بو تفليقة لبنان.. والصعود إلى الهاوية

مدة القراءة 3 د


تسرّبت أخبار عن حالة إرباك في القصر الجمهوري، وعن عودة السيدة كلودين عون للظهور فيه، بعد أن غابت لأشهر عدة ماضية، على خلفية الصراع داخل عائلة الرئيس ميشال عون، والذي انفجر وخرج إلى العلن، عبر مواقف واضحة للسيدة كلودين من “صهر الجمهورية” الوزير جبران باسيل، بعد هجومه على زوجها العميد شامل روكز من قصر بعبدا.

ليس موضوعنا تلك العلاقات الشائكة داخل العائلة العونية، بل هو تدهور صحّة الرئيس عون في الأيام القليلة الماضية، وتواتر الأنباء عن تعرّضه لأكثر من حادث نتيجة فقدانه التوازن وتعرّضه للسقوط أرضاً، كما حصل خلال مشاركته في القمة العربية، الأمر الذي دفع إلى “استنفارٍ” طبي في الفريق الرئاسي وإحاطة عون بعناية مركزة.

وبحسب مصدر موثوق، فإنّ عون تعرّض لحوادث وقوع الأسبوع الماضي.

في البعد الإنساني، لا يمكن سوى إبداء التعاطف والإحترام لإنسانٍ في هذا العمر، فضلاً عن كونه يشغل موقع رئاسة الجمهورية. ولكن أيضاً لأنّه يشغل هذا الموقع، يبرز تساؤل عن مدى قدرته صحّياً وإدراكياً على ممارسة مهامه الرئاسية، وبالتالي، ما مدى دقّة ما يصدر من قرارات عن بعبدا، وهل الرئيس عون هو فعلاً من يقرّر، أم أنّ الصهر جبران الذي أشرف على مقابلاته الإعلامية، يشرف أيضاً على قراراته السياسية والإقتصادية؟

تمكّن الرئيس عون من تفجير الثورة بفضل صهره جبران الذي دأب على تعطيل الدولة من أجله

هل يجوز إبقاء مقاليد الرئاسة في حالة ضياع ومخاوف؟ أم يجب تحديد لجنة طبية نيابية تكشف على وضع الرئيس وتحدّد حالته الراهنة، وتضع اللبنانيين أمام الحقيقة، وأمام ما يجب فعله، إنسانياً ودستورياً.

مكث الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بو تفليقة في آخر ولايته الرئاسية بضع سنوات في كرسيّ متحرك، كواجهة لإدارة أخرى، ولم يخرج إلا بثورةٍ عارمة لا تزال مستمرّة رغم تنظيم انتخاباتٍ رئاسية، في إطار الصراع الدائر بين الدولة العميقة وبين الشعب الجزائري.
وفي لبنان، تمكّن الرئيس عون من تفجير الثورة بفضل صهره جبران الذي دأب على تعطيل الدولة من أجله، فضلاً عن العوامل الأخرى الدافعة للثورة، فهل تتحرّك المبادرة لإخراج الحكم من حالة عدم التوازن السائدة، أم يستمرّ السقوط المتمادي أخلاقياً وسياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وإنسانياً؟

سيعتبر “الجبرانيون” هذا الكلام إساءة إلى مقام الرئاسة، لكنّنا نؤكد الإحترام للشخص والموقع، ونوضح أنّ ما نتحدث عنه ينطلق من باب التساؤل المشروع، سياسياً ودستورياً، خصوصاً أنّ الرئيس عون طرف حادّ في الصراع السياسيّ وكان وصولُه مكلفاً جداً، ونخشى ألاّ ينتهي عهده إلاّ بـ”الصعود إلى الهاوية”.

مواضيع ذات صلة

من “إسناد غزّة”… إلى “إسناد لبنان”

أكثر من أيّ وقت، يبدو مطلوباً “إسناد لبنان” بدل “إسناد غزّة”. لا يعني ذلك تجاهل المأساة التي يشهدها القطاع الذي عملت إسرائيل على إزالته من…

السّعوديّة في رؤيتها الجديدة: أدوار كثيرة بين متخاصمين

لم يكن السقف المرتفع الذي وضعه وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول القضية الفلسطينية بالأمر العابر أو البسيط. وهو بالتأكيد ليس موقفاً عاطفياً…

الخطّة الإسرائيليّة لسوريا الجديدة

هناك قلق تركي واضح من احتمال بروز اصطفاف إقليمي جديد في التعامل مع الملفّ السوري يتعارض مع مصالح أنقرة وحساباتها. ما يقود إلى قناعة بهذا…

… لكي نُخرج أنفسنا من حلقة الدّمار والموت

“ولي بين الضلوع دم ولحم     هما الواهي الذي ثكل الشبابا ولو خلقت قلوب من حديد        لما حملت كما حمل العذابا وكلّ بساط عيش سوف يطوى  …