مثَلُ الأمين العامّ للجماعة الإسلامية الشيخ محمد طقّوش كمثل عبد الله بن مرثد الثقفيّ. الذي عمد إلى قطع حبال الجسر بسيفه في موقعة الجسر بين جيش المسلمين والجيش الفارسي صارخاً: “والله لا يفِرُّ المسلمون من المعركة. قاتلوا حتى تموتوا على ما مات عليه أميركم”. فتسبّب بمقتل الآلاف من جيش المسلمين. فاستدعاه قائد الجيش المثنّى بن حارثة، وعمد إلى ضربه وهو يقول له: “ماذا فعلت بالمسلمين؟”. فقال: “إنّي أردت أن لا يفرّ أحدٌ من المعركة”. فقال له المثنّى: إنّ هذا ليس بفرار”.
طقّوش هو المسؤول
يسقط سلسلة من الشهداء للجماعة الإسلامية يوماً بعد يوم في المواجهات المفترضة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الجنوبية. وضمن استهدافات بعيدة عن الحدود، من الضاحية الجنوبية لبيروت، وصولاً إلى بلدة الصويري في البقاع الغربي. قرار المشاركة في الحرب اتّخذه الشيخ محمد طقّوش. إن لم يكن منفرداً فهو المسؤول بحكم موقعه على رأس الأمانة العامّة للجماعة عن هذا القرار سياسياً وشرعيّاً.
ما حصل بالأمس في بلدة الهبّارية الحدودية من مجزرة. ذهب ضحيّتها ما يقارب عشرة من الشباب المنتسب أو القريب من الجماعة الإسلاميّة. يشكّل فضيحة كبرى، لا بل مخالفة شرعية لا لبس ولا نقاش فيها. لقد قامت فكرة الجهاد والقتال في الإسلام على آيتين كريمتين من القرآن الكريم. الأولى في الآية 71 من سورة النساء: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعًا﴾. والثانية في الآية 60 من سورة الأنفال: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾.
طقّوش وجماعته لا يعبثون بمصير الجماعة الإسلاميّة كتنظيم سياسي أو ميليشيا عسكرية وحسب، بل يعبثون بواقع سنّة لبنان، وهنا مكمن الكلام
الآيتان الشرطيّتان للجهاد والقتال، غير موجودتين في أداء وعمل الجماعة الإسلاميّة في المواجهة مع إسرائيل. وتحديداً في مجزرة الهبّارية تغيب الآيتان. أيّ تدبير وحنكة عسكرية وأمنيّة يسمحان لما يزيد على 15 شابّاً بالتجمّع في مبنى واحد معروفة تبعيّته للجماعة في قرية حدودية وعرضة للقصف في أيّ لحظة. ما هي المدرسة الأمنيّة التي تقول بإرسال عشرات الشباب. الذين معظمهم من حمَلة الشهادات الجامعية ومتفوّقون في دراستهم. إلى الجبهة دون تدريب محترف، ودون تجهيزات متطوّرة. لكي يواجهوا التقنيّة الإسرائيلية العالية في الرصد والاستهداف بالنيّة الصالحة والقلوب البيض فقط لا غير.
ماذا يريد طقّوش؟
ما ترتكبه الجماعة الإسلاميّة وأمينها العام محمد طقّوش مخالفة شرعية يُسألان عنها يوم القيامة. أرواح الشباب اللبناني المسلم السُنّيّ ليست مُسخّرة للمغامرات والمراهقات العسكرية. ولا هي مُسخّرة للأجندات الخارجية، مهما كان نوعها ولغتها وشكلها.
قرار المشاركة في الحرب اتّخذه الشيخ محمد طقّوش. إن لم يكن منفرداً فهو المسؤول بحكم موقعه على رأس الأمانة العامّة للجماعة عن هذا القرار
لقد حان الوقت للجماعة الإسلامية قيادة وكوادر، التحرّك العاجل والفاعل. يجب إيقاف هذه المجزرة، المرتكبة بحقّ الشباب، وتحديداً بحقّ سُنّة لبنان. تداعيات مغامرة كهذه غير محسوبة كبيرة الهول على واقع السُّنّة في لبنان ومآلاتهم السياسية. كلّنا مع غزة. أرواحنا وأموالنا ودماؤنا فداء لغزّة. لكن أرشدونا إلى الطريق الصحيح لمساندة غزة والشعب الفلسطيني. هذه المساندة فرض عين علينا جميعاً. لكنّ الانتحار المجّاني جريمة يحاسب عليها القانون ومخالفة شرعية للدين وأحكامه القرآنية. لم توقف مشاركة الجماعة الإسلاميّة في هذه الحرب العبثيّة العدوان على أهلنا في غزة. لم تمنع هذه المشاركة الموت عن أطفال فلسطين. ولم تُطعم الجياع في رفح. ولم توفّر قبّة الحماية لمستشفى الشفاء والنساء اللواتي اغتُصبن فيه.
لقد شكّلت انتخابات مجلس شورى الجماعة الإسلاميّة الأخيرة انتصاراً لجناح حركة حماس. وتحديداً جناح يحيى السنوار الذي عمد في حينه بشكل مباشر إلى التدخّل في سير العملية الانتخابية. التي انتهت بطقّوش، رئيس جهاز أمن الجماعة سابقاً في بيروت، أميناً عامّاً للتنظيم بأكمله.
إقرأ أيضاً: صفا والإمارات: “الحزب” يطرق علناً أبواب الخليج..
طقّوش وجماعته لا يعبثون بمصير الجماعة الإسلاميّة كتنظيم سياسي أو ميليشيا عسكرية وحسب، بل يعبثون بواقع سنّة لبنان، وهنا مكمن الكلام.
لمتابعة الكاتب على X: