيدلولوجية التي ساهمت بتكوين شخصية نصر الله.
الثالثة: أنّ سُنّة لبنان كبيئة مجتمعية هم بيئة طاردة كارهة للأحزاب والحركات والتجمّعات السياسية تتصرّف على أنّها أمّة لا طائفة وأنّها دولة لا مذهب. لا يمكن لأحد مهما علا شأنه أن يختصرها بحزب أو جماعة. حاول قبل ذلك الكثيرون، منهم مدنيون كعدنان الحكيم مع حزب النجّادة وإبراهيم قليلات مع حركة “المرابطون” وسعد الحريري مع تيّار المستقبل. مع الفارق هنا أنّ سعد نجل الشهيد الأسطوري للسُنّة، رفيق الحريري، ومنهم معمّمون كالشيخ سعيد شعبان مع حركة التوحيد وأحمد الأسير في مسجد بلال بن رباح في صيدا.
سُنّة لبنان كبيئة مجتمعية هم بيئة طاردة كارهة للأحزاب والحركات والتجمّعات السياسية تتصرّف على أنّها أمّة لا طائفة وأنّها دولة لا مذهب
الموكب لا يصنع زعامة
بمزيد من الحزن والأسى ينظر الكثيرون إلى تكوين الزعامة بشكل خاطئ. يباشرون الأمر بأدوات قاصرة ويختصر الكثير منهم الزعامة بالموكب والمرافقين. فيما الحقيقة تقول إنّه لا يمكن لعشرين مسلّحاً ارتدوا لباساً زيتياً موحّداً. واضعين الأقنعة على وجوههم وسمّاعات الهاتف في آذانهم وحاملين أحدث الرشّاشات الأوتوماتيكية أن يصنعوا قيادة أو زعامة عابرة لأمّة وحتى لطائفة كبيرة من الطوائف.
لا يكفي أن يحيط هؤلاء بشخصية ما، دينية أو مدنية، كي تصبح هذه الشخصية زعامة سياسية. قد ينفع ذلك في قرية حدودية أو في وادٍ عميق سحيق. لكن من المؤكّد أنّ الأمر مستحيل النجاح إلى أقصى الحدود على مساحة الوطن ريفاً ومدينةً وزقاقاً ضيّقاً أو شارعاً فسيحاً.
لا يمكن للشيخ محمد طقوش أن يتقمّص أو يستنسخ شخصية حسن نصر الله بشكل المرافقة البشرية وعتاد تلك المرافقة أو بالموكب المترامي الأطراف العابر بسرعة بين القرى والساحات، أو أن يصنع هالة السماحة كما هي الحال مع نصر الله من خلال كتيبة إلكترونية. كي لا نقول جيشاً، تمتهن نشر صوره مذيّلةً بعبارة “كلّ الحبّ لسماحته”.
ورشة داخليّة ملحّة
قيادات الجماعة الإسلامية العاقلة، وهم كُثر يبدأون من النائب الصديق الدكتور عماد الحوت في بيروت وصولاً إلى أعالي الضنّية حيث النائب السابق أسعد هرموش، ونزولاً إلى طرابلس حيث الأمين العام السابق عزام الأيوبي، مطالبون هم وغيرهم بإطلاق ورشة داخلية مقفلة ملحّة بعيداً عن الإعلام يوجد فيها الأمين العام الشيخ محمد طقوش للعمل على رسم الصورة وإيضاحها لكلّ المغامرين داخل الجماعة مهما كان منصبهم ورتبتهم. وللإجابة عن أسئلة ملحّة لا تحتمل تأجيل تقديم الإجابات عنها:
1- إلى أين تأخذون سُنّة لبنان؟
2- هل أنتم شركاء بمشروع شيطنة سُنّة لبنان؟ أم أنتم ضحيّة من ضمن ضحاياه؟
3- ما حقيقة الأوامر التي وُجّهت لكم من تنظيم الإخوان الدولي الذي يدعوكم للانخراط بالمعركة مع حركة حماس بشكل كلّي دعماً وتنسيقاً؟
هل استشارت الجماعة الإسلامية باقي المجموعات الإسلامية اللبنانية، وتحديداً المرجعية الدينية لسُنّة لبنان، أي دار الفتوى؟
4- هل السلاح المتفلّت خلال مراسم التشييع في بيروت وإقليم الخروب والبقاع، وختاماً في عكار. هو سلاح تابع للجماعة مسحوب من مخازنها، أم سلاح غريب لا تعلم عنه الجماعة شيئاً؟
5- من المسؤول عن سقوط هذا الكمّ من الشباب السُّنّي بالغارات الإسرائيلية بسبب قلّة الخبرة في المناورة وضعف الأمن المرافق لعمل هؤلاء الشباب. فأيّ عمل عسكري لا تواكبه منظومة أمنيّة هو انتحار جماعي.
6- هل استشارت الجماعة الإسلامية باقي المجموعات الإسلامية اللبنانية، وتحديداً المرجعية الدينية لسُنّة لبنان. أي دار الفتوى وعلى رأسها مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان؟
7- هل اجتمعت الجماعة الإسلامية مع مجلس المفتين قبل اتّخاذ قرار التورّط بالحرب؟ أم هو قرار فردي تريد الجماعة أن تتّخذه بمفردها وأن يدفع السُّنّة بأكملهم ثمنه؟
8- لماذا اضّطرت الجماعة لإصدار بيانين للاعتذار من الناس على إطلاق النار بداية في بيروت، ومن ثم في عكار، هل لأنّ البيئة السنّية ترفض هذه المظاهر؟
9- الحزب بقيادة نصر الله يخوض مغامرة ولعبة إيران في المنطقة. أنتم كجماعة إسلامية لعبة من تخوضون؟
إقرأ أيضاً: الجماعة الإسلاميّة: أوقفوا المخالفة الشرعيّة
المارد السنّيّ
ما كاد موكب التشييع يصل عكار نهار الأحد الفائت. حتى خرج أحد المواقع الإلكترونية بمقالة عنوانها “المارد السنّيّ يستيقظ في الشمال”. فسارع أحد الإعلاميين المقرّبين من الحزب إلى توزيع المقال على شكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هناك من يريد للشيطان السُنّيّ أن يستيقظ وليس المارد.
عند السُّنّة ليس من مارد ولا فانوس. عند السُّنّة منطق الدولة والمؤسّسات. المنطق الذي أقرّه الأوّلون وسار عليه التابعون.
لمتابعة الكاتب على X: